x

«كارنيجي»: الإخوان أخفقت سياسياً ومجتمعياً بسبب فكرها الانتهازي

الخميس 28-05-2015 23:03 | كتب: مينا غالي |
مركز كارنيجي للسلام الدولي مركز كارنيجي للسلام الدولي تصوير : other

نشر مركز «كارنيجي» الأمريكي للأبحاث، تقريراً مفصلاً عن إخفاقات جماعة الإخوان الإرهابية من النواحي السياسية والأيديولوجية والتنظيمية، مؤكدًا أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية بما يتماشي مع روح العصر.
وسرد التقرير الجوانب المختلفة للجماعة الإرهابية، التي أدت إلى إخفاقها سياسياً ومجتمعياً إلى الحد الذي جعل الشعب المصري ينتفض ضدها في 30 يونيو 2013، مؤكداً أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية بما يتماشي مع روح العصر، كما أن اشتغالهم بالعمل السياسي واندماجهم في النظام القائم قبل ثورة 25 يناير لم يؤدي إلى تبنيهم أفكار الديمقراطية والحداثة كما توقع البعض، كذلك فإن قيادة الجماعة لم تنجح في استرضاء أركان الدولة القوية في مصر، كما عجزت عن جذب النخب والفاعلين السياسيين ذوي الأهمية والتأثير في الشارع المصري.
ووصف التقرير فكر الإخوان السياسي بـ«الضحالة والانتهازية»، مما أثر بالطبع علي ادعاءاتهم بالشرعية وبامتلاك مشروع لإقامة دولة ذات نظام حكم إسلامي، وفي هذا الإطار لم تتمكن الجماعة من ترجمة الانتصارات الانتخابية التي حققتها إلي سيطرة حقيقية علي المشهد السياسي، وقد أدي كل ما سبق إلي فقدان الثقة في شعار «الإسلام هو الحل»، الذي رفعه الإخوان.
وحدد التقرير ثلاثة أخطاء رئيسية وقعت فيها جماعة الإخوان تمثلت في: أولاً: على المستوى السياسي،لم تتمكن الجماعة من قراءة الوضع السياسي في مصر علي نحو سليم، حيث اندفعت بقوة نحو محاولة السيطرة علي المشهد في عملية تخللتها أخطاء تكتيكية فادحة، حيث لم يدرك قادة الإخوان وجود قوي مؤسسية تقليدية ممثلة في الجيش والشرطة والقضاء والجهاز الإداري للدولة، معتبرين الانتصارات الانتخابية التي نجحوا في تحقيقها بمثابة تفويض شعبي مطلق، وتناسوا أهمية عدم تهميش النخب العلمانية وضرورة تقديم بعض التنازلات لكسبهم في صف الإخوان، حيث خاضت الجماعة معركة لا يمكن حسمها أو تحقيق النصر فيها، متسلحين بالحماسة الأيديولوجية وأوهام العظمة وليس بناء علي تقييم واقعي للحقائق الموجودة علي الأرض.
وأضاف التقرير: أنه «لم يفطن قادة الإخوان للديناميات الإقليمية المحيطة، التي تجلت في دعم السعودية والإمارات وبدرجة أقل الكويت لمؤسسات الدولة التقليدية في مصر، حيث ألقت الدول الثلاث بثقلها السياسي والاقتصادي والإعلامي خلف المعسكر المناهض للإخوان وذلك خوفا من تنامي النفوذ الإخواني داخل هذه الدول الثلاث».
وفيما يتعلق بالمستوي الأيديولوجي، ظهرت الانتهازية بشكل جليّ في تطويع بعض الأفكار لتحقيق انتصارات سياسية علي المدي القصير، إلا أن هذا لم يمحو من ذهن المصريين الأفكار المتطرفة التي تعتبر ركيزة أساسية في فكر الجماعة، كما أن الانفصال الواضح بين فكر الجماعة ومواقفها السياسية، قد أظهر للجميع عدم التوافق بين فكر الإخوان والقيم الديمقراطية الحديثة.
وتابع التقرير: «أخيراً على المستوي التنظيمي، كانت الهيراركية (التدرج فى هرم السلطة) الجامدة التي تتصف بها الجماعة من الناحية التنظيمية، فضلا عن المركزية الشديدة وعدم الشفافية في صنع القرار، والانغلاق علي الأعضاء والعزلة عن بقية أطياف المجتمع، عقبة أمام قدرة الجماعة علي التكيف مع المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن حرص الجماعة المبالغ فيه علي تحقيق الوحدة التنظيمية وإسكات الآراء المخالفة قد أدي إلي ابتعاد العقول المميزة وانشقاقها عن الجماعة، كما أن عقلية القادة التنظيميين للإخوان والتي يطغي عليها الانطواء والتحجر قد ساهمت أيضا في إعاقة قدرتها علي بناء شبكة من الحلفاء الداعمين لها».
واستعرض التقرير، اتسام جماعة الإخوان وقادتها بضيق الأفق السياسي الذي لم ير في ثورة 25 يناير سوي فرصة سانحة للقفز علي المشهد والانقضاض علي السلطة، غافلين العوامل التي أدت إلي اندلاع تلك الثورة وعلي رأسها رغبة المصريين في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي كان افتقاد الإخوان للرؤية وعدم قدرتهم علي بلورة أجندة إصلاحية أحد أهم أسباب سقوطهم المدويّ.
وأوضح التقرير أن الإخوان وجدوا في نموذج «أردوجان» مثالا يحتذي به، بغض النظر عن غياب الكوادر المؤهلة داخل صفوف الجماعة والقادرة علي تحقيق التنمية الاقتصادية وبناء التحالفات السياسية علي غرار ما قام به أردوجان في تركيا، وبالتالي كان اندفاعهم نحو السلطة بمثابة «انتحار سياسي سريع».
ووصف التقرير أيديولوجية الإخوان بالجمود والتمسك بأفكار حسن البنا وسيد قطب شديدة التطرف، التي تجاوزتها الحركات الإسلامية في الدول الأخرى مثل تونس والمغرب والسودان، مثل فكرة «دولة الخلافة»، وغيرها من الأفكار غير القابلة للتحقق والمتنافية مع روح العصر، بالإضافة إلى تفسيراتهم الخاصة للنصوص الدينية، التي أقل ما توصف به أنها شديدة العنصرية والتمييز ضد المرأة والأقليات وكل ما هو غير مسلم، كما لا يخفي علي أحد التناقض بين ادعاء الالتزام بالشريعة والقيم الإسلامية وبين اتباع سياسة اقتصادية تقوم علي آليات السوق والالتزام بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، إلي غير ذلك من التناقضات التي يحفل بها فكر الجماعة.
واختتم المركز التقرير، قائلاً: «كان من الطبيعي بعد كل ما سبق أن ينصرف الشعب المصري عن هذه الجماعة، ويعلن لفظه لها من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت محافظات مصر في 30 يونيو 2013، إيذانا ببدء مرحلة جديدة يسطر فيها الشعب المصري صفحة ناصعة من صفحات الوطنية والانتماء والتكاتف من أجل رفعة مصر داخليا وخارجيا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية