x

مي عزام «ربيع شعبان عبدالعال» هل يعرفه الرئيس؟ مي عزام الأحد 12-07-2015 13:39


ثلاث عمليات إرهابية لا يفصل بينها سوى أيام معدودات، الأولى تستهدف الدولة، والثانية جيشها، والثالثة صورتها أمام العالم، الضحايا جميعهم مصريون، ولكن في الموت كما في الحياة، تطل الفوارق الطبقية برأسها، الضحية الأولى كان محامي الشعب المستشار هشام بركات، ممثل الدولة، جنازة مهيبة أقيمت في جامع 7 نجوم، المعزون رجالات الدولة والأكابر يتقدمهم السيسي وحكومته وبالطبع بينهم أسرة الفقيد ومعارفه، حداد رسمي وتوعد رئاسي بالقصاص وسرعة في إصدار قانون مكافحة الإرهاب، ساعات وكانت الضربة الثانية للإرهاب في الشيخ زويد، سقط 17 شهيدًا من رجال الجيش غير المصابين، كان رد فعل الرئيس السيسي سريعًا، زيارة ميدانية للجيش في سيناء، خلع البدلة والكرافت وارتدى الزي العسكري، رسالة واضحة، تؤكد أنه كان ومازال مقاتلًا مثلهم وواحدًا منهم، أيام وجاءت الضربة الثالثة في قلب القاهرة، واستهدفت القنصلية الإيطالية ومحيطها، منطقة الإسعاف وشارع 26 يوليو المكتظ بالباعة الجائلين، سقط عدد من الجرحى وقتل شخص واحد، مصري يُدعى «ربيع شعبان عبدالعال».

لم تنعه رئاسة الجمهورية ولم يُعزّ أهله الرئيس أو أي أحد من وزراء حكومته، ولم تعلن الحداد على واحد من الشعب... عارف ليه؟؟ لأن عندنا منه كتير.

«ربيع شعبان عبدالعال» لا أنا ولا أنت نعرفه، أتذكره لأن اسمه منشور في الخبر، ربما قرأت أنت الخبر ولم يعلق اسمه بذاكرتك، نشرات الأخبار ستذكره كرقم في شريط الأخبار السريعة المتغير على مدار الساعة، ملايين مثله يموتون كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية ولا يعلم أحد عنهم شيئًا، فما أكثرهم، ليسوا سوى «ملح الأرض».

«ربيع شعبان عبدالعال» الحالة: أعزب، التعليم: حاصل على دبلوم معهد فني تجاري، السن: 26 سنة، العمل: بائع متجول، العنوان: قرية النزلة محافظة الفيوم، بيانات يمكن أن تستقيها من بطاقة الرقم القومي، «ربيع شعبان عبدالعال» الإنسان لم يُكتب عنه شيء، لا أحد يعرف ولا أحد يهمه أن يعرف ماذا كانت أحلامه وكيف كان سلوكه وأين كان يعيش في القاهرة وما هي وجبة السحور التي تناولها قبل ساعات من مقتله؟؟ تقرير مفروض على الصحفي أن يكتبه، موجز سريع عن «ربيع شعبان عبدالعال»، ويا حبذا لو ذهب الصحفي ومعه مصور لقريته، صورتان على كلمتين من معارفه، وبالطبع لن ينسى الصحفي أن يسأل أهل القرية عن مشاعرهم تجاه الإرهابيين الجبناء والإخوان الشياطين ودمتم.

«ربيع شعبان عبدالعال» مثل آلاف الشباب المصري الذي يرحل عن مسقط رأسه بحثًا عن الرزق في أي مكان، في القاهرة أو طرابلس أو حتى بغداد، أكل العيش مُر، ربما أنت وأنا يا سيدي لا نعرف شيئًا عن هذه المرارة ولم نذقها من قبل، ولكن ذلك يجب ألا يقف عثرة أمام تخيلها.

«ربيع شعبان عبدالعال» كان يساعد أسرته، فأبوه مسن، كان يعمل فرّانًا ومع تقدمه في السن لم يعد قادرًا على هذا العمل الشاق ولازم المنزل، والأم ربة منزل، والأشقاء بعضهم يؤدي الخدمة العسكرية في جيش مصر والبعض في التعليم، طبقًا لما ورد في الأخبار المنشورة.

«ربيع شعبان عبدالعال» بعد أن أنهى دراسته وحصل على الدبلوم وعلق الشهادة على الحيطة، لم يجد مفرًّا من أن يفعل مثل أقرانه الذين سبقوه في النزول للقاهرة للعمل بها، أي عمل شريف والسلام، يساعد به نفسه وأسرته، ولو كان بياع سريح، المهم حين ينزل قريته كل فترة، يكون معه ما يضعه في كف أبيه العجوز.

«ربيع شعبان عبدالعال» الابن الخامس بين 9 أبناء لوالديه، عائلة كبيرة وحمل تقيل، كان حلمه أن يوسع الله رزقه في تلك الأيام المباركة، كان يحلم ككل شاب في سنه بالستر والصحة وبنت الحلال، ومن تحقيق هذه الأحلام المشروعة كان يجتهد في عمله، يفرش بضاعته كل يوم من الصباح الباكر وحتى المساء، ثم يجمع الباقي ويحمله على ظهره، كل يوم على هذه الحال.

ربيع شعبان عبدالعال... يسألك من قبره سؤالًا بريئًا: مين هيصرف على أبويا والعيال؟ لا تتسرع وتجيب: وأنا مالي، الدولة كفيلة به. لا يا أهل مصر، هذا دورنا في الفترة القادمة... مشوارنا مع الإرهاب طويل، وضحاياه من البسطاء سيكون طابورًا طويلًا ويمكن أن أكون أنا أو أنت من بين الواقفين فيه، وعلينا أن نفكر من الآن كيف نكفل أسر الضحايا من بسطاء مصر، يجب أن نفكر في تأسيس صندوق لمساعدتهم ولا نكتفى بترديد «ما شربتش من نيلها؟! طيب جربت تغني لها؟» كفايانا غناء ولنبدأ العمل.. وللحديث بقية بإذن الله.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية