في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسمونها «الزنزانة»، إنها غرفة ضيقة في أسفل منشآت الوكالة الدولية، في فيينا، تتضمن المعدات، التي يستخدمها المفتشون للتأكد من وفاء الدول بالتزاماتها النووية.
في هذه الغرفة وضعت المعدات المتطورة التي ستتيح لعناصر المؤسسة الأممية التأكد من وفاء إيران بالالتزامات، التي نص عليها الاتفاق التاريخي، الذي تم التوصل إليه، الثلاثاء، في فيينا مع القوى الكبرى.
وعلى جدران «الزنزانة»، التي نصبت كاميرات داخل علب معدنية زرقاء تسمح بتسجيل صور المواقع النووية التي تقوم الوكالة الذرية بتفتيشها، وهذه الكاميرات غير متوافرة في السوق، وصنعت خصيصا للوكالة، أما المشاهد، التي تلتقطها فلا يمكن تزويرها، على غرار الأختام الإلكترونية، التي يمكن وضعها على التجهيزات النووية.
وثمة معدات أخرى بالغة التطور، بعضها لم يستعمل بعد، تقيس على سبيل المثال نسبة اليورانيوم الغازي في أجهزة الطرد المركزي، والذي يتيح صنع قنبلة نووية في حال تخصيبه بدرجة عالية.
ولدى الخروج من المكان، يستذكر المرء عبارات مدير الوكالة الذرية، يوكيا أمانو، الذي قال إن الوكالة ستكون من دون شك «عيني وأذني المجتمع الدولي» في إيران، لكن كل المعدات المتطورة لا تساوي شيئا من دون الإمكانات البشرية.
وحاليا، تنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحاضرة في المواقع النووية الإيرانية ما بين أربعة وعشرة مفتشين على الأرض، غير أن مهمة الوكالة ستتسع بعد توقيع الاتفاق ما دامت ستفتش مواقع أخرى.
ويشمل هذا الأمر مواقع عسكرية قد تكون أجرت فيها إيران اختبارات تقليدية يمكن تطبيقها على برنامج نووي.
واحدى المهمات الأساسية للوكالة هي كشف حقيقة البعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني، ورغم نفيها هذا الأمر، يشتبه بأن طهران أجرت أبحاثا سرية، حتى 2003، وربما بعده من أجل برنامج نووي عسكري.
وتريد الوكالة الذرية مقابلة العلماء والاطلاع على الوثائق ومعاينة المواقع التي يشتبه بأنها على صلة بتلك الأبحاث.
وعلق دبلوماسي غربي: «لن نؤدي دور رعاة البقر كما حصل في العراق ولن نطالب الإيرانيين بالادلاء باعترافات، ولكن علينا أن نسلط الضوء على الماضي من أجل ترسيخ الثقة بالمستقبل».
كذلك، ستهتم الوكالة الذرية بأجهزة الطرد المركزي، تلك الالات التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على أن تخفض في شكل كبير عدد أجهزتها ووضعها تحت إشراف الوكالة الذرية.
وعلى الوكالة الأممية أن تتحقق ايضا من تقليص مخزون اليورانيوم الضعيف التخصيب وتغيير وظيفة مفاعل «أراك».
واعتبر المفتش السابق، توماس شيا، أن على الوكالة أن تعول ربما على أجهزة استخبارات أجنبية أو معارضين إيرانيين.
وقال شيا، في تقرير لحساب الجمعية الأمريكية لمراقبة الأسلحة: «إذا أرادت طهران أن تملك مجددا معدات سرية، فقد تحاول إخفاءها في المواقع الصناعية، المستشفيات، المراكز التجارية أو داخل قواعد عسكرية».
والوكالة الذرية التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 1957، بهدف تشجيع تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية وحازت جائزة «نوبل» للسلام 2005، يعتبرها البعض في إيران «بؤرة للجواسيس ومنظمة غير محايدة»، لكن مصدرا دبلوماسيا يؤكد أن العلاقات مع طهران تحسنت منذ عامين، وأوضح مصدر دبلوماسي أخر أن تنفيذ الاتفاق سيتطلب جهدا كبيرا شاملا من جانب المؤسسة، التي تبلغ موازنتها السنوية 350 مليون يورو.
وكان أمانو نبه، في مايو، إلى أن عملية الوكالة في إيران «ستكون الأكثر أهمية» مع ما تستدعيه من عنصر بشري وتمويل ومعدات، مذكرا بأن تنفيذ الاتفاق المرحلي الذي تم التوصل اليه بين طهران والدول الكبرى، في نوفمبر 2013، بلغت كلفته الشهرية مليون يورو.