x

«حميات الإسكندرية».. قتل مع سبق «الإهمال»

السبت 23-05-2015 11:48 | كتب: محمد عبد العال |
مستشفى حميات الإسكندرية مستشفى حميات الإسكندرية تصوير : طارق الفرماوي

أسبوعان من المعاناة عاشهما الشاب إسلام شوقى، بصحبة أخيه أحمد «٣٧ سنة» الذى كان يعانى من «فيروس بى» داخل مستشفى الحميات فى الإسكندرية، قبل أن يلقى الأخير حتفه، إثر تدهور حالته الصحية فى المستشفى الحكومى.

«الإهمال ونقص الإمكانيات الطبية فى مستشفى الحميات تسببا فى وفاة أخى».. بهذه الكلمات لخص إسلام، لـ«المصرى اليوم»، مأساة وفاة شقيقه.

بداية القصة، كما يرويها إسلام، بدأت يوم الثلاثاء الأخير فى شهر إبريل الماضى، بتعرض أخيه لارتفاع مفاجئ فى درجة حرارة المعدة، وزيادة وصفها بـ«البسيطة» لنسبة الصفراء فى الجسم، الأمر الذى دفعه إلى اصطحابه إلى عيادة أحد الأطباء المتخصصين، الذى يعمل بمستشفى الحميات فى المدينة.

يقول إسلام: «الطبيب أخبرنا بأن أخى فى حاجة إلى دخول مستشفى الحميات دون غيره، بحجة أنه متخصص، وبالفعل اصطحبته صباح اليوم التالى فى السابعة صباحاً إلى المستشفى، وظللنا منتظرين على أحد المقاهى القريبة حتى الحادية عشرة والنصف لحين خلو إحدى الغرف». يضيف: «حالة شقيقى لحظة دخوله المستشفى كانت طبيعية وجيدة، ولم يكن يعانى إلا من سخونة فى المعدة، وظل كذلك بعد دخوله الحجرة المحتجز بها لمدة 4 أيام تقريبا، كان يتابعه فيها الطبيب الذى نصحنا بالقدوم للحميات».

واستطرد: بعد مرور الأيام الأربعة الأولى فوجئنا بتدهور حالته وإصابته بحالة من التوهان وفقدان مؤقت للوعى، واستمر هذا لأمر لمدة 3 أيام أخرى كان الطبيب المعالج يطمئننا باستقرار حالته، لكن وضع أخى كان سيئًا.

يشير «إسلام» إلى أن حالة من الشك انتابته تجاه تطمينات الطبيب، فى ظل تدهور الوضع الصحى لأخيه، قبل أن تهمس له إحدى الممرضات بألا يستمع لكلام الدكتور «الممرضة قالت لى الحق أخوك بيموت، ولازم يدخل العناية المركزة فورا»، هكذا قال.

يضيف: «عرضت التحاليل الخاصة بحالة أخى على أحد كبار الأطباء المتخصصين خارج المستشفى، فأخبرنى أن أخى كان من المفترض أن يدخل العناية المركزة منذ اليوم الأول لوصوله للمشفى، وليس بعد مرور أسبوع».

الصحة: نعمل فى ضوء المتاح.. ولدينا نقص فى أجهزة التنفس والرعاية والمناظير

يتابع: مع نهاية اليوم السابع لوجوده بالمستشفى، تمكنت عقب مشادات مع مسؤوليها دامت نحو 3 ساعات من إدخال شقيقى الذى كان فاقدا للوعى حينها ويعانى من غيبوية من الدرجة الرابعة، إلى حجرة بالعناية المركزة.

معاناة «أحمد» وأسرته داخل المستشفى الحكومى، لم تنته بمجرد إيداعه العناية المركزة يوم الثلاثاء الموافق 5 من مايو الجارى، لكنها شهدت تطورات أخرى يصفها شقيقه إسلام بـ«الصادمة».

يقول إسلام: «مفيش حاجة بتخلص إلا بالفلوس، و80% من علاج أخى كنا نشتريه من خارج المستشفى، وكان يحتاج إلى 6 صفائح بلازما دم يومياً لم تكن متوافرة فى بنك الدم أو أى مستشفى آخر، واقتصر دور الحميات على توفير واحدة فقط فى اليوم منها بسعر رمزى لا يتجاوز الأربعين جنيها». يضيف: «فى بعض الأيام كانوا يتصلون بى فجرا لأحضر من سيدى بشر إلى محرم بك لشراء حقنة أو علاج ما لأخى من خارج المستشفى».

يدلل «إسلام» على مزاعمه بشأن تدنى الرعاية وعدم كفاءة طاقم التمريض بقوله: «حالة أخى كانت تتطلب إجراء تحليل لنسبة الأمونيا فى الدم بأحد المعامل الخاصة، وطاقم تمريضه بالمستشفى سحب 3 عينات أثبت فنيو المعمل عدم صلاحيتها لكونها أخذت بطريقة خاطئة».

يضيف أنه عقب تلك الواقعة أصر على اصطحاب فنى متخصص من معمل التحاليل الخاص على نفقته الخاصة، للحصول على عينة سليمة من جسد أخيه بطريقة قال إنها اتسمت بالبساطة، ولم تستغرق وقتاً طويلاً، على حد زعمه.

شقيق المتوفى: التحاليل والأشعة بالخارج.. و٨٠٪ من العلاج على نفقتنا الخاصة

يروى شقيق المتوفى: أثناء وجوده فى العناية طلب الطبيب المعالج إجراء أشعة مقطعية ورنين مغناطيسى للحالة، ليست موجودة فى المستشفى، فاضطررت إلى الاتصال بالإسعاف الحكومى لنقله عبر سيارة مجهزة طبياً لإجراء الأشعة فى مركز خاص خارج الحميات، لكن مسؤولى العربة التى حضرت بعد نحو 3 ساعات اشترطوا مرافقة الطبيب المعالج له طوال الرحلة، وهو ما رفضه الأخير.

يوضح أنه عقب انصراف سيارة الإسعاف الحكومى أحضر سيارة أخرى تابعة لأحد المستشفيات الخاصة، ونقلت أخاه إلى مركز الأشعة، مضيفا: هناك كشفت النتائج إصابته بجلطة فى المخ نتيجة مضاعفات حالته التى تم توصيفها وقتها على أنها فشل كبدى حاد.

لمأساة إسلام مع شقيقه الفاقد للوعى آنذاك، شق ثان يقول عنه إسلام إنه يوضح إلى أى مدى وصل الحال بالمستشفيات فى المحافظة، وكيف أن الأمر لم يعد علاجاً، بل أصبح تجارة رائحة بأرواح وأجساد المرضى، حسب تعبيره.

يحكى «إسلام»: قبل الوفاة التى حدثت يوم الثلاثاء الموافق 12 من الشهر الجارى، بيوم اصطحبت أخى فى سيارة إسعاف خاصة للمرة الثانية إلى مستشفى لوران لإجراء أشعة أخرى على المخ والأعصاب، وهناك أخبرنى الطبيب المختص بأن حالة أخى حرجة للغاية ونسبة شفائه لا تتعدى الـ10 %.

يضيف: أخبرنى هذا الطبيب أن شقيقى بحاجة إلى جراحة عاجلة فى المخ لزرع دعامة وإزالة الجلطة لرفع نسبة الشفاء إلى 50%، تبلغ تكلفتها نحو 52 ألف جنيه، ولا يوجد مكان يجرى مثل هذا النوع من العمليات إلا مستشفى لوران، لكننى عدت بأخى مرة أخرى إلى الحميات، وقررت استشارة أحد كبار الأطباء المتخصصين فى الأمر.

«أحمد شوقى» ٣٧ سنة دخل المستشفى يشكو من «فيروس B» خرج بعد أسبوعين جثة هامدة

يتابع أنه أثناء انتظاره الطبيب فى الموعد المحدد سلفاً يوم الثلاثاء، فوجئ باتصال هاتفى من المستشفى ينقل إليه خبر وفاة شقيقه، الذى غادر الحميات جثة هامدة فى نعشه.

يتساءل إسلام: إلى متى سيستمر هذا الحال المتردى للرعاية فى المستشفيات الحكومية؟ ولماذا لا يتم تجهيزها بكافة الأجهزة والمعدات اللازمة لإجراء التحاليل والأشعة للتيسير على المرضى؟ وما مصير الحالات الأخرى حال دخولها مستشفى الحميات؟!

فى المقابل، يقول الدكتور مجدى حجازى، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، إن المستشفيات تعمل فى ضوء الإمكانيات المتاحة لها، ولا يوجد أى تقصير من جانب الكوادر البشرية المشغلة لها.

وأضاف حجازى: نطبق القانون تجاه أى مخالفة أو تقصير حال ثبوته، ولا نتهاون فى أى شىء يهدد صحة المرضى.

وتابع: نعانى من نقص فى أجهزة العناية المركزة والتنفس الصناعى، وأجهزة جراحة العظام والمناظير، وشكلنا مجلسا تنفيذيا داخل مديرية الصحة، مكونا من مديرى المستشفيات ومديرى الإدارات، لحل المشاكل حلا مباشرا.

وأوضح أنه يتحرك على خطتين: الخطة الأولى ذات مدى زمنى قصير لإصلاح الأعراض العاجلة والخطة الثانية ذات مدى زمنى متوسط على بضع سنوات لإصلاح المشكلات من جذورها وتحقيق تطور حقيقى فى مستوى الخدمة الصحية فى الإسكندرية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية