الثورة الحقيقية فى تغيير ثقافة الناس.. فى تغيير الموروث.. إذا تغير فكر النخبة، لا نحتاج إلى ثورة أخرى.. وإذا تغير فكر الناس ينصلح المجتمع فوراً.. وقعت منذ أيام حادثة مروعة فى الصعيد.. ولم تقم ثورة.. بطلها شاب، وبطلتها امرأة، وسببها بنات أيضاً.. ليست جريمة شرف، لا قدر الله، ولا جريمة تعذيب.. لكنها تُفجر ثورة.. انتحر صاحبها بسبب «خلفة البنات».. فما لها «خلفة البنات» يا ناس؟!
أغرب ما يمكن أن تسمعه أن الأم نفسها تعاير ابنها بخلفة البنات.. ليه، الواد هيجيب الديب من ديله؟.. يدهشك أن من تتكلم امرأة.. يدهشك أنها لا ترى لوجودها قيمة.. الثقافة هى الولد.. البنت عار.. لا تحمل الاسم ولا ترث الملك.. ماذا عندها كى تريد ولداً؟.. لا شىء.. مجرد موظف بسيط.. ولى عهد بريطانيا أنجب بنتاً.. كان أسعد الناس بها.. لم يغضب ولم يثر.. لم تطلب منه الملكة الأم أن يتزوج بأخرى!
الذين عندهم مُلك ما تفرقش معاهم.. لا ولد ولا بنت.. المثير أن الذين لا شىء عندهم هم من يحرصون على خلفة الأولاد.. وقد يكون وجود الولد وبالاً عليهم.. وقد يقتل جدته.. صفحات الحوادث ملأى بهذه النوعية من الجرائم.. إذن الأهم تغيير ثقافة هؤلاء.. كثير من الجرائم للأسف وراءها امرأة صعيدية.. أولها الثأر.. الدراسات الاجتماعية أشارت إلى ذلك.. هى أيضاً من تأخذ الثأر فى حالات كثيرة!
الانتحار لم يحل «مشكلة الأم».. بقيت «خلفة البنات» فى رقبتها.. لكنهن فى هذه الحالة تيتمن.. الزوجة ترملت.. مأساة سببها الجهل.. الأمر يحتاج إلى ثورة ثقافية.. ثورة تقوم بها الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى.. تشارك فيها وزارات الشباب والإعلام والثقافة.. المجلس القومى للمرأة تلقى شهادة وفاة فى هذه الجريمة.. أين هو؟.. أين الجمعيات النسوية؟.. «قولوا إنكم نساء ولستن غفر».. اعترفن أولاً!
هل كانت تستريح هذه المرأة الصعيدية، لو كانت خلفة ابنها ذكوراً؟.. هل كانت تعطيه نيشاناً؟.. هل كنت تعطيه وساماً؟.. ما معنى ما جرى؟.. معناه أنها لا تفهم، ولا ترضى بقسمتها ونصيبها.. ظلت وراء ابنها تعذبه نفسياً، حتى قتل نفسه بالرصاص.. للأسف فى القانون لا تُعاقب.. أم كانت تريد أن تفرح بابنها وحفيدها فقتلته.. قتلت معه بناته.. حرقت قلب زوجته المسكينة.. تراها اليوم أرملة ذابلة!
على فكرة، لم يخلّف من ليس عنده بنت.. البنت تحلّى حياتك.. تملأ الدنيا جمالاً وبهجة وإيثاراً.. تؤثرك على نفسها.. تتصرف بأمومة طاغية.. ابنك لا يفعل مثلها.. قد لا تستفيد منه بأى شىء.. ولو كان كوب ماء.. ما لها خلفة البنات؟.. أليست هذه الأم بنتاً سابقة؟.. هل كان عليهم أن يقتلوها، ويرحموا أهلها وأولادها؟.. أى جبروت عند هذه الأم؟.. كيف تجرأت على تهديد ابنها بالطرد؟.. هل الخلفة إرادة؟!
نريد ثورة اجتماعية.. نريد ثورة ثقافية.. قمنا بثورتين سياسيتين.. طالب الرئيس بثورة دينية لتغيير الخطاب الدينى.. علينا أيضاً أن نقوم بثورة ثقافية لتغيير الثقافات السائدة.. قصة انتحار أبوالبنات تستحق انتفاضة.. ما لم نفعل فلا فائدة بالمرة.. سيكون مجتمعنا فوق فوهة بارود، لا يلبث أن يشتعل!