ماذا بالضبط بين الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبين الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف؟!
والسؤال على مستوى آخر هو: هل ما بينهما خلاف، أمر شخصى، أم أنه خلاف حول قضية عامة؟!
والسؤال فى اتجاه ثالث هو: هل وصل الخلاف بينهما إلى حد الخروج للعلن بهذه الحدة التى تابعناها جميعاً خلال أيام ثلاثة مضت؟!
لقد عقد الدكتور جمعة مؤتمراً حول قضية تجديد الخطاب الدينى، صباح الاثنين الماضى، غاب عنه شيخ الأزهر، ولم يرسل حتى مندوباً عنه، وهى مسألة كانت لافتة جداً، وكانت مثيرة لأكثر من علامة استفهام، ولاتزال.
وقد يقول قائل هنا: وماذا فى ذلك؟!.. إن من حق الإمام الأكبر أن يحضر المؤتمر الذى يراه، ومن حقه أن يغيب عن أى مؤتمر يراه أيضاً، وألا يرسل مندوباً عنه، فليس هناك سبب يلزمه بشىء فى هذا الإطار!
وسوف أوافق على ذلك تماماً، ثم أسأل: ولكن ما معنى أن يدعو الإمام الأكبر، بعد مؤتمر الأوقاف بـ24 ساعة، إلى لقاء موسع مع مثقفين، ومفكرين، وإعلاميين، ورجال دين، حول الموضوع ذاته الذى كان المؤتمر يبحثه؟!
بل ما معنى أن يغيب الدكتور جمعة، أو أى مندوب عنه، عن لقاء شيخ الأزهر، رغم أن القضية فى الحالتين - حالة المؤتمر وحالة اللقاء - واحدة ومشتركة، ورغم أن الهم فيهما واحد ومشترك، أو هكذا نفترض، ورغم أن الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، كان حاضراً فيهما معاً؟!
أذهب لأبعد من هذا، لأسأل عن معنى أن يقول شيخ الأزهر، فى لقائه الموسع، الذى لم يكن يقل حشداً عن مؤتمر الدكتور جمعة، إن قضية تجديد الخطاب الدينى لم تجد حتى الآن تحركاً جماعياً؟
ما معنى هذا بالضبط، وما هو التحرك الجماعى الذى أراده الدكتور الطيب، ثم لم يجده، ومن خذله على وجه التحديد فى مسألة التحرك الجماعى الذى تمناه، بعد أن صح منه العزم، كما قال شاعرنا زمان، ولكن الدهر أبى.. مَنْ يا فضيلة الإمام؟!
سؤال رابع.. أو عاشر، أهم هو: ما علاقة هذا كله باللقاء الذى انعقد صباح الأربعاء، بين الرئيس السيسى، وبين الدكتور الطيب؟! ولماذا أشاد الرئيس، خلال اللقاء، بدور الأزهر فى مكافحة الإرهاب، فى الوقت الذى نرى فيه «إشارات» تصدر عن الرئاسة، بين حين وآخر، وتقول على استحياء أحياناً، وغير استحياء أحياناً أخرى، إنها غير راضية عما تم، ويتم، فيما كان الرئيس نفسه قد أعلنه فى احتفال المولد النبوى الشريف قبل شهور؟!
يومها طالب الرئيس، صراحة، وبقوة، بثورة فى اتجاه تجديد الخطاب الدينى، ثم عاد بعدها ليؤكد، منعاً لأى فهم دخيل أو سيئ النية، أنه طالب، ويطالب، ونحن معه طبعاً، بثورة من أجل الدين، لا بثورة على الدين أبداً!
وفى كل مناسبة لاحقة على احتفال المولد النبوى الشريف، كان هناك امتعاض خفى لدى الرئيس، من أن ما طالب به، ولايزال، لم يجد الآذان الصاغية على النحو الواجب!
وفى كل مرة، كانت الدولة تشعر بأن شيخ الأزهر غاضب من شىء، أو من شخص، فإنها كانت تسارع إلى استرضائه، وكان ذلك واضحاً ومعلناً، وكان بأن يذهب إليه المهندس محلب، رئيس الوزراء فى مكتبه، مرة، أو بأن يستقبله الرئيس فى مكتبه مرة أخرى، كما جرى أمس الأول.
وفى كل الأحوال، كنت أنت تشعر بأن الأطراف كلها تدارى على شىء، لا تجوز المداراة عليه أبداً، لأن الوطن هو الذى يدفع الثمن!