كتب الأستاذ سليمان الحكيم فى «المصرى اليوم» الأحد 5/7/2015: أكذوبة الشعب المتدين بطبعه، يقول: استخدام الدين مبرراً للقتل والاغتيال السياسى هو اختراع مصرى بامتياز، وليس ظاهرة حديثة ابتدعتها جماعة الإخوان المسلمين، فالمصريون هم الذين قتلوا عثمان بن عفان المبشر بالجنة! لقد عبدوا الخنافس والجعارين والكلاب، ولم يتركوا دابة على الأرض إلا عبدوها... إلخ انتهى ما يهمنى من مقالة أ. سليمان الحكيم.
وقبل أن أبدأ أرجو أ. سليمان أن يقرأ المقالة الملاصقة لمقالته بقلم الأستاذ أحمد الشهاوى: القتل اغتيالاً فى الإسلام، وكأن المنسق العبقرى للمقالات، وضع هذه رداً على تلك وسؤالى للأستاذ سليمان:
حين أجمع أهل الحل والعقد على الخلاص من عثمان بن عفان، إما عزلاً فى رأى أهل الحجى أو قتلاً فى رأى أهل الضراب، هل كانوا مصريين؟! هل كانت عائشة رضى الله عنها، والتى وصل الأمر بها إلى الدعوة الصريحة لقتل عثمان، وكانت تقول: اقتلوا نعثلا.. لعن الله نعثلاً «عبقرية الإمام على ص99- العقاد» هل كانت عائشة مصرية؟! هل كان محمد بن أبى بكر أخو عائشة مصرياً حين كان أول الطاعنين لذى النورين عثمان بن عفان؟ هل كان أسلم بن أوس، وأبوحية المازنى من المصريين حين منعوا حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم من دفن عثمان فى مقابر المسلمين، فدفنوه فى حش كوكب «مقابر اليهود»؟!
هل من خطف السيف من يد عثمان وكسره نصفين، ومن قذفه بالحجارة وهو على المنبر.. هل كانا من المصريين؟!
لماذا لم يأمر معاوية بحرق مصرى واحد فى بطن حمار ميت كما فعل مع قاتل خاله عثمان ألا وهو محمد بن أبى بكر، حتى إن أخته عائشة ظلت لا تذوق الشواء بعد هذا العنف الوحشى! طوال عمرها!
الحقيقة المرَّة يا أستاذ سليمان هى غياب العدالة الاجتماعية فى حكم عثمان، يقول ابن سعد بسنده: الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 76، كان لعثمان بن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم «30 مليوناً»، وخمسمائة ألف درهم، ومائة ألف دينار، وألف بعير بالربذة... إلخ وحتى نعرف قيمة النقد فى ذلك الزمان يقول المسعودى «مروج الذهب ص343» عن عمر بن الخطاب «حج فأنفق فى ذهابه ومجيئه إلى المدينة 16 ديناراً فقال لولده عبدالله: لقد أسرفنا فى نفقتنا فى سفرنا هذا».
هل الذى سمم أبوبكر وطبيبه الحارث بن كلدة فماتا فى يوم واحد كان مصرياً؟ وهل أبولؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب كان مصرياً، وعبدالرحمن بن ملجم قاتل الإمام على بن أبى طالب هل كان مصرياً؟ وهل حروب الردة والفتنة الكبرى.. كان المصريون وراءها؟! لم أر ظلماً لتاريخنا يشبه هذا الظلم، ولم أر تقصيراً فى الاطلاع على تاريخنا الإسلامى يشبه هذا التقصير يا أستاذ سليمان.
أما قولك يا أستاذ حكيم عن عبادة الخنافس والجعارين والكلاب!! عليك القرآن الكريم: واذكر فى الكتاب إدريس.. إنه كان صديقاً نبياً «مريم 56» «هو أول رسول 5500 ق.م»، يقول القفطى «أخبار العلماء ص1» إدريس عليه السلام وُلد فى مصر وكان المصريون يسمونه هرمس، والخضر، ولقمان كانا مصريين.
يقول العقاد فى كتابه «الله» وصل المصريون القدماء إلى التوحيد، وثروت عكاشة: فكرة التوحيد مصر مصدرها، وعبدالعزيز صالح: عبدت مصر الإله الواحد الذى لا شريك له، وماسبيرو: هام المصريون بحب الله، هو الأصل والفرع لكل شىء، وكورت زيته، فكرة التوحيد كانت فى مصر منذ الأسرة الأولى، وويل ديورانت: مصر هى أول من دعت إلى التوحيد، أما هنرى بروجش: كانت عقيدة مصر هى قمة القمم فى التوحيد، ويأتى مصرى وحكيم يقول: كانوا يعبدون حشرات وكلاب!! اقرأ يا صاحبى معاجم آلان جاردنر، عبدالحليم نورالدين، ستعرف أن كلمات دين، صوم، حج، ماعون، آخرة، حساب، موت، منية.. كلها، كلمات مصرية قديمة.
إن كارين شوبارت عمدة برلين الحالية قالت: كيف كان سيكون شكل العالم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة! كان المصرى فى محاكمة الروح يقول: لم أكن سبباً فى دموع إنسان أو شقاء حيوان، كما لم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه ماء! إن عالم المصريات والاس بادج يقول: نحن فى حاجة إلى قرن أو اثنين من الزمان حتى نصل لهذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية! أما عبادة الحشرات.. فلا تصدق كلام اليهود والجهلاء ويكفى أن كبيرهم سيجموند فرويد، يقول فى كتابه موسى والتوحيد: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية القديمة! ما تراه اليوم هو بثور على جلد مصر البهية لا تلبث أن تزول، ولكن ثق يا أستاذ حكيم أنه من أرضنا هل الإيمان والدين منذ الفراعنة وحتى يوم الدين.