لماذا لا تتأمل مصرك. هل يعجبك حالها. يعجبك أو لا يعجبك. لن يغير من الأمر شيئاً. فهى مصرك أولاً وأخيراً.
هى مصرك بالمماليك. هى نفسها بمحمد على حتى فاروق الأول. هى نفسها بجمال عبدالناصر. الجمهورية الأولى مروراً بالسادات ومبارك. قفزاً على فترة مرسى. وصولاً إلى الجمهورية الثانية التى بدأها السيسى.. مصرك ارتفعت فى أمور وانخفضت فى أمور. ما سر انكفائها. ما سر تراجعها؟
■ ■ ■
فى أى عهد وكل وقت. لن أشكك فى وطنية مَن رأس مصر. كل منهم كان يظن أنه يملكها بمن فيها. إذاً لا تشكيك فى نوايا المالك. التشكيك هو فى أساليب الإدارة. قد تسألنى ما دليلك. لن أذكر أسماء. ولكن ألم تروا فى رجال الأعمال مثلاً. أعنى أثرياء- كبارا- أشهر رجال الأعمال. ورثوا الملايين أو فازوا بالملايين ثم تدهور حالهم. أفلسوا- وإذ بالبنوك والديانة يطاردونهم- حتى هربوا من بلدهم- أو هاجروا إلى زوايا الوحدة والنسيان. وحدة ونسيان حتى وهم موجودون وسط الناس.
المشكلة فى الإدارة إذاً. وما الإدارة. هى القرارات التالية لتقدير الموقف. الخطأ فى تقدير الموقف. يؤدى إلى قرار فيه خراب.
فى مصر كيف نقدر موقفنا. هل هو مبنى على أبحاث. معلومات. أبداً والله. هو كله مبنى على هواجس. الكون كله يتآمر علينا. على لغتنا- على ثقافتنا- على ديننا- على أرضنا- على استقلالنا.
■ ■ ■
الهواجس حتى فيما بيننا. هؤلاء فلول. وهؤلاء إخوان. وهؤلاء طابور خامس. وهؤلاء ليسوا على هوانا. كثيرون هم مَن هاجروا البلاد لهذا السبب. كثيرون هم مَن تم إقصاؤهم. كثيرون هم الكفاءات فى تخصصاتهم. جميعهم فى قوائم العزل غير المكتوبة. على الرغم من حاجتنا إليهم جميعاً. أى أوضاع يمكن أن نستفيد إذاً؟! الأوهام أصبحت تطاردنا فى كل مكان. مصر مستهدفة. شعباً وأرضاً. جواً وبراً وبحراً. علماء وأميين. شبابا وعواجيز. كيف يمكن أن تقيم الأمور بهذا الشكل. كيف يمكن أن تنهض. كيف يمكن أن تنتج. الهواجس تحيط بنا فى كل المجالات. المخاوف تهدد أى اجتهاد. نحن نعيش فى حالة حرب. أو هكذا نتصور. الأزمة محصورة فى مساحة 50 كيلو مربعا. يفصلها فى العاصمة مئات الكيلومترات.
■ ■ ■
بدأنا القرارات فى الصغيرة والكبيرة. ضد عملاء الإمبريالية العالمية. ضد الأعداء. طردنا أجانب. كل الأجانب الذين يعيشون فى مصر. بعد أن تخلصنا منهم. بدأنا فى مطاردة أعداء الداخل. بالحراسات والتأميمات. حتى طالت تمصير جميع المدارس الأجنبية فى مصر. كلها لم تكن تهدف الربح. استبدلت الآن بمدارس تهدف للتجارة. بناء عليه وقف التملك للمستثمرين الأجانب. بناء عليه وقفت التنمية فى سيناء. الهواجس طالت الفواكه الجديدة المستحدثة. الفواكه مسرطنة. أصبحنا نخاف الجوافة ونتقى شر الفراولة الشريرة.
■ ■ ■
بناء عليه كان التحفز تجاه أمريكا. تجاه الغرب عموماً. الخوف من إسرائيل طوال الوقت. الخوف من الزيجات الأجنبية. الخوف من الجنسية المزدوجة. الهاجس أصبح فى البيوت. لم يتوقف لدى المكاتب الإدارية فقط.
ما نمر به مرت به بلاد عديدة. النماذج فى ذلك من إقليم الباسك فى إسبانيا. إلى أيرلندا فى المملكة المتحدة. إلى تايوان وجمهورية الصين الشعبية. التنمية لم تتوقف أبداً. التطور مستمر. الأزمات كانت دائماً على هامش العمل. لم تقف أبداً حجر عثرة. هكذا يجب أن نتعلم.