x

لحسن العسبي ما بين القمة العالمية لريادة الأعمال والمنتدى العالمي لحقوق الإنسان: المغرب يبدع الحلول أفريقيا لحسن العسبي الأحد 07-12-2014 21:15


ما بين القمة العالمية لريادة الأعمال والمنتدى العالمي لحقوق الإنسان: المغرب يبدع الحلول إفريقيا

ما هو المقياس العالمي للحداثة اليوم؟. إنه واحد من الأسئلة التي أصبحت تطرح حول سياسات الدول والحكومات في أول القرن 21، التي ثمة إجماع على أن مقياس الحداثة مرتبط بمدى التأثير في جوهر الوجود البشري تنمويا. أي مدى منح الفرد إمكانيات الولوج إلى أسباب الحماية عبر تسليحه بسندين هائلين وحاسمين، هما سلاسة الولوج إلى امتلاك أسباب ترويض التكنولوجيات الحديثة، ثم ثانيا، رزنامة من الحقوق، التي في أولها الحقوق الإقتصادية والحقوق الثقافية والحق في التنمية المستدامة والحق في الأمن والاستقرار، التي حين تجمل كلها تصبح العنوان الأبرز للحقوق السياسية التقليدية من حرية التعبير والمعتقد والرأي والتنقل.

تأسيسا، على ذلك، يحق للمغرب، كجزء مركزي من المنظومة المغاربية، أن يفرح ببعض منجزه الذي راكمه مؤخرا، من خلال احتضان ثاني أقدم عواصمه السياسية الإمبراطورية الكبرى، مراكش، لحدثين دوليين من العيار الرفيع، هما القمة العالمية لريادة الأعمال والمنتدى العالمي لحقوق الإنسان. لقد جعل هذان اللقاءان الدوليان سماء البلاد وجهة لأكثر من 9 آلاف مشارك، من أكثر من 100 بلد من القارات الخمس. وإن أهم مكسب ربحه المغرب، أنه أصبح مجالا لإبداع الحلول أفريقيا. وأنه بدلا من أن يلعن الظلام، يوقد شموعا للأمل في ابتكار حلول فاعلة ملموسة لتحديات المستقبل أمام شبيبة قارتنا السوداء.

علينا، الانتباه هنا، أن رسالة القمة العالمية لريادة الأعمال المنعقدة لأول مرة بأفريقيا، كامنة في اشتغالها على رهانين آنيين، هما الرهان على التكنولوجيا كفلسفة حياة وأيضا على دور المرأة في التنمية. بالتالي، فنحن هنا أمام خيار منتصر للمستقبل، بل منتصر فعليا للحداثة. لأن التكامل بين دور المرأة في أي مشروع للتنمية بأفريقيا وبين الحق في امتلاك أسباب الولوج إلى امتلاك التكنولوجيا بمعناها كوسيط لتيسير أسباب خلق الثروة للأفراد والجماعات، هو وصفة عملية مفروض أن تدشن لمصالحة التطور التكنولوجي المتجدد كما يتبلور في الغرب الأمريكي (خاصة بولايتي كاليفورنيا وواشنطن بعاصمتيهما لوس أنجلس وسياتل) مع أفريقيا الجديدة القادمة الناهضة.

مثلما أن استضافة مراكش لـ5 آلاف مشارك، ضمن المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دورته الثانية بعد دورة البرازيل، ليست الغاية منه بالضرورة التبجح بامتلاك صك اعتراف عالمي حقوقي ضمن ما تفرضه منظومة العلاقات الدولية منذ سقوط جدار برلين (حتى وهذا حق مشروع سياسيا)، بل إن الغاية منه ربح الرهان مغربيا ومغاربيا وأفريقيا، أن منظومة حقوق الإنسان منظومة حاسمة، ضمن أي مشروع للتنمية. أي أنها رهان استراتيجي. وهنا مكمن قوة الملف المغربي في أروقة مجلس الأمن ضد من يحاولون اللعب على بعض التناقضات المصلحية دوليا لتلهية المغرب ضمن مشروعه الوطني لاستكمال وحدته الترابية بصحرائه الغربية الجنوبية. لأن الحقائق هنا تبز الجميع، فالمغرب هو البلد المغاربي الوحيد الذي منظومة حقوق الإنسان فيه قد قطعت أشواطا ملموسة بمقاييس عالمية. كونه حول مجلسه الوطني لحقوق الإنسان من مؤسسة استشارية إلى مؤسسة دستورية، لها فروع تشتغل باستقلالية في مختلف مناطق المغرب، تصدر تقارير سنوية وقطاعية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب ذات مصداقية وجدية وأنها مرجع يؤخد به أمميا. مثلما لعبت دورا حاسما في إلغاء محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية واستصدار قانون غير مسبوق لضمان حقوق المهاجرين بالمغرب؟.

هذا ما يجعل المغرب، منتصرا للمستقبل، من خلال مبادرات دولية مماثلة، تترجم بالملموس بعض الاجتهاد الإنساني لتحقيق معنى الحداثة. لأن الحداثة ليست شعارا سياسيا فقط، بل هي مشروع يستوجب رؤية واستراتيجية ومنهجية لترجمته على أرض الواقع. ها هنا، المغرب يقدم نموذجا بناء، في فضائه العربي والإسلامي، في فضائه المتوسطي والأفريقي، بدلا من كل اليأس الذي تعممه أشكال متعددة للتطرف أو للاستبداد السياسي هنا وهناك في دنيا العرب. ها هنا النموذج المغربي واعد وها هنا هو مستهدف أيضا من بعض الشمال ومن بعض الجنوب، وهذا ما يستوجب وعيا عاليا للحذر الحامي المحتضن عند المواطن المغربي، الدرع الأكبر لحماية مشروع حداثة مماثل.

كاتب مغربي

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية