x

عزت القمحاوي بين ضابط يعتقل المفطرين وآخر يدلى بحوار! عزت القمحاوي الإثنين 29-06-2015 21:46


عند إزاحة الإخوان كانت الامتحانات فى معظم المدارس والجامعات قد انتهت للتو. ومر بعدها عامان دراسيان بما فيهما من دروس خصوصية ترهق أولياء الأمور وتختتم بحصص مراجعة باهظة الثمن قبل الامتحانات. وقد تطورت أساليب الغش خلال السنتين، إلى درجة جعلت التعليم الصورى المهلهل ينحدر إلى مستوى المزحة.

ومع ذلك، فإن آلية الامتحان موجودة وتُجرى فى مواعيدها، بينما لم تدخل مصر امتحانها السياسى، لأن مقرر جرائم الإخوان يتوسع، بشكل يجعل المراجعة عملية مستحيلة؛ فالشعب (التلميذ المُفترض) ينسى الجرائم الأولى كلما أضيفت إلى مقرره الدراسى فصول باتهامات جديدة. ومن الواضح أن تضخيم مقرر «مادة الإخوان» يتم بوعى شديد، بهدف ترحيل الامتحان إلى أجل غير مسمى.

امتحان المستقبل يجرى تجاهله بتكبر وانعدام فطنة، فلن يتحمل أحد تأجيل إصلاح التعليم والصحة، ولن يصبر التلميذ المُفترض على اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء، ولن يصبر على إدارة ملفقة، يلعب موظفوها على هواهم، ويرتكبون الممارسات التى نعيبها على الإخوان، كالاتجار بالدين. ولنتأمل خبر قيام قوة من مباحث المرور بإلقاء القبض على 25 مفطرًا الأسبوع الماضى فى التجمع الخامس. ضابط المرور الذى لديه مهام أخرى، برر القبض على المفطرين بأن «تناولهم الطعام تسبب فى إثارة مشاعر الآخرين». لماذا تنجرح مشاعر الصائم الذى يمارس عبادته عن اقتناع عندما يرى مفطرًا؟!.. الأهم من ذلك أن مهام ضابط المرور محددة. ولا يوجد قانون يبيح اعتقال المفطر، والدين يبيح إفطار المريض والمسافر، بالإضافة إلى المسيحيين شركاء الوطن الذين لهم حق الإفطار، فهم يصومون صيامهم، ولا يجرح مشاعرهم أن يأكل المسلمون أمامهم ما يصومون عنه.

هذا التجاوز يرتكبه ضباط شرطة سنويًا، بما يؤكد أن امتحاننا المؤجل ليس تجديد الخطاب الدينى؛ بل تجديد بناء دولة القانون، ليعرف كل مواطن حدوده عندما يمارس السياسة أو الإرهاب ويعرف كل موظف حدود وظيفته.

عقاب المفطرين دون سند قانونى السبت الماضى، سبقه حوار مثير للواء وليد النمر المسؤول السابق بالمخابرات الحربية نشرته جريدة «الوطن» الخميس، لم يكن بالمادة المناسبة لتسلية الصائمين.

وتصف منى مدكور محررة الحوار فى مقدمتها المجهود الذى بذلته لإقناع اللواء المنتمى إلى «جهاز سيادى» بالموافقة على التحدث. وصف الجهاز بـ«السيادى» مبالغة تلتقى مع مضمون الحوار الذى يوسع مجال عمل الأمن الحربى ليتعدى الجيش إلى المجال المدنى بكل تعقيداته.

السيد اللواء الذى اقتنع بالتحدث إلى الصحيفة، لم ينس أن ينوه فى ثنايا الحوار إلى أن الأمن الحربى لا يتدخل فى الحياة السياسية، لكنه مع ذلك عاد وتحدث عن أشياء سياسية رهيبة، منها أن أحمد شفيق كان الفائز بانتخابات 2012، وأن الإخوان ضالعون فى إرهاب الثمانينيات.

والسؤال لابد أن يطرح نفسه: من الذى يتحمل مسؤولية تزوير إرادة الناخبين الذين اختاروا رجل البنبونى ووضع مندوب الجماعة الإرهابية على كرسى الرئاسة؟ وكيف لا يُحاكم مبارك وأركان حكمه بتهمة التعاون مع جماعة إرهابية، عقدوا معها شراكة سياسية، تضمنت صفقات توزيع الدوائر فى الانتخابات على مدى دورات متعددة.

هكذا فإن السيد اللواء بمساهمته فى جهود إرباك التلميذ المفترض (الشعب) لتأجيل امتحان المستقبل؛ أوجد من حيث لا يدرى ضرورة أخلاقية وقانونية لإعادة امتحان الماضى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية