x

رولا خرسا الشتيمة رولا خرسا الجمعة 05-06-2015 21:04


طبعا من المفترض أن أقول السباب لا الشتيمة، ولكن شعرت أن كلمة شتيمة أقرب للواقع، اكثر تعبيرا عن الموضوع، هى عامية وشتائمنا عامية فلم يعد أحد يقول «تبا لك» أو «ثكلتك أمك» أو «اذهب إلى الجحيم»..على طريقة الأفلام الأمريكية التى تربينا عليها..عندما كانوا يعتبرون أننا لا نفهم الإنجليزية وبدلا «من خذ كاسا من النبيذ» كان أنيس عبيد يترجمها بـ«خذ كأسا من العصير»، المهم أننا تربينا على اعتبار أن الشتيمة هى التى نشاهدها فى الأفلام. وبعدها عرفنا أن الخناقات أو الشجار فى الأحياء الشعبية تصحبها شتائم كنا فى معظم الأحيان لا نفهم معناها ونأتى لأهالينا نسأل فيكون الرد: «عيب بلاش قلة أدب،الكلام دا بتاع الشوارعية»، وأسأل «يعنى إيه شوارعية؟» والرد يكون: «الناس إللى مش محترمة، إللى مش متربية».. تربيت وأنا أصم آذانى عن الشتائم رغم أنى كنت أسافر كثيراً أثناء طفولتى إلى لبنان، واللبنانيون معروفون على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية بأن لسانهم مسحوب منهم، مزاحهم فيه شتايم، ويعتبرون أن الشتائم جزء من الهزار والثقافة. ولكن ولأنى كنت فى مدرسة للراهبات لم يسمح لى يوما بأى لفظ خارج.. تربينا أن الشتيمة للرجال لا للنساء، وكانت النساء عندما يجلسن مع بعضهن البعض يحاولن المزاح، بعيدا عن الأطفال والرجال بألفاظ جريئة أو نكات سمعنها فى مكان ما.. عندما هلت علينا عاصفة الربيع العربى أمور كثيرة تغيرت أولها إحساسنا أن ماسورة شتايم فتحت وغرّقت الجميع.. أتحدى أن يكون فيك يا مصر شخص من الشخصيات العامة أو الشهيرة لم يشتم، أو بمعنى أصح لم تصبه طرطشة البالوعة المفتوحة..

وبدأنا نسمع فى الشارع وفى أحياء راقية ألفاظا فظيعة وأصبح الأطفال فى المدارس يشتمون بعضهم البعض، وبدأت مصطلحات بعيدة تماماً عن الأدب تأخذ مكان الألفاظ العادية.. بل انتشرت فى الأفلام والمسلسلات بشكل كبير.. وهنا أتوقف قليلا وأفكر.. أترانى وأنا أكتب هذا الكلام أكون أشبه بمن يكتب موضوعات التعبير التى كنا نأخذها فى المدرسة؟ أو أسمع درسا فى الأخلاق؟؟ من أكون كى أقول للناس اشتموا أو لا تشتموا؟؟ أرد فأقول أنا شخص كان يتأذى بشدة من أى لفظ، والآن فعلا تعودت.. الكارثة أن الناس كلها تعودت.. وأنا دارسة للآداب والتاريخ وتعودت أن آخذ من اللغة أجمل ما فيها، الكارثة أنه لم تعد الشتائم تصدمنى كما من قبل. تعودت أن أدخل على تويتر لأجد من يخالفوننى الرأى يمطروننى بسيل من كل ما هو قبيح، فى البداية هجرت تويتر فترة ثم قررت التحدى.. أدخل أقرأ شتيمتى وأعمل بلوك..وأكمل ومع الوقت قل إحساسى بالصدمة.. وإن لم أعتد طبعا بشكل كامل خاصة عندما يقحمون أمى أو أبى رحمه الله فى الشتيمة، أحزن لأن لا ذنب لهما فى مواقفى وآرائى.. يقال إن الشتائم تدل على انهيار الأخلاق وتكون مصحوبة بتجاوزات أخرى، فأنت عندما تتجاوز لفظيا فأنت تتعدى أول الخطوط الحمراء لتتجاوز بعدها بأشكال أخرى.. مرة أخرى أنا لا أعطى درسا فى الأخلاق لانى لو فعلت هذا لتخيلت نفسى بطربوش ومنشة، وكأنى مدرس عربى خارج من فيلم عربى أبيض واسود.. أنا أرصد ظاهرة وأقف عندها أحاول فهمها لا أحللها، فلست بعالمة اجتماع... لن أعلق على الفقر شماعة الشتائم فالألفاظ أصبحت تقال فى كل المستويات الاجتماعية!! ولن أعلقها على التعليم فخريجو أحسن الجامعات يشتمون أيضاً..ه ى ظاهرة منتشرة جدا بالنسبة لى تعبر عن فكرة أن كل شىء قد أصبح مستباحا.. ولا أحد يقول لى إنه البعد عن الدين فأكثر الشتائم التى وصلتنى كانت ممن يرفعون شعارات الدين.. وإن كان الأبنودى قد رد عليهم وقال «دين أبوكم إيه؟؟».. البداية ببساطة عندما نتوقف عن قول «اشتم عمو يا حبيبى» وكأنه أمر لطيف، وعمو يبتسم فرحاً بالشتيمة!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية