أكد الكاتب والمؤرخ الأمريكي روبرت كاجان أن الاتفاق النووي الإيراني هزيل في كثير من النواحي، وأن الجمهوريين وبعض الديمقراطيين المنتقدين له هم محقون في ذلك.
إلا أن كاجان استدرك قائلا -في مقال نشرته، الأحد، صحيفة واشنطن بوست- «إن الكلام سهل ورخيص وهو الملاذ المفضل لأعضاء الكونجرس لا سيما المعارضة ومرشحي الرئاسة».
ورأى الكاتب الأمريكي أن «منتقدي الاتفاق النووي لهم كل الحق في التحذير من التحدي الخطير الذي ستفرضه إيران: الباحثة عن هيمنة في منطقة مهمة من العالم، والمنغمسة في حرب تطوق المنطقة شاملة سوريا والعراق ولبنان ودول الخليج والأراضي الفلسطينية، والمساندة لنظام الأسد وإن كان ينهار، ومن ثم فهي تتحمل المسؤولية الرئيسية في توسع تنظيم داعش وغيره من القوى الجهادية المتطرفة في سوريا وجارتها العراق، حيث ينمو نفوذها وتتأجج نيران الفتنة الطائفية، المدعمة لجماعة حزب الله وحركة حماس، المرابطتين في مواجهة حليف أمريكي، وكلتاهما تعمل بالوكالة لصالح النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا وفلسطين- وعليه فإذا ما حازت إيران أسلحة نووية، أو حتى اقتربت من ذلك، فإن قوتها الإقليمية ستزداد، كما أن قدرتها على مقاومة الضغوط الخارجية ستزداد بالتبعية».
وأضاف كاجان «هذا كله صواب، وهو أيضا ليس جديدا، فالتحدي المتزايد الذي تفرضه إيران مطروح منذ سنوات، ولم تكن الاستراتيجية الموضوعة للإبقاء على إيران تحت السيطرة تتضمن عنصرا آخر غير بذل الجهد للحيلولة دون حيازة إيران سلاح نووي.. مع أن أية استراتيجية جادة تهدف لمقاومة النفوذ الإيراني كان لا بد أن تتضمن مواجهة إيران على العديد من الجبهات في ساحة الشرق الأوسط: ففي سوريا كان الأمر يتطلب أن تكون هناك سياسة حاسمة للإطاحة بالأسد بالقوة، عبر استخدام قوة جوية أمريكية لتوفير حماية للمدنيين وتهيئة منطقة آمنة للسوريين الراغبين في القتال .
وفي العراق كان الأمر يتطلب استخدام قوات أمريكية لصد وتدمير جحافل تنظيم داعش بدلا من الاعتماد على قوة إيرانية في تنفيذ هذه المهمة- وبشكل عام فقد كانت هذه الاستراتيجية التزاما عسكريا أمريكيا أكبر إزاء الشرق الأوسط، على عكس ما شهدته القوة الأمريكية من انسحاب نظري وتطبيقي من المنطقة، وما تبع ذلك من انخفاض معدل الإنفاق الدفاعي الأمريكي على نحو بات يتعذر معه على الجيش الأمريكي مجابهة أمثال تلك التحديات إذا ما دعا إلى ذلك داع«.
وفى ضوء ذلك،يرى الكاتب الأمريكى أن «السؤال الموجه الآن للجمهوريين المحقين في التحذير من خطر إيران الداهم هو: ماذا فعلتم أنتم حتى تتمكن أمريكا من البدء في تبني استراتيجية لمجابهة هذا الخطر؟. بالعودة إلى عام 2013، عندما كان الرئيس أوباما يفكر في شن غارات جوية ضد قوات الأسد ردا على استخدام الأخير أسلحة كيماوية، نهض نواب جمهوريون بارزون بعضهم الآن مرشح للرئاسة، وأعلنوا رفضهم مثل هذه الخطوة من جانب إدارة أوباما ضد الأسد والتي كانت ستعتبر أول خطوة حقيقة على صعيد الإطاحة بنظام الأسد وبـإيران بالتبعية من سوريا».
وأضاف كاجان متسائلا «وماذا عن العراق، عندما لم يُبد غير عدد ضئيل للغاية من الجمهوريين استعداده للإقرار بأنه دونما التزام بوجود قوات برية أمريكية، فمن المستحيل إخراج تنظيم داعش، وبدون هذا الجهد لن تتمكن أي قوة من التقدم في العراق غير قوى داعش وإيران».
وأخيرا، وهو الأهم، يقول كاجان، «إن مقدرة أمريكا على فعل أي شيء حيال التهديدات الراهنة في الشرق الأوسط تتناقص يوما بعد يوم، وفي الوقت الذي تتنامى فيه القوى الصينية، والروسية، والهيمنة الإيرانية، فإن الجمهوريين المسيطريين على الكونجرس يدعمون تقليص ميزانية الدفاع رغم تواتر التحذيرات من وزراء دفاع متعاقبين ورؤساء هيئة أركان مشتركة وقادة بارزين آخرين في الجيش الذي هو على وشك تسريح نحو 40 ألف جندي من قوته الفاعلة».
واختتم الكاتب والمؤرخ الأمريكي قائلا إنه يحق للجمهوريين انتقاد الاتفاق النووي، لكنه سيكون من الصعب أخذ انتقاداتهم هذه مأخذ الجدّ إذا هم لم يبدأوا في عمل ما بوسعهم للشروع في مجابهة التحدي.