الخطورة الحقيقية فى قضية أفيخاى أدرعى، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، تظهر تماماً بعد أحداث الشيخ زويد الأخيرة، التى أسفرت عن 17 شهيداً من أبطال الجيش المصرى، إذ يغدو الجيش الإسرائيلى مصدراً لمعلومات يتداولها العامة من المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ويتفاعل معها فى ظل غياب معلومات كثيرة عما حدث، أو لإظهار الجيش الإسرائيلى فى صورة العارف بكواليس الأمور، الواثق من نفسه، المستعد لمثل تلك الأمور، والإيعاز بحالة خفية من التشكيك فى جيشنا الوطنى، مع تكرار قلب الحقائق والمصطلحات الراسخة فى الوعى المصرى.
أفيخاى فعل تلك الأمور بنحو 5 تدوينات نشرها أمس الأول عبر «فيس بوك» بعد الحادث، الأولى: فى التأكيد قبل إعلان الجيش المصرى لمتهمين فى الحادث أن حماس متورطة فى الأمر، وهو ما حاز أكثر من ألفى إعجاب و600 مشاركة من متابعيه، والثانى بتأكيده نفس الأمر عبر قناة «الجزيرة» التى حاولت تصوير الأمر وكأنه عملية احتلال جديدة يفقد فيها الجيش السيطرة على الأمور، والثالثة بنشر تدوينة بعنوان «مقتل مخرب فلسطينى عمره 17 عاماً فى القدس كان يلقى حجارة»، فى محاولة دؤوبة لتغيير المصطلحات والمفاهيم، وإظهار أنهم – كدولة قائمة على الاحتلال – يعانون من العناصر التخريبية مثلما نعانى نحن، لا من سكان أصليين تتضاءل أرضهم باستمرار، بالإضافة لإظهار الجيش الإسرائيلى فى مظهر الواثق، فهو لم يتهاون فى قتل فلسطينى لمجرد أنه رفع حجراً، مش مدافع هاون و«آر بى جى» وعربيات لاندكروزر، ثم التأكيد على تلك الجاهزية بتدوينة نشرها عن غلق طريق حدودى حفاظاً على سلامة مواطنيه بعد الأحداث الأخيرة، والأخيرة ابتسم فيها وهو يقول «جمعة مباركة ورمضان مبارك».
قد تكون عناصر إرهابية بالفعل شاركت مع عدد من الحركات مثل حماس، الأمر غير مستبعد، لكن لا تقنعنى بأن أفيخاى بقناعته الطائفية الدينية لا يلهث خلف شبر أرض من سيناء، خاصة أن جيشه أغار على تلك الأرض قبل 50 عاماً، مثلما أغار على مساحات أخرى من الدول العربية التى لم يخرج منها إلى الآن، بينما خرج مدحوراً هو وجيشه ليراقب الأمر من تلك الحدود القريبة محاولاً صرف النظر تجاه عدو آخر – قد يكون موجوداً بالفعل – لكن حتى فى ظل وجوده فإن تلك «العركة» تلقى هوى فى نفس إسرائيل، وتحقق منها مصالح قد توازى مصالح احتلالها للأرض بالفعل.. نوع من الإنهاك المستمر والتشتيت وتكوين قاعدة تستطيع أن تضغط على زر الإعجاب حين يتمنى لنا صوماً مقبولاً.