x

«النهضة» التونسيّة وإخوان مصر.. هل هي قطيعة أم مناورة؟

الثلاثاء 16-06-2015 15:24 | كتب: كريمة دغراش |
تصوير : اخبار

34 عاما مرت على ميلاد حركة «النهضة» التونسيّة، في يوم 6 يونيو 1981، أعلن مجموعة من الشباب عن تأسيسهم لحركة الاتجاه الإسلامي التي تغير اسمها في سنة 1989 لتصبح حركة النهضة.

على امتداد 3 عقود مرّت الحركة بمحطات عديدة وكانت في حالة صراع دائم مع السلطة الحاكمة، فأجبرت قياداتها على اختيار المنفى أو العمل في السريّة في حين قبع عدد كبير منهم في السجون.

ومع اندلاع ثورة 14 يناير 2011 خرجت الحركة للنور بل وصلت إلى سدّة الحكم إلا أنها اصطدمت بواقعه ففشلت في إدارة البلاد وتحت ضغط الشارع اضطرت للخروج منه والمشاركة في الانتخابات التي خسرتها أمام خصم طريّ العود

امتحانات عديدة مرت بها النهضة التونسية، دفعتها إلى تغيير مواقفها من عدّة قضايا بشكل جذري صدم الكثيرين فرأوا فيه مناورة إلى حين بينما اعتبر آخرون أنها استفادت من درس إخوان مصر وليبيا فغردت خارج سرب الجماعة.

بعد ثورات الربيع العربي تربّع الإخوان على عرش الحكم في أكثر من بلد عربيّ ولكنهم سرعان ما فشلوا في إدارة شؤون بلدانهم، فأجبروا على مغادرته مكرهين وكان ما حدث في مصر أمرا جللا دفع قيادات حركة النهضة التونسية إلى إعادة التفكير في سياساتها خاصّة وأن البلاد مرّت بمرحلة عصيبة تتالت فيها الاغتيالات السياسية فتعالت الأصوات في الشارع منادية بإسقاط الحكم.

ومنذ ذلك التاريخ بدأت الحركة تجاهر بمواقف جديدة ومدت يدها لمن كانت تعتبرهم «عدو الثورة» وبعد فشلها في الفوز بالانتخابات عام 2014 وافقت على مشاركة حركة «نداء تونس» الحكم، والذي قال كان زعيم النهضة راشد الغنوشي قال إنه «أخطر من السلفيين».

وتوالت مواقفها المتقاطعة مع عقيدة الإخوان إلى حدّ أن هناك من بدأ يتحدّث عن إمكانية إقدامها على مراجعة شاملة قد تصل إلى النصوص التأسيسية خلال مؤتمرها المقبل، مواقف اعتبرها البعض بالمهادنة وقال عنها السيد عبدالوهاب الهاني رئيس حرب المجد لـ«المصري اليوم» بأنها من قبيل «المناورة» بسبب ضغط الشارع خوفا من الوقوع في ما وقع فيه إخوان مصر«.

ويرى الهاني أنّ «إخوان تونس لم ينجحوا في بناء جسور الثقة مع الشعب ولم يتمكنوا من تبديد مخاوفه من المشروع الإسلامي رغم تنازلاتهم العديدة».

ويعتبر المتحدث أنّ التغيير في سياسة الحركة هو من قبيل «المهادنة لا التطور السياسي»، مضيفا «لقد كانت الحركة مجبرة على ذلك لأنّها تعي جيّدا أن مشروع الإخوان فشل عندما وصل إلى الحكم وأنّ فشله كان أخلاقيا بالأساس فهم لم يتقيدوا بتعاليم الإسلام بل نهجوا نفس نهج الأنظمة الديكتاتورية السابقة ولجئوا إلى ذات أساليب الشيطنة والتخوين».

وبدوره يرى المحلّل السياسي والكاتب صافي سعيد، أنّ حركة النهضة التونسيّة ورغم إعلانها عن الكثير من المواقف التي تبدو في ظاهرها نابعة عن تقييم ومراجعة لم تشذ عن باقي الإخوان المسلمين العرب الذين لم ينجحوا في أي مكان.

وأضاف لقد «حكموا كل مكان مرورا بالصومال إلى السودان فمصر فليبيا فتونس لأن السلطة حسب رأيه عصيّة عليهم ولأن هناك رفض مجتمعي لهم ولمشروعهم فقد جاؤوا مدفوعين من قوى خارجية وليست التجربة التونسية التي يحاول البعض الترويج لها على أنها الاستثناء إلاّ ذريعة لإخفاء فشلهم».

ويرى المتحدث أن المواطن العربي بات يشعر في ظل حكمهم بأنه يعيش في «ديمقراطيات بلا أوطان بعد أن كان يعيش في أوطان بلا ديمقراطيات».

وفي المقابل زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، في تصريحات إعلامية، أكدّ على أنّ حركته «نضجت»، وأن ذلك «كان ثمرة تطور تجربتها بعد أن مرت بمحن وانتكاسات كثيرة وتحدث قبل الثورة وبعدها عن ضرورة القيام بعملة المراجعة».

وهذه الدعوة أشاد بها شقّ من السياسيين ومنهم الحلفاء خاصّة الذين يعتبرون أنّ حركة النهضة التونسية تخلت عن فكر حسن البنا مؤسس الجماعة في مصر لتعود إلى جذورها المالكية وإلى حضن مدرسة جامع الزيتونة.

وفي هذا الصدد يعتبر القيادي في حركة نداء تونس (الحزب الحاكم) نور الدين بن تيشة أنّ للتجربة التونسية خصوصيتها فالنهضة حسب رأيه في تصريح لـ«المصري اليوم» نجحت في التفاعل مع الواقع التونسي خاصة بعد الاغتيالات الصادمة.

واعتبر ذلك «خطوة ايجابية» غير أنه يرى أن الفضل في ذلك يعود إلى بعض قيادات الحركة وليس لكل أعضائها لان الإخوان المسلمين لا يغيرون عقيدتهم المبنية على إسقاط أركان الدولة وهو ما فعلوه في ليبيا ومصر أما زعيم النهضة راشد الغنوشي فقد لعب دورا هاما في انخراطها في المشروع التونسي ليصنع من الحركة الاستثناء «.

ويبقى مؤتمر حركة النهضة القادم التاريخ المفصلي في مسارها وقد يكون الإثبات الأكبر لمدى صحة ما أعلنت عنه من مراجعات تخرجها من منظومة «الجماعة«.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية