x

سليمان جودة إلى مسؤولينا الثلاثة: احسبوها! سليمان جودة الأربعاء 27-05-2015 21:43


هذه رسالة إلى رجال ثلاثة: المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، والسيد هانى قدرى، وزير المالية، ثم اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية.

أما موضوعها فهو كروت الوقود التى بدأت إدارات المرور توزيعها بامتداد الجمهورية، ابتداءً من صباح الاثنين الماضى، تمهيداً لتوزيع البنزين والسولار بالبطاقة الذكية، بدءاً من 15 يونيو المقبل.

مرحلة 15 يونيو هى مرحلة ثانية.. أما الأولى فقد سبقتها حين تم تجريب الفكرة فى مدينة بورسعيد، وأما الثالثة فسوف تكون لاحقاً، والواضح أن الغرض من المراحل الثلاث، فى النهاية، هو ضبط دعم الوقود، بحيث يذهب إلى مستحقيه فعلاً، بدلاً من إهدار الكثير منه فى الوقت الحالى.

وما أطلبه من المسؤولين الثلاثة أن يجربوا الفكرة على نطاق آخر سوف أشير إليه حالاً، قبل تعميمها، بعد نحو أسبوعين من الآن، وأن تكون محطة موبيل، فى شارع العروبة بمصر الجديدة، هى النموذج عندهم فى هذه التجربة الثانية التى نقترحها.

ولكن.. لماذا هذه المحطة تحديداً؟! لأن شركة موبيل عندما أنشأتها، عام 1971، كان تقديرها أنها، كمحطة تصريف، سوف تبيع خمسة آلاف لتر يومياً، بما يعنى أن عشر سيارات سوف تتردد عليها فى كل ساعة، إذا افترضنا أن كل واحدة سوف تحصل على 20 لتراً!

كان هذا هو تقدير الشركة لحجم معاملات محطتها فى العروبة، وهو تقدير تبين أنه صحيح فى وقته، ولكن هذه المحطة نفسها ارتفع حجم مبيعاتها فى 2015 إلى مائة ألف لتر، يومياً، وهو رقم أصبحت هى معه مضطرة إلى رفع عدد طلمبات التصريف بحيث تسمح بتموين 18 سيارة فى وقت واحد الآن، مقابل تموين ست سيارات فى وقت واحد فى عام 71، وبحكم مساحتها لم يعد فى إمكانها إضافة أى زيادة أخرى على الطلمبات!

ما معنى هذا؟!.. معناه أن السيارات العشر التى كانت تتردد على هذه المحطة فى الساعة عام 71، صارت مائة فى الساعة أيضاً عام 2015، لأن إجمالى عدد سياراتنا قد زاد من مليون تقريباً آخر القرن الماضى إلى أكثر من ثلاثة ملايين حالياً!

والمعنى، للمرة الثانية، أن بورسعيد لا تصلح لتجربة فكرة كهذه، لأن مبيعات المحطة فى بورسعيد منخفضة بطبيعتها، ولا يمكن أن تكون مقياساً صادقاً لمدى تدفق السيارات على المحطات فى القاهرة وعواصم الأقاليم.

ولأن 15 يونيو يسبق رمضان بخمسة أيام تقريباً، ولأنه يسبق 30 يونيو بأسبوعين، فأغلب الظن أن الدولة مطلوب منها أن تفكر جيداً، وتحسبها بالورقة والقلم، لأنها فى غنى قطعاً عن خلق مشكلة كبيرة فى المحطات على مستوى الجمهورية، وهى على أبواب رمضان، وأبواب 30 يونيو معاً.

وهى، كدولة، فى حاجة أكيدة إلى أن تجرب الفكرة خارج بورسعيد، وليكن ذلك فى منطقة تجارية كالدقى، أو العجوزة، على سبيل المثال، بحيث توضع محطات هاتين المنطقتين، أو غيرهما معهما، تحت المراقبة الدقيقة، خلال فترة محددة تقرر الحكومة تجربة الفكرة خلالها، وفى نطاق ضيق هكذا، فإذا انتقلنا بها، كفكرة، إلى مستوى الجمهورية كلها، لاحقاً، جاء الأمر، عندئذ، محسوباً بدقة، ومبتعداً، فى الوقت نفسه، عما يمكن أن يصيب التجربة كلها، ويصيب الناس معها بارتباك كبير، وبمشاكل لا حصر لها فى عرض الشارع، وعلى أرض المحطات.

سوف يكون على الدولة، لو قررت أن تبدأ بالفكرة فى نطاق ضيق، كالعجوزة على سبيل المثال، أن تراقب عناصر وخطوات التموين، كالعدد الأمثل لماكينات البيع، ومستوى أداء الماكينة التى ستكون عرضة للتلف، لأنها ستعمل فى ظروف مختلفة عن ظروف عمل مثيلاتها فى الفنادق والمطاعم، وسيكون علينا أن نراقب كذلك حجم المبيعات اليومية لكل محطة، داخل منطقة التجربة، لأنه من الوارد أن يفكر بعض زبائنها فى الهرب إلى محطات أخرى، خارج المنطقة، تجنباً للزحام، فتعطيك بالتالى مقياساً كاذباً لما تريد أن تقيسه، وهكذا.. وهكذا.

بقى أن أقول إن المعلومات السابقة جاءتنى فى رسالة من الأستاذ مصطفى محمود على، المدير السابق للتسويق فى «موبيل»، وإنه، يحكى عن تجربة، ويريد، ونريد نحن معه بالطبع، أن تنجح الفكرة، غير أننا لابد أن نكون على يقين من أن النجاح لا يأتى صدفة، وأنه يأتى حين نخطط له جيداً، ونسعى إليه جادين، ونطلبه بشروطه التى يعرفها العالم كله من حولنا!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية