x

سليمان جودة مصر بلد لا نستحقه! سليمان جودة الخميس 18-06-2015 22:47


تمول اليونان تليفزيون الدولة من جيب المواطن، فتفرض رسماً لصالح التليفزيون على كل فاتورة كهرباء، وهو رسم كانت قيمته 4.25 يورو قبل عامين، ولكنه أصبح ابتداءً من هذا الشهر 3 يورو فقط.

ما معنى هذا؟!.. معناه أن الدولة هناك تقدم خدمة للمواطن من خلال الشاشة الحكومية، ولكنها لا تقدمها مجاناً، لأنه لا توجد خدمة عامة مجانية فى أى دولة، ولأن المواطن إذا لم يدفع تكلفتها فإن الدولة تدفعها، ولا بديل آخر!

فما معنى هذا للمرة الثانية؟!.. معناه أنك فى العاصمة أثينا، تدفع كمواطن فى سبيل خدمة تليفزيونية مضمونة سوف تأتى إليك حيث أنت، وبجودة عالية!

فماذا يحدث عندنا فى المقابل؟!.. هات آخر فاتورة كهرباء تم تحصيلها منك، وسوف تجد أن فيها بنداً ثابتاً مدفوعاً من جيبك، اسمه بند النظافة، وسوف تكتشف إذا سألت عدداً من معارفك، أو جيرانك، أنه بند مختلف من حيث قيمته، من فاتورة إلى أخرى، وأنه يدور حول 9 جنيهات فى الغالب!

أنت، وهو، وأنا، ندفع هذا المبلغ، أو أقل منه، أو أكثر، شهرياً، فى سبيل أن يجرى إنفاقه على النظافة العامة، وأن نمشى جميعاً فى النهاية، فى شوارع وميادين نظيفة تليق بنا، وأن نرى ما ندفعه منعكساً فى كل متر من أى شارع.. فهل نرى ذلك متحققاً فى شوارعنا؟!

قبل أسبوع من الآن، جاء صديق عربى إلى القاهرة، وكان أن ذهب إلى الزمالك، حيث يملك شقة هناك، وكان أن عاد يسألنى فى ألم: ماذا جرى للزمالك؟!.. لم أفهم ماذا يقصد فى البداية، فسألته بدورى عما يقصد، فقال إنه غاب عن القاهرة عدة شهور، ولم يكن يتخيل أن يعود ليجد واحداً من أرقى أحيائها بهذه القذارة!

لم أعرف بماذا أجيب، لأنى أعرف أن ما يقوله صحيح، ولأن حى الزمالك الآن، على مستوى نظافة شوارعه فقط، ليس هو أبداً حى الزمالك الذى لما أراد كاتبنا الكبير الراحل محمود السعدنى أن يدلل ذات يوم على مدى نظافته وهدوئه زمان، قال إن المصريين كانوا يدخلونه بجواز سفر!

ولو توقف الأمر مع صديقى العربى عند هذا الحد، لهان الأمر، ولكنه عندما ذهب إلى المعادى أحزنه جداً أن يجد شوارعها على ما هى عليه، وكان إذا مر على الطريق الدائرى، مثلاً، حدثنى مذهولاً من موبايله، وهو يسألنى: مَنْ المسؤول عن ترك أكوام القمامة على جانبيه هكذا؟!

ولم أكن أجد له إجابة عندى، وكنت أشعر بحالة من الكسوف بلا حد، وهو يكلمنى، وكنت كلما تجول هو فى العاصمة، وطلبنى مستغيثاً، رحت أردد بينى وبين نفسى أن مصر بالنسبة لنا، وبشكلها الحالى، إنما هى بلد لا نستحقه بأى معيار!

يبقى عندى سؤال للدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، عن الجنيهات التسعة، أو الأكثر، أو الأقل: من فضلك يا دكتور، أين تذهب هذه الرسوم بعد تحصيلها.. أين تذهب يا دكتور إذا كان هذا هو حال شوارعنا؟!

وعندى سؤال آخر، أظن أنه يؤرِّق كل مصرى: متى سوف يشعر مسؤولونا الأعلى بالحياء من مستوى الخدمات العامة فى البلد؟!

مصر، كما قلت، هى بلد لا نستحقه

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية