x

يوم الصحافة المؤثرة: فى أفريقيا.. الفئران تطارد الألغام وبكتيريا السل

الأحد 21-06-2015 11:42 | كتب: اخبار |
منظمة بلجيكية تحاول تغيير هذا الفيوم منظمة بلجيكية تحاول تغيير هذا الفيوم تصوير : اخبار

بقلم: تيس أبوت ومساهمة سونغا وا سونغا

فى العام 1995، كان مصمّم منتجات يُدعى بارت ويتجنس يبحث فى مسألة الألغام الأرضيّة فى أفريقيا، إلى أن صادف مقالاً عن الاستعانة بـ«الجرابيع» لرصد المتفجّرات. والواقع أنّه كان قد اقتنى قوارض فى صغره، وعرف بقوّة حاسّة شمّها وذكائها وقدرتها على التعلّم. واليوم، اقتنع بقدرة الجرذان على تسهيل عمليات نزع الألغام. وبالتالى، قرّر تطوير منظمة «أبوبو»، من خلال شراكة عقدها مع «جامعة سوكوان للعلوم الزراعيّة» فى موروغورو.

وتتلقّى جرذان منظّمة «أبوبو» الراصدة للألغام الأرضيّة تدريبها اليومى على أرض شاسعة فى حرم الجامعة، بعد أن يتمّ تزويدها بأحزمة صغيرة معلّقة بحبال. ويبدأ التدريب باكراً فى الساعة السابعة صباحاً، كى لا تتعرّض لأشعّة الشمس الحارقة. وفى سياق التدريب، يسيّر الموجّهون الجرذان وسط إشارات، وتتوقّف وتخدش الأرض ما إن ترصد رائحة مادّة الـ«تى إن تى». وكلّما رصدت أهدافها، تمّت مكافأتها بوجبة سريعة. واللافت أنّ هذه الجرذان العملاقة، التى لا يتعدّى وزنها إجمالاً الكيلوجرام الواحد، خفيفة للغاية ليتسنّى لها تفجير الألغام، بعكس الكلاب، ناهيك عن كونها شديدة التركيز، حيث إنّ «جرذاً واحداً يستطيع إزالة الألغام من 200 متر مربّع فى ظرف 20 دقيقة فقط، فى مهمّة يستغرق إنجازها 25 ساعة بالنسبة إلى بشر يحملون أجهزة رصد معادن»، بحسب ما قال لورانس كومبانى المشرف على التدريب.

خلال تسعة أشهر من التدريب، تخضع الجرذان لاختبارات عدّة، قبل أن يتمّ نقلها إلى حقول ألغام فعليّة. ولا شكّ فى أنّ هذه الطريقة بالغة الفاعليّة، إذ تفيد منظّمة «أبوبو» أنّه منذ العام 2006، ساعدت جرذانها على إزالة الألغام الأرضيّة من 18 مليون متر مربّع من الأراضى فى موزمبيق، وأنجولا، وتايلاند، وكمبوديا، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، علماً بأنّ التخلّص الآمن من المتفجّرات لا يسمح فقط بإنقاذ حياة الناس، بل أيضاً بجعل الأراضى صالحة للاستعمال مجدداً، فيتسنّى بالتالى تمكين المجتمعات المحلّية منها.

منذ العام 2007، تعمل جرذان «أبوبو» أيضاً على رصد مرض السل. ووجد «ويتجنس» مصدر إلهامه لهذه المبادرة فيما كان يتمعّن فى اللفظة الهولندية لمفردة السل، وهى «تيرينغ»، التى تشير إلى رائحة القطران، مع الإشارة إلى أنّ البشر، أنفسهم، تلفتهم رائحة معيّنة لمرض السلّ فى مراحله الأخيرة. وفى هذا الصدد، تذكّر تعليقات جدّه على جار مصاب بالسّل، حيث قال عنه إنّه «يعبق برائحة السل».

وتفيد «منظّمة الصحّة العالميّة» بأنّ تسعة ملايين نسمة يصابون بالسلّ سنوياً، وبأنّ أنظمة الرعاية الصحّية غافلة عن ثلثهم، علماً بأنّ المرضى الذين لم يتمّ تشخيصهم قد ينقلون العدوى عبر الجو إلى الآخرين، وبأنّ هذا السلّ قد يفتك بالمريض إن بقى بلا علاج.

بدأت اختبارات رصد السلّ فى العام 2002، وفى أعقاب اختبار تجريبى ناجح، ضمنت «أبوبو» تمويلاً أوّلياً للمشروع من «البنك الدولى». وفى الوقت الراهن، تجمع «أبوبو» عيّنات من 24 عيادة فى موروغورو ودار السلام. وقد تمّ استنساخ برنامجها هذا منذ سنتين دولة موزمبيق، التى تأثرت بشدّة من الانتشار السريع للسل، وأعلنت حالة طوارئ وطنية فى العام 2006.

فى عمر لا يتعدّى الخمسة أسابيع، بدأ الجرذ فيديك، و30 من رفاقه الجرذان الراصدة للسلّ، بتعلّم كيفيّة الربط بين رصد الرائحة من جهة، وصوت طقطقة وجائزة غذائية من جهة أخرى، علماً بأنّ عيّنات السل التى تعمل عليها المنظّمة معقّمة بطريقة تمنع تأثير مسببات المرض الضارّة، ولكن من دون أن تزول رائحة السل. وبعد أن يشير الجرذ فيديك إلى العيّنات الإيجابيّة- عبر توقّفه وخدشه حفرة معيّنة- يعاد فحص العيّنات المذكورة مجهريّاً. وفى هذا الإطار، شرح فيديليس جون المشرف على التدريب قائلاً «من الضرورى أن تكون الإشارة قوية جدّاً، ولا بدّ للخدش أن يستمر لفترة تتراوح بين ثلاث وخمس ثوانٍ». وأكّد أنّ جرذاً واحداً يستطيع تفحّص 70 عيّنة فى غضون عشر دقائق، أى أسرع من وتيرة عمل خبير مختبر تقنى يلجأ إلى الفحص المجهرى المعيارى. وتستطيع الجرذان العمل بشكل فعّال لمدّة سبع سنوات تقريباً.

تصرّ «أبوبو» أنّ نظام التكنولوجيا المنخفضة الذى تستعمله مستدام ورخيص التكلفة، ولا يشمل النفقات الزائدة التى تنتج عادةً عن التجهيزات المكلفة، أو الكيميائيات أو الصيانة. (وبالتالى، يستطيع أفراد من القطاع الخاص المساعدة على تمويل عملية تدريب هذه الجرذان البطلة ورعايتها، عن طريق برنامج تبنٍّ افتراضى).

فى الوقت الراهن، تخضع «أبوبو» لاختبارات دقّة، فى محاولة منها لإقناع «منظّمة الصحّة العالميّة» بضرورة المصادقة على التكنولوجيا المذكورة. وتزعم المنظّمة منذ الآن بأنّها رصدت 39 فى المائة من الحالات التى اعتُبِرت سلبيّة فى الأساس، من خلال عملية مسح لعيادات الرعاية الصحية، وتمكّنت من تشخيص نحو 1412 حالة فى العام 2014 وحده.

وفى هذا الصدد، لفت هارونى رمضانى، المشرف على النوعيّة قائلاً إنّ «المتفطّرة السلّية قد تبقى بمنأى عن عدسة المجهر، ولكنّه يستحيل إخفاء الرائحة المنبعثة منها عن الجرذان». وتستطيع أنوف الجرذان الثاقبة أن تصنع فرقاً بين الحياة والموت. وفى وقت سابق من السنة الجارية، كان ناتشو شومارى يسعل باستمرار، ويعانى آلاماً فى القفص الصدرى، وقد خسر وزناً وارتفعت حرارته. ويذكر قائلاً «إنّ الأطبّاء شكّوا فى إصابته بالسل ولكنّ نتائج الفحوص جاءت كلّها سلبيّة». وبسبب عجزه عن توفير لقمة العيش لأسرته، شعرت أمّه وشقيقته بالمرض، بسبب الجوع.

وفى فبراير الماضى، تلقّى شومارى، الذى أنهكه المرض وبقى فى سريره، ما وصفه بـ«الاتصال الهاتفى المثير للدهشة»، الذى وصله من متطوّع فى منظّمة لرصد المرضى تعمل بالتعاون مع «أبوبو». وأعلمه بأنّ الجرذان مسحت عيّنة بصاقه وتبيّن أنّها تحمل المرض. وفى اليوم ذاته، بدأ يتناول أدوية مضادة للسل. وقال فرحاً: «انظروا إلىّ الآن».

للمزيد من المعلومات

موقع الإنترنت: https://www.apopo.org/en/

الفيديو: http://www.sparknews.com/en/video/bart-weetjens-how-i-taught-rats-sniff-out-land-mines

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية