ينتشر الاعتقاد السائد أن لبعض أنواع النباتات مثل البروكولي والجرجير والزنجبيل دورا فعالا في مكافحة السرطان، فكثيرا ما تتحدث وسائل الإعلام عن دور هذه الأعشاب في الحدّ من نمو الأورام الخبيثة. والسؤال ما مدى صحة هذه الاعتقادات؟
حتى الآن ليس هناك نتائج مؤكدة حول صحة هذه الاعتقادات، وهو ما أكدته سوزانة فيغ ريمرس من المركز الألماني لأبحاث السرطان في هايدلبرغ لموقع «فوكوس» الألماني، إذ قالت «تكثر التصريحات بشأن الخضروات ودورها في مكافحة السرطان، ولكن ذلك لم يؤكد تماما».
في الآونة الأخيرة، أظهرت دراسة أن الزنجبيل يساهم في القضاء على الخلايا السرطانية، بشكل أفضل من العلاج الكيميائي. فضلا عن أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن أبحاث جديدة لجامعة «شاوث داكوتا» تقول فيها أن الأطعمة التي تحتوي على مادة «أيزوثيوسيانتس» والمؤلفة من الأكسجين والكبريت والغلوكوز، يمكنها تنشيط أنزيمات تثبط نمو الخلايا السرطانية وتقاوم الخلايا المؤهلة للإصابة بالسرطان. ومن المعروف أن مادة «الايزوثيوسيانيتس» توجد في البروكولي وخضروات أخرى من نفس الفئة مثل الملفوف والقرنبيط والجرجير.
بيد أن هذا الاكتشاف لازال موضع جدل كبير، والسبب هو أنه بعد العلاج الأولي للخلايا السرطانية، من الممكن أن يتشكل نسيج خبيث من الخلايا السرطانية النائمة. ومن الصعب الوصول إلى هذه الأنسجة بالعلاج الكيماوي أو الشعاعي.
في الواقع أثبتت العديد من الدراسات أن مادة «الإيزوثيوسيانتس» يمكن أن تمنع نمو الخلايا السرطانية، إذ من المفترض للمركب الكيماوي الطبيعي المضاد للأكسدة والمعروف بـ «سلوفورفان» الكيمياوي- وهو عبارة عن إيزوثيانات موجودة في الخضروات مثل البروكلي والقرنبيط- أن يقضي على الخلايا السرطانية.
لابد من التعامل بحذر مع هذه المعلومات، فهي غالبا ما تعود إلى دراسات أجريت في المختبر. ما يعني أن الباحثين اختبروا تأثير المادة بزرعها في أطباق الاختبار في المختبر ولم يتم اختبارها على المريض نفسه. ما يعني أن الأبحاث مازالت في بدايتها، ومعرفة تأثير نتائجها على الإنسان ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى الكثير من الوقت.
فحتى الآن لا يوجد سوى عدد قليل من الدراسات التي تظهر تأثير هذه المركبات على الإنسان وهو ما تؤكده الباحثة سوزانه فيغ ريمرس، ما يعني أنه حتى يتم استخدام هذه المواد على شكل مركبات دوائية للوقاية من السرطان، فإن ذلك يحتاج إلى وقت طويل.
وحتى الآن لا يعرف الباحثون تماما الآثار الجانبية الخطيرة لاستخدام هذه المركبات على مرضى السرطان، وما إذا كانت تؤدي إلى حدوث تفاعلات معقدة في الجسم. ما يعني أن استخدام «الإيزوثيوسانات» على شكل حبوب قرنبيط لمكافحة السرطان مازال بعيدا.
كما أن الدارسات لا يمكنها أن تؤكد حتى الآن ما إذا كان اعتماد نظام غذائي يحتوي على الكثير من الزنجبيل والملفوف مفيدا كعلاج إضافي إلى جانب العلاج الكيميائي، على حدّ اعتبار فيغ ريمرس.
ولكن المؤكد هو أن اتباع نظام غذائي صحي يمكن أن يكون تأثيره على مرضى السرطان أكثر فعالية من العلاج الكيمائي.
وجدير بالذكر أن دراسة مركز (epic) الأوروبي حول العلاقة بين السرطان والتغذية توصلت إلى أن الألياف والأسماك تقلل من مخاطر الإصابة بسرطان القولون، بينما تزيد اللحوم الحمراء ومنتجات النقانق من خطر الإصابة بالسرطان.
كما أظهرت الدراسة أن تناول الفواكه والخضروات لا يؤثر على عوامل خطرالإصابة بسرطان الثدي والبروستات، فضلا عن أن المثابرة على ممارسة هذه السلوكيات الأربعة والمتمثلة بعدم التدخين، وعدم تناول المشروبات الكحولية، وممارسة الرياضة، وتناول الفواكه خمس مرات في اليوم، تقي من تطور مرض السرطان.