x

شريف عارف «فهلوة».. العالمية شريف عارف الخميس 18-06-2015 22:45


«الوصول إلى العالمية» كانت من أكثر الجمل استهلاكاً خلال القرن العشرين، وحتى الآن لم يسلم القرن الحادى والعشرون- هو الآخر- من هذه الجملة!

على مدى قرن كامل من الزمان فرضت هذه الجملة نفسها على حوارات ونقاشات العامة والخاصة، واحتلت مانشيتات غالبية الصحف على لسان نجوم الغناء والتمثيل والأدب، بعضهم وصل إليها باعتراف عالمى بالفعل، والبعض الآخر ظل متمسحاً بها، ويحاول جاهداً إضفاء صبغتها عليه دون وجه حق، فيمنح نفسه لقب «العالمى» لمجرد أنه قام بجولة خارجية أو أحيا حفلا أو شارك فى مهرجان دولى!

كلنا نريد تصدير أى منتج للعالم، ولكننا لم نسأل أنفسنا للحظة ما هو المطلوب منا ليصبح هذا المنتج عالمياً.. وما هى إجراءات تسويقه التى يمكن أن تؤثر فى الآخر؟!

«الفهلوة» وحدها هى التى تحكم علاقتنا بالعالمية، كل مكان أو تجمع نستطيع أن نخترفه بـ«تفتيح المخ»، وهذه هى أزمتنا الحقيقية.. فنحن نبنى علاقاتنا مع الآخر على أساس ما نتصوره نحن، وبناء على انطباعات وأحكام مسبقة، ولا تخلو من «نظرية المؤامرة» فى حالة فشل التواصل.

بدايات النصف الأول من القرن العشرين كانت تمهيداً لما سيشهده العالم خلال نصفه الثانى من ثورة فى الصناعات التقنية. فى بدايات القرن كانت هناك تجربتان فنيتان عالميتان، الأولى كان رائدها رسام الكاريكاتير ومحرك الرسوم والت ديزنى والثانية للفنان الشعبى محمود شكوكو، كلاهما بدأ حياته من مجتمع متوسط، كافح وصادف العديد من الصعاب ولكنه صمد ونجح بفكرته العالمية فى النهاية.

قد تكون حياة «ديزنى» تجربة فريدة فعلا كنموذج للعالمية، فى بلد لديه المؤسسات التى توصل العمل إلى المستوى الدولى المطلوب، ولعل ذلك سبب فى بقاء اسم «ديزنى» كمدن ترفيهية ومصانع وشركات إنتاج بعد كل هذه العقود.

أما قصتنا التى تستحق التأمل والنظر إليها كتجربة عالمية فهى قصة الفنان محمود شكوكو، الذى لم يكن فناناً كوميدياً فحسب، وإنما مبتكر حقيقى فى فن صناعة العرائس. ولكن عالميته كانت فى «الأراجوز»، فقد أعجب الحرفيون بشخص ابن البلد وصنعوا له التماثيل من الصلصال والأخشاب، وكان كل نجار يبتكر فى شكل تمثال «شكوكو» ليضيف سعادة جديدة إلى أطفاله وأطفال الحارة التى يقطن بها.

دمية «شكوكو» أصبحت أداة من أدوات المقاومة الشعبية للاستعمار. فقد قررت عناصر المقاومة جمع أكبر قدر من الزجاجات الفارغة لاستخدامها فى عمليات الهجوم على معسكرات الإنجليز بمنطقة القناة، عقب إلغاء المعاهدة عام 1951.. وابتكرت العبقرية المصرية جمع الزجاجات بالبدل بالدمية التى تمثل ابن البلد وظهرت عبارة «شكوكو بإزازة»!

عبقرية «شكوكو» لا تقل عن عبقرية «ديزنى» فى العالمية، ولكنها لم تجد المؤسسات التى تحقق لها هذه العالمية!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية