x

جيهان فوزي «عام من الحكم».. بين النقمة والنعمة جيهان فوزي الجمعة 05-06-2015 20:53


يقترب الرئيس عبدالفتاح السيسي من عامه الأول في الحكم، لم يكن عاما سهلا بطبيعة الحال ولا مفروشا بالورود، بل كانت الأشواك تحيط بخطواته من كل اتجاه، تحديات كثيرة كانت له بالمرصاد، المتربصون بخطواته كثر منهم العدو الواضح والصريح والمعلن، وأخطرهم الخفي المتلون، حصاد عام من الحكم لا يجبه مقال، غير أن هناك ملاحظات لابد أن توضع في الحسبان، ليس بدافع الانتقاد ولكن بعين التأمل والاستفسار!.

جميعنا يدرك أنه كان عاما عصيا مفعما بالأخطار على جميع الجبهات، وأن الإمساك بناصية الحقيقة المطلقة أمر مستحيل، وأنه ليس كل ما نراه يعبر عن الواقع، وأنه ليس كل ما يلمع ذهبا، غير أن الحقيقة الوحيدة التي لا تخطئها عين هي الحرب الضروس على الإرهاب التي وضعت مصر في خريطتها، وللأسف لم يكن الإرهاب خارجا عن نطاقها فقط وإنما احتل مساحات واسعة داخلها اكتوينا جميعا بنارها، فكان ملف الإرهاب على رأس الأولويات، وإن بدا ذلك جائرا على ملفات أخرى لا تقل أهمية وحيوية عنه.

سعى الرئيس عبدالفتاح السيسي صادقا للنهوض بالبلاد من كبوتها، تسلم ملفات شائكة شديدة التعقيد ومشاكل ضخمة ينوء بحملها الجبال، وراهن على نخبة وصناع قرار في مؤسسات الدولة لمساعدته للخروج من عنق الزجاجة، آثر الرهان على الضمير الوطني في اختياراته، وطلب من وزرائه العمل في الخامسة صباحا، وطلب من رجال الأعمال تحمل المسؤولية والوقوف بجانب مصر للنهوض باقتصادها المنهار، وطالب شعبه بربط الحزام وتحمل المرحلة القادمة بصبر فما الذي حدث؟؟

بلا شك فإن هناك الكثيرين ممن راهن عليهم الرئيس قد خذلوه!! وجانب الرئيس الصواب في اختيار بعض منهم، فاتسعت دائرة بطانة السوء من حوله، وظهرت معالم الدولة العميقة واضحة وضوح الشمس، جعلت المواطنين ينظرون للغد بيأس والجملة الأثيرة التي لا تفارق ألسنتهم «مفيش فايدة»؟
صحيح أن الرئيس السيسي عمل جاهدا للحد من المشكلات التي يواجهها المجتمع، فقضى على طوابير الخبز، ورفع الحد الأدنى للأجور، وفرض ضريبة إضافية 5% على الأغنياء، ورفع ميزانية التعليم والصحة، وسعى إلى تحديث هيئة النقل العام وزودها بأكثر من 1300 أتوبيس ومينى باص بالإضافة إلى إنشاء شبكة طرق عملاقة وتحديث الحالية، وضاعف عدد المستفيدين من معاش التضامن الاجتماعى وكذلك التأمين الصحى، وأصدرا قرارا بعلاج كل من يتعرض إلى حادث مجانا لمدة 48 ساعة في أي مستشفى، وأصدر قانونا جديدا للمرور، وفرض ضريبة على البورصة، وهيأ لمؤتمر اقتصادي دولي ناجح أسفر عن اتفاقيات لمشروعات عملاقة منها العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، والبدء الفعلي لمشروع المليون وحدة سكنية، وأمر باستصلاح 4 ملايين فدان منها مليون فدان سينتهي العمل منها بعد عام.. إلخ من المشاريع الحيوية والاقتصادية الهادفة للنهوض بالبلاد وتقدمها وانتشالها من مستنقع الفساد الذي عشش في كل مؤسسات الدولة.

وسط كل هذه النوايا الطيبة المخلصة لشعب كان على شفير هاوية، وكاد أن يهلك في عهد الإخوان، فإن هناك أسئلة وعلامات استفهام تدور في الأذهان.. فعندما يكون الرئيس ملما بكل عثرات الوطن ويعلم جيدا ما يحاك ضده، فمن المستغرب أن يترك آلة الإعلام المنافقة والمقيتة تدور رحاها من حوله!! رغم كل الروائح الكريهة التي تفوح منها؟! هناك فئة من بطانة السوء المحيطة بالرئيس تسيء له وممارساتها تناقض ما يصرح به لدرجة تثير الاستغراب والتساؤلات!، فهي تعطل كل القرارات، فئة من رجال الأعمال يملكون فضاء الإعلام الواسع والاقتصاد المتشعب في كل محافظات مصر، باتت مؤامراتهم واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد!، رغم ما يتكبده جهاز الشرطة من خسائر في الأرواح من خيرة ضباطه إلا أنه عاد ليتصدر قائمة القمع ضد المواطنين، وبدلا من أن يترك صورة نبيلة في أذهان الناس بعد سنوات طويلة من رسوخ صورة الطاغوت، لم يستطع هذا الجهاز الحيوي التخلي عن غطرسته وعاد لممارسة القمع داخل أقسام الشرطة، وكم من حالة تعذيب ووفاة رصدتها مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية تشهد على ذلك؟! فساد المؤسسات الحكومية والرشاوى وبطء الإجراءات لتعذيب المواطن، سياسة وثقافة مازالت متصدرة المشهد بشكل يومي، العنف في المدارس والإهمال والبيروقراطية والفساد في المستشفيات والضحية مواطن لا اسم له لأنه ببساطة لا يعني شيئا لغيره من المسؤولين.

وضربت عرض الحائط تعليمات الرئيس؟! القمامة التي تملأ شوارع مصر من شرقها إلى غربها والطرق غير المعبدة والأرصفة التي هجرها الأمان وسكنت مكانه أرتال من القمامة، محافظات الصعيد التي أهملت طوال عقود وأغفلتها الحكومات المتعاقبة من الرعاية والإصلاح مازالت تئن رغم الوعود المتكررة بإقامة مشروعات نهضوية مازالت حبيسة في أدراج المسؤولين إذ كان ينبغى تسليط الضوء ولو بشذرات تحسن من حياتهم المعيشية، حتى يشعروا بأنهم في بؤرة الاهتمام خاصة أن الإرهاب يعول على فقرهم وحاجتهم وإهمال الدولة لهم، فيصبح شبابه صيدا ثمينا وفريسة سهلة لتجنيده وانضمامه للجماعات الإرهابية والتكفيرية، والهجرة غير الشرعية بحثا عن لقمة العيش.

الرئيس محاط بحب الشعب وإيمانه به.. هذا صحيح، ويعمل مخلصا لتلبية احتياجاته في الداخل والخارج، لكن أدوات الدولة العميقة بأذرعها المتشعبة في كل مكان تعطل وتقوض حركته، وهو في المقابل يغامر بشعبيته لإصلاح مصر وإرضاء شعبه، فهل ينجح في خلق بيئة مواتية ورجال مخلصين بعيدا عن بطانة السوء التي باتت تشكل جل الخطر؟؟.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية