أصدرت الرقابة على السينما فى المغرب قراراً بمنع عرض الفيلم الفرنسى المغربى المشترك «الزين اللى فيك» إخراج نبيل عيوش من العرض فى دور السينما، وقد كان من المتوقع صدور هذا القرار منذ العرض العالمى الأول للفيلم فى برنامج «نصف شهر المخرجين» فى مهرجان كان الشهر الماضى «انظر مقالنا فى (المصرى اليوم) من المهرجان عدد الخميس 21 مايو»، وذلك بسبب وجود لقطات «بورنو جرافية» غير مسبوقة فى أى فيلم ناطق بالعربية.
لم يعد قرار منع أى فيلم من العرض فى دور السينما يعنى عدم إمكانية مشاهدته بوسائل أخرى، ولكنه تعبير رمزى عن موقف الدولة من هذا الفيلم، وموقف كاتب هذه السطور ضد منع أى فيلم من حيث المبدأ، ولكن نبيل عيوش حرمنا من الدفاع عن حقه فى عرض فيلمه بوجود تلك اللقطات «البورنوجرافية» والتى لا توافق على عرضها أغلب دول العالم، وليس فقط المغرب.
وقد تحول الفيلم إلى «قضية» رأى عام فى المغرب، وخرجت مظاهرات تندد به لأنه يشوه «صورة الوطن» ويهين «المرأة المغربية»، وارتفعت أصوات تطالب بمحاكمة المخرج وحبسه وحرمانه من العمل مرة أخرى، وهذا ما لا يمكن الموافقة عليه، ويستدعى كل من يؤمن بالحرية للدفاع عنه.
مشكلة الفيلم ليست فى موضوعه، أى الدعارة فى المغرب، وهى سرية وليست مشروعة قانوناً كما فى بعض الدول، وإنما فى تعبير مخرجه عن هذا الموضوع، والدعارة السرية حقيقة فى كل الدول التى تمنعها قانوناً، ولا يعنى التعبير عنها أن «الوطن» أصبح بيتاً للدعارة، والعاهرات حقيقة فى كل المجتمعات، والتعبير عنهن لا يعنى أن كل نساء المجتمع أصبحن عاهرات، وتلك بدهيات، ولكننا نحتاج إلى التذكير بها، وخاصة فى بلاد العالم العربى.
كان السؤال ولايزال لماذا وجدت السينما وتطورت فى مصر بعد ثورة 1919 دون غيرها من البلاد العربية رغم التشابه فى الظروف، وكانت الإجابة أن الصراع الدرامى لا يكون بين الخير والخير وإنما بين الخير والشر، ومن دون ذلك لا يكون صراعاً ولا تتطور الدراما فى المسرح والسينما والآن فى التليفزيون إلا عندما يعتبرها الجمهور خيالاً، ويفرق بين الخيال والواقع، ويملك من الثقة بنفسه ما يجعله يقبل التعبير الخيالى عن الشر فى حياته، وأن شخصية زوجة خائنة على سبيل المثال لا تعنى أن كل الزوجات خائنات، وفى عبارة واحدة أن الفن خيال.