وصل الإهمال وتردى الأوضاع مداه، داخل مركز أورام طنطا، رغم أنه واحد من أكبر مراكز علاج الأورام فى مصر بعد المركز القومى للأورام. جهات رقابية وقضائية رصدت وجود مخالفات مالية وإدارية وتلاعب بآمال المرضى فى الشفاء، إلى جانب بيع أكياس الدم للمرضى دون إجراء تحاليل فيروسات، ما يمثل خطرًا على حياتهم المرضى.
وحصلت «المصرى اليوم» على مستندات بها أختام على بياض، منها ما هو متعلق بالمخازن، لنقل و«تكهين» الأجهزة والمعدات دون رقيب، ومستند خاص بالشؤون الإدارية لتحرير الشهادات والأوراق، ما يمثل تزويرا فى أوراق رسمية.
ويرصد تقرير ـ بين أيدينا ـ للجهاز المركزى للمحاسبات، وجود مخالفات مالية وإدارية بالمركز، منها إهدار مبلغ 2 مليون و470 ألفا و194 جنيها من موازنته، ومبلغ 847 ألفا 389 جنيها من صندوق تحسين الخدمة، بسبب التعاقد مع مركز أشعة خاص بعد تعمد المسؤولين عدم اتخاذ إجراءات إصلاح جهاز الأشعة المقطعية بالمركز.
وذكر التقرير المخالفات التى شابت التعاقد مع مركز «خالد ديوان» للأشعة، وشركة «بيديكال» وكيل صيانة جهاز الأشعة المقطعية، نتيجة تراخى الشركة فى إصلاح الجهاز، وعدم خصم 18 ألف جنيه من حساب شركة الصيانة كغرامة تأخير عن إصلاح الجهاز بالمخالفة لشروط التعاقد.
وأكد التقرير أن المسؤولين بالمركز تعاقدوا مع مركز خالد ديوان للأشعة التشخيصية دون وجود مبرر لعدم وجود عروض أسعار ومحاضر ترسية للحصول على أفضل الشروط والأسعار بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، وبلغت قيمة استحقاق مركز الأشعة الخاص أكثر من 100 ألف جنيه شهريا.
وأشار التقرير إلى أنه تبين من الفحص أنه تم التعاقد مع مركز خالد ديوان بقائمة أسعار متفق عليها، وعلى أن يكون أسعار الفحوصات التى خارج القائمة طبقا لأسعار المؤسسة العلاجية، وأن هذا البند لم يتم تنفيذه وأن المركز الخاص رفع أسعار الأشعة بفارق كبير بينه وبين أسعار المؤسسة العلاجية، وتبين أن المركز متعاقد مع المركز منذ عام 2010 لإجراء أشعة الرنين، لعدم توافر جهاز أشعة للرنين، وتحويل جميع حالات الأشعة المقطعية لنفس المركز منذ عام 2013 لتعمد تعطيل جهاز الأشعة المقطعية وعدم إجراء الصيانة له.
وحصلت «المصرى اليوم» على مستند يثبت تلقى المركز عرضا من أحد مراكز الأشعة بطنطا يتساوى مع العرض المقدم من المركز الذى تم التعاقد معه، ويقدم عرضا بخصم 1% فى حالة التساوى، ويوجد فى نفس المكان الذى يوجد به المركز بمدينة طنطا، ورغم فارق السعر ووجود مركز «خالد ديوان» بالمحلة إلا أنه تم التعاقد معه، ما يمثل تحميل أعباء على المرضى لاضطرارهم للذهاب من طنطا إلى المحلة لإجراء الأشعة وهو ما يثير العديد من التساؤلات؟.
وأوصى التقرير بإجراء التحقيق اللازم فى تلك المخالفات، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال هذا التعاقد مع المركز الخاص تطبيقا لأحكام المزايدات والمناقصات، وبحث أسباب عدم توافر جهاز أشعة رنين والعمل على توفيره لأداء الخدمات المطلوبة، وتوفير تلك المبالغ المستنفذة طرف المركز المتعاقد معه، والعمل على إصلاح جهاز الأشعة المقطعية للاستفادة منه فى الغرض المشترى من أجله. وأضاف التقرير: إن التعاقد مع مركز أشعة خارجية وإرسال المرضى إليه، أدى إلى عدم تقديم الخدمة العلاجية على الوجه الأمثل وارتفاع التكلفة.
ورصد التقرير إهدار 186 ألفا و650 جنيها من موازنة المركز، قيمة أدوية ومطبوعات تستخدم فى العلاج بالقسم الاقتصادى، حيث قام المسؤولون بشراء الأدوية للقسم الاقتصادى من شركة «فايزر» من مصروفات الباب الثانى للموازنة العامة، بدلا من أن يتم تحميلها على صندوق تحسين الخدمة، حتى لا يتم التأثير على النسبة التى يحصل عليها القائمون على المركز، وطالب التقرير برد المبلغ من حساب صندوق تحسين الخدمات إلى حساب الموازنة.
وأكدت مصادر طبية من داخل المركز لـ«المصرى اليوم» أن المركز يتلقى تبرعات من الكثيرين، لتوفير بعض الأدوية للمرضى غير القادرين، وذلك لثقتهم الكبيرة فى المسؤولين بالمركز، إلا أنه تم ضبط العديد من حالات التبرع دون تحرير إيصالات رسمية بالمبالغ التى تم تحصيلها، ودون تحديد قيمة المبلغ، ما أثار الريبة والشك، مع وجود دفتر يتم تسجيل فيه تلك الأمور دون تحديد المبالغ ويوقع عليه أفراد من الإدارة، وبعد فضح ما يجرى تم تحويل الأمر إلى النيابة الإدارية، ويتولى التفتيش الفنى بالنيابة التحقيق فى الأمر.
وكشفت النيابة الإدارية إنشاء وحدة دم بدون ترخيص داخل المركز، واستقبال متبرعين، برغم وجود تعاقد مع بنك الدم الإقليمى بطنطا لتوفير احتياجات المركز من الدم، وتم تحويل الأمر إلى المحكمة التأديبية التى أقرت بأن الأمر مخالفة مالية وإدارية، وحولت القائم على بنك الدم إلى المحكمة التأديبية، وأدانت مدير المركز بالمجازاة الإدارية، لعدم سيره فى إجراءات ترخيص وحدة بنك الدم بمعمل التحاليل وسماحه باستقبال متبرعين للدم حال أنها وحدة تخزين فقط مخالفا القانون والتعليمات.
وأكدت المصادر الطبية أن القائمين على وحدة تخزين الدم يقومون باستقبال المتبرعين حتى الآن، ويبيعون الدم للمرضى مع عدم إجراء تحاليل الفيروسات لعدم توافر الأجهزة اللازمة لذلك، ما يمثل إهمالا جسيما فى حق المرضى ويعرض حياتهم للخطر، بالرغم من توفير بنك الدم الإقليمى للكميات التى يطلبها المركز.
وأضافت المصادر أن مدير المركز قام بصرف مبلغ 24 ألف جنيه حافز «القيادة والإشراف» من أموال صندوق تحسين الخدمة، ومن الموازنة وهو ما يمثل مخالفة للقانون، مع صرف أموال الموازنة فى غير اختصاصها، والإبقاء على أموال صندوق تحسين الخدمة لعدم التأثير على نسبة الحوافز والمكافآت.
وطالب أطباء المركز فى شكوى تقدموا بها إلى الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، بإقالة مدير المركز ونوابه، ووصفوهم بالإدارة غير الكفء وتسعى وراء المصلحة الشخصية، مؤكدين تدنى مستوى الجراحة بالمركز ووصلت إلى 6 عمليات يوميا وهناك أيام لا يتم إجراء عمليات بالمركز وذلك بسبب سحب المرضى للعيادات الخاصة وإجراء العمليات بمبالغ طائلة.
وأكد الأطباء أن مدير المركز يتعمد إهدار المال العام ويقوم بإنفاق أموال طائلة على تنظيم المؤتمرات، فى الوقت الذى يعانى فيه المركز من أزمة مالية، وعدم سداد مليون و860 ألفا مستحقات متأخرة لشركات الأدوية، ما يهدد بتوقف توريد تلك الشركات للأدوية اللازمة لعلاج المرضى غير القادرين بالمركز.
وحرر مجموعة من الأطباء بالمركز بلاغ رقم 6797 إدارى أول طنطا بقسم طنطا أول يتهم مدير المركز بالتهديد بالإيذاء واستئجار بلطجية للتعدى عليهم وتحرير بلاغات ومحاضر كيدية ضدهم بهدف إرهابهم ووقفهم عن مواجهة فساده وكشف المخالفات المتورط فيها هو وإدارته.
والجدير بالذكر أن الدكتور أحمد محيى القاصد رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، كان قرر فى إبريل الماضى مجازاة مدير المركز الدكتور عصام الشيخ ووجه إليه «إنذارا» لاستخدامه سيارة المركز فى أغراض خاصة.
ويستمر مسلسل انتهاكات مدير المركز للقواعد والقانون فى الواقعة المعروفة إعلاميا بـ«سيدة الرصيف» التى تم طردها من المركز دون إجراء الجراحة بعد انتظارها داخل المركز 5 أيام، وإيجاد متبرع للدم بعد إخبارها بعدم وجود دم، إلا أنها لم تجر العملية وتم طردها، لتجلس على الرصيف أمام بوابة المركز، وحررت محضرا بقسم اول طنطا، برقم 77 بتاريخ 20/5/2015 بالواقعة.
ومن جانبه يقول الدكتور عصام الشيخ مدير المركز إن ما يحدث محاولة من بعض الأشخاص لهدم المركز، مؤكدا أنه تقدم أكثر من مرة لإنشاء بنك دم إلا أن وزارة الصحة رفضت ذلك لأن مبنى المركز غير مؤهل لذلك.
وحول قبول متبرعين للدم نفى الشيخ ذلك، وقال إن المتبرعين يذهبون إلى سيارة الإسعاف التابعة للمركز الإقليمى للدم وهذا يتناقض مع ما جاء فى قرار النيابة الإدارية.
وحول واقعة التعاقد مع مركز خالد ديوان للأشعة دون إجراء مناقصة قال إن هذا التعاقد تم قبل توليه المركز بسنوات عديدة لعدم وجود جهاز رنين واستمر العمل على ذلك.