x

محمود عمارة وزارة للمصريين بالخارج.. غلط محمود عمارة الأحد 07-06-2015 21:42


منذ أعلن الرئيس الأسبوع الماضى، عن إنشاء وزارة للمصريين بالخارج، والمكالمات تنهال من زملائى وأصدقائى، فى كل بقاع الأرض (آخرها من خمس دقائق، صبرى الباجا من أمريكا) يطلبون منى: أن أشكر الرئيس نيابة عنهم، لاهتمامه بهم.. بحُكم تواجدى بينهم فى بلاد المهجر لربع قرن، كنت خلالها مؤسساً ورئيساً للجالية المصرية بفرنسا، ورئيساً للاتحاد العام للمصريين بالخارج، بالنيابة عن وزير الهجرة، الذى كان رئيساً بحُكم منصبه فى الثمانينيات، وبحكم دفاعى المستميت عن قضاياهم، وناقلاً لمقترحاتهم ورؤاهم وأفكارهم، طوال ثلاثين عاماً.

الرئيس بعد عام واحد من حكمه، وعى وتنبَّه لهذا «الكنز المفقود»، هذا «الرصيد الهائل» من الخبرات والمدخرات.. هذا «الامتداد الجغرافى» للمصريين حول العالم.. هذا «العشق» لوطنهم الأم، و«اشتياقهم» للمشاركة فى إعادة بنائه.. بعلمهم وتراكم خبراتهم، وما اكتسبوه من مفاهيم وثقافة وقيم، بدءًا من تقديس قيمة العمل وتجويده، واحترام الوقت، والالتزام بالقانون، ومعرفتهم بكيفية غزو الأسواق الخارجية!!.

تخيَّل لو نجحنا فى خلق مناخ جاذب، لمليون واحد من المغتربين × 250 ألف دولار = 250 مليار دولار، يمكن ضخها فى شرايين الاقتصاد المصرى (بلاش 250 مليار – نصهم) يكفى لمشروع مارشال.. يضع مصر فى المكانة التى تليق بها على الخريطة العالمية!!.

السؤال: لماذا نترك المصريين فى أوروبا (ومعظمهم متزوج من مغربيات وتونسيات وجزائريات) يذهبون بمدخراتهم وخبراتهم، ليقيموا مشروعات فندقية وخدمية وزراعية، فى بلدان نسائهم؟!

لماذا لا نُنشئ مكتباً «لاستقبال العائدين» الراغبين فى الاستثمار على أرض مصر، بدلاً من تركهم «فرائس» للنصابين والحرامية، والفاسدين فى أجهزة الدولة، بروتينهم العفن، وبيروقراطيتهم العقيمة، وتشريعاتهم الفاسدة، ولوائحهم البالية؟.

كم ألف مغترب ومهاجر مصرى عاد بجزء من مدخراته، ثم «طفش» هرباً من هذا الجحيم.. جحيم «اللا سيستم»؟.

كيف نتجاهل 86 ألف عالم وخبير مغترب ومهاجر، منهم أكثر من 1800 عالم فى تخصصات نادرة، نووية وجيولوجية ونانو تكنولوجى، و45 عالماً فى وظيفة رئيس جامعة (نُصهم فى كندا)، 65% من المقيمين بالدول الغربية حصلوا على شهادات ما بعد التعليم الجامعى، 15% حصلوا على الدكتوراه.. وكلنا سمع وشاف وسأل السؤال التقليدى: لماذا يتفوق المصرى فى بلاد الخواجات، ويفشل أو ينجح بالعافية فى مصر؟!!.

لماذا لا نستفيد من كل هؤلاء، ولدينا «تجربة محمد على» الذى أرسل مائة طالب مصرى إلى فرنسا.. وبعد خمس سنوات تعلَّموا، وانبهروا، ونقلوا آخر سطر من تجربة الفرنسيين، فغيَّروا التاريخ والجغرافيا، بالتنوير والمعرفة التى اكتسبوها فى خمس سنوات من التعليم فى «السوربون»، رغم الإقامة المنعزلة فى المدينة الجامعية!!.

فما بالك بعشرات الآلاف من المصريين، الذين عاشوا فى أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا، اكتسبوا عادات وتقاليد ومعاملات، قال عنها «الإمام محمد عبده».. رأيت فى الغرب إسلاماً بلا مسلمين.. فلماذا لا نستفيد من هذه الثروة البشرية الهائلة؟.

السؤال: «لماذا وزارة للهجرة؟» فمعظم بلدان العالم ليس بها وزارة للهجرة، ولكن وزارة خارجيتها بها «إدارة للهجرة»، تقوم بدلاً عنها برعاية أبنائها بالخارج.. خاصة أن معظم مشاكل المغتربين وتعاملاتهم مع القنصليات أو السفارات بمكاتبها المختلفة. (فالفرنسيون بالخارج مثل كل بلدان الغرب، ترعاهم «إدارة الهجرة» بالخارجية، فالخارجية لها أذرع وتواجد وسط الجاليات، عكس «وزارة الهجرة» التى لا تملك أكثر من «شقتيـن» بشـارع أحمد عرابى بالمهندسـين، والميزانية عاجزة، وقد فشلت التجربة 7 مرَّات.. فلماذا نُعيد اختراع العجلة؟!.

ولهذا أتوجه للسيد الرئيس مطالباً:

إن كان لازما «وزارة» لسبب لا نفهمه، فيجب: الاختيار الجيد لوزير الهجرة بعيداً عن (حكاية الكوتة) ويُفضَّل أن يكون:

1. سفيرا سابقا (عاش وسط الجاليات) قادرا على التواصل معهم بلغاتهم، يفهم ويتفَّهم أفكارهم واقتراحاتهم- والأهم أنه قادر على التواصل مع وزارة الخارجية، الذى هو جزء منها، ومشاكلهم وتعاملاتهم معها (وبغير ذلك لن يعيروه اهتماماً) مثال: وزير للهجرة فى الثمانينيات، جاء للقاء بالجالية بباريس، السفير لم يستقبله بالمطار، واستقبلته بسيارتى الخاصة!.

2. فاطنا لأهمية وجود «لوبى» مصرى بالخارج، له صوت مؤثر فى السياسات الخارجية لهذه الدول، ويُغنينا عن «الزفة» التى تُصاحب الرئيس، ويواجه الإخوان والتابعين لهم هناك.

3. ثم يُنشئ (صندوقاً للتأمين الصحى والقانونى) يحمى كل مصرى بالخارج، فى حالات الوفاة، أو إذا تعرض لأى مشكلة قانونية- باشتراك سنوى 50 دولاراً.

4. نُعطيه إمكانيات وسلطات، غير مسبوقة.. فهل لدينا هذه الإمكانيات والميزانيات؟.

وأخيراً.. أنتهز هذه الفرصة، لأشكر الرئيس «لتنفيذه» فكرة «إنشاء» وزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى طرحناها فى نفس المكان من سنوات، وكررناها الإثنين الماضى!! والآن يمكن «زواج» الفكرتين: المغتربون بخبراتهم ومدخراتهم، يستثمرن فى هذه المشروعات!!

يا رب الرئيس والحكومة يتبنّون، عشرات «الأفكار» التى قدمناها وسنظل نقدمها، وندعو كل من لديه «فكرة مدروسة الجدوى لمشروع عام» أن يتواصل معنا.. حتى تصبح أم الدنيا.. «قد الدنيا»!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية