x

مي عزام محلب ناظر مدرسة الوزراء مي عزام السبت 16-05-2015 21:57


هل تذكرون فيلم الناظر للراحل علاء ولي الدين؟ لقد تذكرته أكثر من مرة هذه الأيام مع تصريحات وزراء محلب الصادمة للرأي العام والبعيدة عن الكياسة والذكاء الاجتماعي والسياسي، فوزير الثقافة يكره الستات التخان، أما وزير العدل السابق فأعلنها صريحة أنه يرفض انتماء ابن الزبال لهيئة القضاء، ولقد ختمها زير المالية بوعد مثل وعد جحا للملك بأن يجعل الحمار يتعلم الكلام خلال عشر سنوات.

أغلب وزراء محلب ليس لهم خبرة سياسية سابقة أو تعامل مع المجتمع المدني أو الشارع مباشرة، فالسادة الوزراء جاءوا من «الدار إلى النار» دون أن يسبق تعيينهم تدريب أو تنمية لقدراتهم على مخاطبة الجماهير وكيفية توصيل رؤية مجلس الوزراء الحالي للرأي العام، لو هناك رؤية من الأساس.

في فيلم «الناظر» نشاهد الشاب صلاح الدين (علاء ولي الدين) الذي ورث عن أبيه مدرسة عاشور، غير قادر على إدارة المدرسة، فهو فاشل على الصعيد الدراسي، لم يحصل على الثانوية العامة، وعلى صعيد الحياة العامة فلقد عاش حياة مغلقة ومنعزلة تماما لأسباب ترجع إلى تربيته الأسرية، ولقد وجد في المدرس «هشام سليم» المعين المخلص فيما يخص إدارة المدرسة من الناحية التعليمية، أما عن كيفية التعامل مع الطلبة من الجيل الجديد الذي يتحدث بلغة لا يستطيع أن يفك شفرتها فلقد لجأ إلى بلطجي «اللمبي» أستاذ في هذه اللغة الشوارعية، كما تطلب الأمر أيضا تعلم حركات للدفاع عن النفس ليردع طالبا يتسم بالعنف ويمنع زملاءه من الدراسة، ورغم أن الفيلم كوميدي، فلقد قدم، من وجهة نظري، رسالة مهمة: هناك دائما أمل في أن تغير مصيرك لو أردت بالإرادة والتعلم، فالمثل القائل «من شب على شيء شاب عليه» خطأ.

ولأنني أحب السينما، فهي دائما حاضرة معي، أتذكر مشاهد من فيلم «السيدة الحديدية» إنتاج 2011 الذي نالت عنه ميريل استريب أوسكار أحسن ممثلة لتجسيدها دور رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر. هذه المشاهد لا تفارق خيالي، فحين تم اختيارها لتدخل سباق رئاسة حزب المحافظين عام 1975 واكب ذلك موافقتها على أن تستمع لآراء المختصين ونصائحهم حول تغيير صورتها لتلائم المنصب القادم، أول نصيحة التوقف عن ارتداء القبعات وتغيير تسريحة شعرها، ثم تدريبها على كيفية مخاطبة الجماهير عن طريق التحكم في نبرة صوتها واستخدام لغة الجسد بعناية، فكل حركة للسياسي يجب أن تكون محسوبة، للتأثيرعلى الجماهير والسيطرة على الجموع وتوصيل الرسالة لعموم الناس.

فازت تاتشر برئاسة الحزب ثم قادت حزبها للفوز في انتخابات عام 1979، وشكلت الحكومة. وكانت أول سيدة تتقلد هذا المنصب الرفيع في تاريخ المملكة المتحدة واستمرت في هذا المنصب لمدة 11 سنة.

البسطاء من أمثال الناظر علاء الدين والدُهَاة من الساسة يدركون أنه لا بد من تدريب يناسب كل منصب ويسبق التصدي له، خاصة لو كان هذا المنصب له تعامل مباشر مع الجمهور، مع اختلاف الوضع بين المثال الأول والثاني.

وهذا يجعلني أفكر دائما في كيف يتم اختيار الوزراء؟ سواء في العهود السابقة وحتى الآن، فمصر لا تعرف التعددية الحزبية، والحزب القوي في الشارع كان دائما هو الحزب الحاكم الممثل لفكر القيادة السياسية التي تتمركز في يدها السلطة والتي تشكل الحكومة وفي مقابله جماعات الإسلام السياسى.

في السنوات الأخيرة من عهد مبارك كان يتم تشكيل الحكومة من دائرة رجال الأعمال الذين تتشابه أفكارهم ومصالحهم مع القيادة السياسية المتمثلة في مدرسة جمال مبارك ومعاونيه، والآن يتم الاختيار بالحظ والصدف على رأي محمد منير، في جلسة جمعتني بالمهندس إبراهيم محلب ضمن مجموعة من كتاب المصري اليوم، سأله زميل عن حركة المحافظين ولم تكن قد أعلنت بعد، فأجاب رئيس الوزراء بصدق وعفوية «مازلنا نبحث، لو أحدكم لديه أسماء فليطرحها، هناك أسماء كثيرة محترمة حين يعرض عليها مناصب رسمية في الدولة ترفضها خشية تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة، بالإضافة لانتقادات الإعلام اللاذعة».

الاختيارات الآن لا تأتي بالأفضل ولكن تأتي بالمتاح، فالشعب والحكومة كلاهما يختار بين السيئ والأسوأ.

ندرك أن مستوى الحياة فى مصر أصبح يتراوح ما بين المتوسط وما دون ذلك، ويكفي مثال على ذلك مستوى إخراج أحاديث الرئيس للشعب، ولكن ألا يمكن أن يكون عندنا أمل في التحسين؟

هل يمكن أن نطرح على رئيس الوزراء وهو شخصية متفهمة ومرنة أن يبدأ في الاستعانة بخبراء في مجال إعداد القادة، وما أكثرهم! ليعطوا دروسا خصوصية إجبارية لجميع الوزراء دون تفرقة، ويكون هدف هذه الدروس والدورات تدريب الوزراءعلى كيفية التحدث للإعلام ومع الجمهور، واستخدام لغة الجسد بأسلوب يكمل من صورته ولا ينتقص منها.

فمثل هذه الدورات معمول بها في العالم المتقدم كله في إطار تطوير قدرات العاملين في كل الهيئات والمؤسسات، وحكومة محلب تحتاجها بشدة، فامتلاك المعلومات لا يكفى في مخاطبة الآخرين فلا بد من توظيفها بأسلوب يساهم في التأثير الإيجابى على المتلقي، حتى تصل الرسالة بصورة كاملة وواضحة إلى الجميع.

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية