تنشر «المصري اليوم» النص الكامل لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الافتتاحية أمام قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة، التي انعقدت الأربعاء بشرم الشيخ.
وفيما يلي نص الكلمة:
فخامة رئيس جمهورية زيمبابوى، ورئيس التجمعات الاقتصادية الثلاثة، ورئيس تجمع السادك، ورئيس الاتحاد الأفريقى
فخامة رئيس وزراء إثيوبيا، ورئيس تجمع الكوميسا، والرئيس القادم للتجمعات الاقتصادية الثلاثة
فخامة نائب رئيس جمهورية تنزانيا، التي ترأس بلاده تجمع اتحاد شرق أفريقيا
السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود
فخامة السيد سكرتير عام الكوميسا والمنسق العام للتجمعات الثلاثة
السيدات والسادة الحضور الكرام
اِسمحوا لى في البداية أن أرحب بكم جميعاً في مدينة شرم الشيخ، وأن أعرب عن تقديرى البالغ لفخامة الأخ روبرت موجابى رئيس جمهورية زيمبابوى على جهوده المتميزة ونجاحه في قيادة التجمعات الاقتصادية الثلاثة بحكمة ورؤية ثاقبة على مدار السنوات الماضية.
كما أتوجه بالشكر كذلك لسكرتيرى عموم التجمعات الاقتصادية الثلاثة الكوميسا، والسادك، واتحاد شرق أفريقيا على جهودهم فيما يتعلق بالإعداد لكافة الجوانب الفنية والتنظيمية الخاصة بتعزيز الاندماج والتعاون الاقتصادى فيما بين التجمعات الثلاثة.
وإنه لمن دواعى الفخر أن تحتضن مصر التي تعتز دوماً بانتمائها الأفريقى، تدشين منطقة التجارة الحرة الثلاثية، والتى سنقوم اليوم في شرم الشيخ بالتوقيع على اتفاقيتها التأسيسية لتعزيز التجارة البينية بين دولنا، وذلك بإزالة كافة المعوقات الجمركية وغير الجمركية لتحقيق الاندماج الاقتصادى والتجارى الكامل فيما بين دولنا.
السيدات والسادة الحضور الكرام
إن ما نقوم به اليوم يمثل نقطة هامة وفاصلة في تاريخ التكامل الاقتصادى لأفريقيا، حيث أننا نؤسس منطقة للتجارة الحرة الثلاثية تضم في عضويتها ستاً وعشرين دولة، يبلغ عدد سكانها 625 مليون نسمة، ويبلغ الناتج المحلى الإجمالى لها 1.2 تريليون دولار أمريكى، ويمثل ذلك 57% من إجمالى عدد سكان أفريقيا، وأكثر من 60% من الناتج المحلى الإجمالى لقارتنا. وتمتد هذه المنطقة من الأسكندرية على البحر المتوسط إلى كيب تاون على المحيطين الهندى والأطلنطى.
لذلك فإن ما نقوم به اليوم يعتبر خطوة رئيسية نحو إنشاء الاتحاد الاقتصادي لأفريقيا طبقاً لخطة لاجوس لعام 1980، ومعاهدة أبوجا لعام 1991، وتماشياً مع أجندة 2063 التي تمثل رؤية جماعية لقارتنا الأفريقية، وخارطة المستقبل للخمسين عاماً المقبلة لتصبح إفريقيا قوة فاعلة على الساحة الدولية بحلول عام 2063، وذلك من خلال برامج وأطر طموحة لتنفيذ تلك الأجندة، وعلى رأسها إنشاء منطقة للتجارة الحرة للقارة الأفريقية بحلول عام 2017، وربط إفريقيا من خلال مشاريع بنية تحتية عالمية المستوى في مجالات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وإقامة المؤسسات المالية الأفريقية خلال الأطر الزمنية المتفق عليها.
السادة رؤساء الدول والحكوماتلا يخفى عليكم أن توافر الإرادة السياسية يتطلب إلى جانبه بذل جهود مضنية لتدشين منطقة التجارة الحرة الثلاثية والعمل على تعزيز الاندماج الاقتصادي الإقليمي، والسعى الدؤوب نحو تحقيق التنمية الصناعية وتعزيز قدراتنا التصنيعية، من خلال تبنى سياسات وطنية وإقليمية تهدف إلى زيادة القيمة المضافة للمواد الأولية المتوافرة لدينا وتعزيز القدرة التنافسية لسلعنا ومنتجاتنا، وهو ما سينعكس بالإيجاب أيضاً على زيادة قدرتنا لجذب المزيد من الاستثمارات وتدفقات رؤوس الأموال لمجال التصنيع، والتكنولوجيات الحديثة لإنتاج سلع ذات جودة عالية، مما سيؤدى إلى مضاعفة تجارتنا البينية.
وإننى أنتهز هذه المناسبة لكى أشيد بتبني القمة الأخيرة للكوميسا التي عقدت في أديس أبابا في مارس الماضي، وكذا القمة الاستثنائية للسادك التي عقدت في زيمبابوى الشهر الماضي، لقرارات ترتكز على أهمية التصنيع الشامل والمستدام في المنطقة، والعمل على تطوير البنية التحتية بمختلف مجالاتها وجوانبها.
كما أود الإشارة إلى حرص مصر على دعم كافة مبادرات الاتحاد الأفريقي والمشروعات الإقليمية التي تهدف إلى تطوير البنية الأساسية في قارتنا وخلق شبكة من الطرق في إطار برنامج تطوير البنية الأساسية في أفريقيا PIDA. وهو البرنامج الذي يهدف إلى تحقيق التعاون بين الدول الأفريقية من أجل معالجة تدهور أوضاع البنية التحتية في مجالات الطاقة والنقل وإدارة الموارد المائية والاتصالات، وحشد التمويل اللازم من أجل تنمية تلك القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا.
وقد قامت كل من مصر والسودان في الشهر الماضي بافتتاح الطريق البري قسطل/ أشكيت الذي يربط برياً بين مصر والسودان، وجارى الانتهاء من أعمال المعبر البرى الثاني الذي يربط بين مصر والسودان في أرقين في إطار الطريق البرى الذي سيمتد من القاهرة إلى كيب تاون، والذى نأمل أن نشهد افتتاحه خلال الفترة القريبة القادمة.
ولا يفوتني أن أشير في هذا الصدد، إلى أن مصر تقوم أيضاً بجهود مضنية من أجل استكمال التزاماتها برعايتها لمشروع الخط الملاحي الذي سيربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط في إطار مشروعات النيباد، وقد استضافت مصر منذ أيام قليلة الاجتماع الفني للمبادرة الرئاسية لتطوير البنية التحتية، وقدمت خلاله عرضاً فنياً لما تم من دراسات جدوى لهذا المشروع الإقليمي العملاق.
كما تقوم مصر حالياً بتنفيذ عدة مشروعات قومية عملاقة من أجل تطوير بنيتها التحتية، حيث شارفت على الانتهاء من مشروع حفر قناة السويس الجديدة وذلك بهدف تيسير التجارة العالمية والإقليمية، وسيمثل ذلك قيمة مضافة كبيرة لإقليم الشرق والجنوب الأفريقي بوجه خاص، وقارتنا الأفريقية بوجه عام. ومن هذا المنطلق فإنني أتوجه بدعوتكم جميعاً لمشاركتنا في مراسم افتتاح هذه القناة الجديدة في شهر أغسطس القادم بإذن الله،،،
السيدات والسادة الحضور الكرام
إن مصر لن تدخر جهداً لدعم ونقل خبراتها لأشقائها الأفارقة استمراراً للدرب الذي نهجته منذ مساندتها لحركات التحرر الوطنية الأفريقية ورفض استغلال إرادة شعوب القارة سياسياً واقتصادياً، فمصيرنا واحد.. وأهدافنا المشتركة واحدة.. وما يتحقق من خير وفائدة لمصر من شأنه أيضاً أن يعود بالنفع والفائدة على كافة أفريقيا، وما تحققه دول أفريقيا من تقدم ونجاح من شأنه أن يعود بالفائدة والخير على مصر أيضاً... فلقد أثبتت التجارب المشتركة منذ نهاية الخمسينات وبداية الستينات وحتى تاريخه هذه الحقيقة الراسخة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
واِسمحوا لي في هذا الإطار، أن أعرب عن استعداد مصر دائماً لتقديم ما لديها من خبرات وإمكانات في إطار تلك الجهود، والتي من شأنها ليس فقط أن تدعم مصالحنا الوطنية ولكن أيضاً لخدمة مصالح وأهداف شعوب دول القارة الأفريقية. وقد قامت مصر خلال السنوات الماضية بتوفير العديد من الخبراء في مختلف المجالات الفنية من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، وتواصل دوره حالياً الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي أعلنت عن إطلاقها في يونيو 2014 خلال قمة الاتحاد الأفريقي في مالابو، من أجل المساهمة الفعالة في بناء الكوادر الإفريقية.
السيدات والسادة
إن كافة تحركات الدول الأفريقية تهدف لتأمين مستقبل أجيالنا القادمة وخلق فرص عمل لائقة لها ولمواجهة المشكلات التي نعانى منها جميعاً وعلى رأسها البطالة، وهو ما يتطلب توافر الإرادة من أجل الاهتمام بالتنمية الصناعية وجذب المزيد من الاستثمارات التي من شأنها أن توفر المزيد من فرص العمل وضمان استدامة جهودنا المشتركة على امتداد المستقبل المنظور والبعيد.
ولا يفوتني في هذا الخصوص أن أؤكد على أهمية دور المرأة الأفريقية كشريك أساسي في جميع الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة وضمان التحول المنشود في القارة الأفريقية. وفى إطار إطلاق عام 2015 عاماً لتمكين المرأة والتنمية لتحقيق أجندة 2063 في إطار الاتحاد الأفريقي، أؤكد على أن تمكين المرأة وخاصة المرأة الفقيرة والمُعيلة وتعزيز دورها في المجتمع اقتصادياً وسياسياً والارتقاء بأوضاعها يشكل عاملاً حاسماً في القضاء على الفقر، ويعظم من مساهماتها في التنمية.
السادة رؤساء الدول والحكومات
السادة الحضور
إن ما تزخر به منطقتنا الإقليمية من قوة بشرية واقتصادية هائلة تزيد عن 625 مليون نسمة، ومعدلات للناتج القومي تمثل ما يزيد عن نصف الناتج القومي لأفريقيا، يؤهلنا لتحقيق كافة أشكال التنمية المنشودة.
ولعلكم تتفقون معي في أن زعزعة السلم والأمن في المنطقة من شأنها عرقلة جهودنا الاقتصادية والتنموية، فكلا المجالان متفاعلان ومندمجان كل مع الآخر، فبدون تحقيق السلم والأمن لن يتحقق الاستقرار الاقتصادي والرخاء والتنمية لشعوبنا، وكذلك بدون الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والوفاء بمتطلبات شعوبنا التنموية لن يتحقق الاستقرار الأمني والسلم في منطقتنا.
ومن هنا نُجدد التزامنا ببذل المزيد من الجهد على مستوى القارة واتحادنا الأفريقي وعلى المستوى شبه الإقليمي والوطني من خلال تشجيع كافة المبادرات والترتيبات الإقليمية الخاصة للتجمعات الأفريقية الإقليمية، التي تهدف إلى تفعيل هيكل وبنية السلم والأمن للاتحاد الأفريقي.
وختاماً أتوجه بالتحية لكم جميعاً من الشعب المصري، وأدعوكم لانتهاز مشاركتكم بشرم الشيخ للتعرف على ما شهدته وتشهده هذه المدينة من تقدمٍ ورواج في مختلف المجالات، بالإضافة إلى التمتع بما تزخر به من مقاصد ومناظر طبيعية وسياحية خلابة.
وبفضل الله ومشاركتكم وجهودكم سوف تتجه أفريقيا دائماً إلى المزيد من التقدم والازدهار والسلام والتعاون المشترك.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. وتحيا شعوب ودول أفريقيا.