x

محمد كمال مصر لن تصبح العراق أو الجزائر محمد كمال الأحد 05-07-2015 21:37


يردد بعض المحللين الغربيين وأنصار الإسلام السياسى عبارات مثل أن الأوضاع فى مصر على بعد خطوات من سوريا والعراق، أو أن السيناريو الجزائرى الذى بدأ عام 1992 فى إطار الصراع بين الجيش والجماعات الإسلامية ووصفه البعض بالحرب الأهلية مرشح للتكرار فى مصر. دوافع ترديد هذه الدعاوى معروفة وتستهدف رسم صورة قاتمة للأوضاع بالبلاد، ولكن الغريب أن بعض أنصار التيار المدنى يستخدم هو الآخر تعبيرات مثل الحرب الأهلية لوصف صراعه مع التيار الإسلامى.

التشبيه بأوضاع العراق وسوريا والجزائر والحديث عن سيناريو الحرب الأهلية بمصر منافٍ للحقيقة ويعبر عن جهل كبير للأسباب التالية:

أولا: التركيبة السياسية والسكانية لمصر تختلف عن تلك الدول، فمصر أمة متجانسة، وأقدم دولة بالمنطقة العربية، بل تكاد تكون الدولة القومية الوحيدة بها، بمعنى أن لها حدودا معروفة منذ آلاف السنين، وتبلورت فى إطارها هوية وطنية تجمع بين غالبية أبنائها حتى مع انتماءاتهم الدينية المختلفة. على العكس من ذلك فدول مثل العراق وسوريا حديثة النشأة، وصنع الاستعمار حدودها، وجمعت داخل هذه الحدود بين فئات وطوائف غير متجانسة، لم تفلح الدولة فى خلق هوية مشتركة بينها، وعندما زالت القبضة الحديدية التى عاشت تحتها، عادت هذه الفئات إلى انتمائها الدينى أو العرقى أو الطائفى، ودخلت فى صراع فيما بينها واختفى الانتماء للدولة (أشار استطلاع حديث للرأى العام أجرى فى العراق أن 40% من سكانها فقط يشيرون لأنفسهم على أنهم عراقيون).

ثانيا: الجيش المصرى هو انعكاس لهذه الهوية الوطنية، ولم يكن يوما جيشا طائفيا كما فى العراق (سنيا فى عهد صدام حسين وشيعيا بعد الإطاحة به) أو علويا كما فى سوريا، أو مرتبطا بحزب سياسى كما كان فى الجزائر مع جبهة التحرير الوطنى. على سبيل المثال فشل الجيش العراقى منذ عدة أسابيع فى منع سقوط مدينة الرمادى فى أيدى تنظيم داعش، وأشارت التقارير إلى أنه تبخّر فى مواجهة داعش لأنه فقد إرادة القتال من أجل العراق رغم المليارات التى أُنفقت على تجهيزه فى السنوات الأخيرة. وقد علق أحد المحللين على ذلك بالقول إنه مازال بالعراق الكثيرون الذين يمتلكون إرادة وشجاعة القتال، ولكنّهم لا يريدون أن يقاتلوا من أجل العراق، الأكراد يقاتلون من أجل كردستان، والشيعة من أجل أبناء طائفتهم، وجانب من السنة يقاتل من أجل داعش، لكن لا أحد لديه إرادة الحرب من أجل العراق.

الجيش المصرى بالتأكيد مختلف، ولن أتحدث هنا عن قدراته أو مهاراته القتالية، ولكن الأهم هو عقيدته الوطنية التى لن تسمح لأى جماعة إرهابية داخلية أو خارجية بأن تسيطر أو تفرض نفوذها أو ترفع أعلامها على أى شبر من أرض الوطن، ومهما كان حجم التضحيات.

ظاهرة الإرهاب قد تمتد لفترة من الزمن، وتتطلب استخدام كافة الأدوات للتعامل معها من قوة السلاح إلى قوة الفكر والسياسة، ويقينى أن مصر ستخرج منتصرة من هذه المعركة كما فعلت من قبل. وحديث أعدائها عن الحرب الأهلية أو تكرار تجارب العراق أو الجزائر هو من باب التمنى الذى لن يتحقق بفضل صلابة الوطنية المصرية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية