x

هيثم دبور غرفة عمليات وزارة السياحة بعد الحادث هيثم دبور الجمعة 12-06-2015 21:05


يحكى الفنان التشكيلى محيى الدين اللباد في أحد أجزاء كتابه الشهير «نظر» عن قصة الشعار (اللوجو) القديم الخاص بهيئة البريد، أنه كان عبارة عن حمامة في طرف منقارها رسالة وتنظر إلى أسفل، كناية عن الراحة التي يشعر بها من تصل إليه رسالة المحبوب، ففى وصول الرسائل اطمئنان وسكينة، لكن المدير المسؤول عن تسلم اللوجو لم يعجبه أن يكون رأس الطائر إلى أسفل، مصر ومؤسساتها لا تحنى رأسها أبداً، فبدل بالحمام الزاجل نسرا، وجعل رأسه إلى أعلى، وفشلت كل المحاولات التي تحاول أن تقنعه بأن ما فعله لا معنى فنياً له على الإطلاق.

أكاد أجزم بأن وزارة السياحة لا تمتلك خطة طوارئ تعمل عليها من أجل استعادة القليل الذي تبقى بعد حادث الأقصر، يسأل أحد المسؤولين في الوزارة مساعده بعد انتشار خبر الحادث: «هل مات أجانب؟»، فيجيب المساعد: «لا، كله تمام الحمد لله»، فيتنفس المسؤول الصعداء: «الحمد لله.. خلاص بقى أنا هروح أتغدى مع المدام والولاد في البيت ولو حد اتكلم قول لهم الحمد لله أحبطنا الهجوم الإرهابى ومصر زى الفل»، ينهى المساعد الحوار: «اطمن يا باشا.. أنا كمان هشغل له أوبريت مصر قريبة»، يخرج المسؤول وهو يكرر نفس كتالوج الاعتزاز بالقوة والسيطرة على الأوضاع، ظناً منه أنه إذا كرر ذلك في عقله لانتقل بالعدوى إلى جميع أنحاء العالم، تنشر الصحف المصرية أن الهجوم الإرهابى الفاشل لن يؤثر على حركة السياحة في الأقصر، في الوقت الذي تعلن فيه «دويتش فيليه» أن عملاق السياحة الألمانية «توى» جمد رحلاته إلى الأقصر.

التجارة بالضعف تجذب المتعاطفين، تضع الناس في صفك، وتجعل العالم يشعر بمشكلاتك، ويقدر أنك تفهمها جيدا وتعيها، وتحاول حلها، لا تتمادى في منظومة الإنكار المستمر، يمكنك النظر إلى ما فعله هولاند مع رؤساء العالم بعد حادث شارلى إبدو، تاجر بضعفه، أمسك بيد الرؤساء في وقفة ورسالة إلى العالم بأن فرنسا تشجب الإرهاب وقادرة على تجاوز الأزمة.. في ماليزيا بعد سقوط طائرتين مدنيتين في مدى زمنى قريب أطلقت الدولة وشركة الطيران حملة إعلانات لا تتاجر إلا بهذا الضعف الذي ألمّ بها، قالت: «صلّوا من أجل الطائرة.. وعودوا إلى دياركم ماليزيا فقد اشتقنا لرؤيتكم».

أشك أن يقترح وزير السياحة أمراً مثل هذا على السيسى في أقرب اجتماع لأنه يرى أن إفشال العملية الإرهابية نجاح، بينما يرى العالم أن وجود عملية إرهابية سواء فشلت أو نجحت هو أزمة حقيقية على الأراضى المصرية، لن نرى السيسى خارجا من معبدالكرنك وبجواره رؤساء العالم أو مستشاروهم أو حتى زاهى حواس، في رسالةٍ إلى العالم بأننا سنعالج القصور، فالمسؤولون في مصر مثلما حكى عنهم اللباد يهتمون بأن يكون رأس النسر مرفوعاً في اللوجوهات فقط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية