بعد تأييده للنظامين المصرى والسورى أصبح على قائمة اغتيالات «داعش»، إنه السيناتور الجمهورى ريتشارد بلاك، عضو مجلس الشيوخ الأمريكى عن ولاية فيرجينيا، يتميز بخلفيته القانونية والعسكرية، حيث خدم كطيار فى حرب فيتنام، وشغل منصب المدعى العام العسكرى للولايات المتحدة، وعرف عنه دعمه الكامل للحرب على الإرهاب، وتأييده للقاهرة ودمشق فى حربهما ضد الجماعات المتطرفة، وفى عام 2013 أيد خطوة المشير عبدالفتاح السيسى آنذاك لخوض انتخابات الرئاسة المصرية، وبعد معارضته خطوة واشنطن بشأن تسليح المعارضة السورية تم وضع اسمه على قائمة الاغتيالات التى يشنها تنظيم «داعش».
السيناتور بلاك، الذى انتقد سياسة البيت الأبيض فى إدارة ملف العلاقات المصرية الأمريكية، واعتزامه تسليح المعارضة السورية، كشف فى حواره لـ«المصرى اليوم» عن التقارير المسربة لدول المنطقة الداعمة للإرهاب، وعرض رؤيته لسياسة الرئيس المصرى، وأسرار الاتفاق النووى الإيرانى، وكذلك دور البحرية المصرية فى تأمين مضيق باب المندب، بالإضافة إلى سيناريوهات الحرب على داعش.
وإلى نص الحوار:
■ ما تعليقك بعد وضع اسمك على قائمة الاغتيالات لتنظيم داعش وماذا فعلت لهم ليقوموا بذلك؟
- قلت فى إحدى المقابلات التليفزيونية إن سقوط النظام السورى سيخلق فراغاً خطيراً فى الشرق الأوسط، وسترفرف رايات داعش والقاعدة فوق دمشق فى غضون أشهر بعد سقوطها، وبعدها سيتجهون إلى الأردن، ثم لبنان لتسقط المنطقة كلها دولة تلو الأخرى بما فيها تركيا، وهذا يؤدى فى نهاية المطاف إلى شن حملات إرهابية ضد أوروبا، فالخطر ليس بعيداً كما يعتقد البعض.
وأكملت قائلاً: «إن حلف الناتو والدول العربية التى تقاتل ضد النظام السورى غافلة خطر إطلاق العنان لسم الإرهاب الذى لا يمكن أن يتم احتواؤه إذا تغلغل فى المنطقة، ولذلك يجب على حلف الناتو والعالم العربى فهم مدى خطورة تسليح الإرهابيين فى سوريا، بمن فيهم من أطلقت عليهم أمريكا خلال تلك الأيام بالمعارضة المعتدلة، لأنهم جزء من تنظيم داعش فى الأساس، ولأن هؤلاء الإرهابيين بعد عودتهم إلى ديارهم سيعملون على زعزعة الاستقرار فى بلدانهم الأصلية، وإذا واصلنا مساعدتهم وتسليحهم سيصبحون قوة إرهابية كبيرة جداً تهدد استقرار كل من أوروبا وشبه الجزيرة العربية.
خلاصة الأمر أن مساعدة هؤلاء ضرب من الجنون الانتحارى، لذلك فإن تنظيم داعش استخدم كلماتى لكى يثبت لأتباعه نواياهم الفعلية، ونشروا ما قلت تحت عنوان «الصليبى عدو الدولة الإسلامية يقرأ أهدافنا وما كنا نقوله لكم».
■ كيف يمكن القضاء على تلك المنظمات الإرهابية من وجهة نظرك؟
- الخطوة الأولى، على الولايات المتحدة وقف تسليح وتدريب الإرهابيين فى سوريا، خصوصاً من تطلق عليهم المعارضة المعتدلة، لما فى ذلك من انتهاك للقانون الدولى. إن ما يسمى «المتمردين المعتدلين» أو«المعارضة المعتدلة» الذين تقوم أمريكا وبعض الدول العربية بتدريب غالبيتهم هم أنفسهم من ينضمون بسرعة إلى صفوف داعش، وجبهة النصرة، الفرع السورى لتنظيم القاعدة. لذلك أصبحت هذه المنظمات الإرهابية أقوى الجماعات المسلحة وأكثرها تهديداً على الأرض، فعلينا أن ندرك خطورتها على جميع دول المنطقة.
وكان ممكناً أن تصبح الحرب فى سوريا فى إطار انتفاضة أو ثورة غير دموية، لولا تدخل دول أخرى قامت بسكب البنزين على النار، وأرى أنه من مصلحة الجميع الآن إنهاء الحرب فى سوريا واستعادة السلام فى الشرق الأوسط، ولكى تستمر الدول الغربية فى الضربات الجوية ضد داعش وعلى الأرض لابد أن تبدأ الحرب بطلب الإذن من سوريا فى التحليق فوق أراضيها السيادية، ومتى تم ذلك ينبغى التنسيق مع القوات السورية، وهم أكثر أعداء لداعش، فإذا تم التعاون مع القوات السورية تصبح الحملة منسقة فى الهواء وعلى الأرض.
■ كيف تنظرون إلى نتائج الضربات الجوية الأمريكية وتحالفها ضد داعش وهل هى كافية؟
- هذه الضربات الجوية متواضعة إلى حد كبير، جميعها تقريباً غارات جوية تشنها الولايات المتحدة وشاركت فيها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، ولكن بشكل متقطع، لأن معظمهم يترددون فى قصف داعش، باستثناء الأردن.
لقد كانت الضربات فعالة وقوية فى ريف كوبانى، حيث كان القرار هو قصف مواقع مهمة، أما غير ذلك فإنها تجرى بحذر شديد، وهذا يسمح لداعش بالعمل أكثر فى عاصمته الرقة، أيضاً نادراً ما تستخدم الضربات الجوية ضد تنظيم كتائب النصرة، أى أن هذه المجموعة محمية من الضربات الجوية، مع العلم أن كتائب النصرة وداعش ومجموعات إرهابية أخرى يعملون بشكل تعاونى وبنفس الطريقة والأهداف، وفى نهاية المطاف نجد النتيجة واحدة: قتل جميع الأقليات الدينية واستعباد النساء فى سوريا والعراق.
■ هناك حلفاء للولايات المتحدة تدعم داعش فما هو تعليقك على ذلك؟ وكيف يجب أن تتعامل الولايات المتحدة مع هذه الدول؟
- نحن نعلم أن تركيا هى حليف قوى لداعش وكتائب النصرة، ومنذ بداية الحرب كانت تركيا معبراً للجهاديين وتوفر الأسلحة والمعدات للإرهابيين إلى جانب العناية الطبية، وعلى ما يبدو فإن عملاء المخابرات التركية نظموا الهجوم بغاز السارين على دمشق فى 21 أغسطس عام 2013، وفعلوا هذا ذريعة لتبرير الهجمات المباشرة الأمريكية والبريطانية ضد سوريا، وقد أوشك العمل المخابراتى التركى على النجاح، وكانت ستبدأ الحرب الأمريكية على سوريا بسب ما يسمى «الهجمات الكيماوية»، ولكن قبل 3 أشهر من ذلك انكشفت مساعدات عملاء المخابرات التركية لإرهابيى كتائب النصرة فى العبور إلى سوريا بـ 2.2 كيلو جرام من غاز السارين، وداهمت الحكومة التركية ما يقرب من 1000 مصنع سورى فى مدينة حلب، وسرقوا معداته.. لقد كانت تركيا إحدى أهم الدول المتقدمة فى عهد أتاتورك، ولكنها أصبحت محرضاً خطيراً وعنيفاً فى عهد أردوجان.
أيضاً وفقاً لتقارير سرية موقعة من هيلارى كلينتون سربت عبر ويكيليكس فإن قطر لديها أسوأ سجل من التعاون فى مكافحة الإرهاب.
لذلك فإنى قلق للغاية من الإمدادات العسكرية التى ترسلها الولايات المتحدة إلى هذه الدول، لأنها تتحرك بسرعة إلى أيدى الإرهابيين. وأود أن تحد الولايات المتحدة من إمدادات الأسلحة إلى دول مثل المملكة العربية السعودية وقطر، وسيكون من الحكمة أيضاً إقامة حصار بحرى على تدفق الأسلحة إلى ليبيا وسوريا، حيث ترسل تركيا هذه الأسلحة إلى الإرهابيين فى سوريا، فيقتل الآلاف من الأبرياء.
■ شنت مصر ضربات ضد ليبيا بعد مقتل 21 مصرياً مسيحياً على يد داعش واكتفى البيت الأبيض ببيان نعى، كيف ترى تناقض سياسة الإدارة الأمريكية ورد فعل الرئيس المصرى؟
- الرئيس السيسى أراه أحد القادة العظام فى العالم هذه الأيام، ومن دونه لأصبحت مصر الآن فى حالة من الفوضى التامة، وتحمل مسؤولية حماية المواطنين المصريين بأقصى ما يستطيع وبالأخص المسيحيون. وأنا كمؤيد صريح لمصر ورئيسها فخور للاستجابة الانتقامية السريعة ضد جرائم القتل فى ليبيا على يد الجماعات المتطرفة هناك.
■ فى عام ٢٠١٣ أرسلت خطاباً إلى وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسى تدعوه للترشح لانتخابات الرئاسة والآن هو الرئيس فكيف ترى قيادته للبلد؟
- كنت حريصاً جداً قبل كتابة ذلك الخطاب، وأردت أن يتأكد انطباعى الإيجابى عن الرئيس السيسى، فقلت له إن القرار لم يكن له وحده، وإن من واجبه الرسمى والوطنى خدمة الشعب، وإن الخيار ليس له وإنما للشعب، واختار التاريخ الرئيس السيسى لهذه اللحظة الحرجة بعد الفوضى التى أحدثتها جماعة الإخوان المسلمين، فلم يمكن على الساحة إلا السيسى لاستعادة النظام فى مصر.
والرئيس السيسى رجل وطنى وقومى وليس دمية فى يد القوى الأجنبية، واحترم وساند الكثيرون منا قراره لتمويل قناة السويس الجديدة من السندات، وهذه السندات ليس بها أى ربح للأجانب الأثرياء، فثروة السويس ملك للمصريين، ومن حق المصرى جنى الأرباح من هذا المشروع التاريخى، وهذا مصدر كبير لفخر الشعب المصرى بالمشروع وبالرئيس، وأقول إن العالم معجب بمصر فى هذا المجال، وان كان رجلاً آخر أو رئيساً أخر لأعطى هذا المكسب المالى للأجانب الأثرياء، ولكن الرئيس السيسى هو شخصية تاريخية، فهو زعيم من الشعب وللشعب، ولو أن هناك جائزة لأفضل زعيم فى العالم، لكنت رشحت الرئيس السيسى لها.
■ تعانى العلاقات المصرية الأمريكية حالة من التوتر عكس العلاقة مع روسيا التى تتحسن على المستويين الاقتصادى والعسكرى.. فكيف ترى ذلك، وهل فى رأيك تحسن العلاقات المصرية الروسية سيكون له تأثير سلبى على المصالح الأمريكية فى المنطقة؟
- العلاقات الأمريكية المصرية تتحسن الآن، وتمت الموافقة على إرسال معدات عسكرية كانت وعدت بها مصر، وتخلت الولايات المتحدة تدريجياً عن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وكان قرار مصر برفض السفير الأمريكى روبرت فورد قراراً حكيماً، فهو صاحب سياسة تخريبية وهذا ما تم إثباته من تجربته فى سوريا، «فورد» أحد أكثر الشخصيات الشريرة فى الشرق الأوسط.
وكان لهيلارى كلينتون أيضاً دور فى إرباك العلاقات مع مصر، التى تسببت سياستها فى الاضطرابات وسفك الدماء فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعندما تنحت من منصب وزيرة الخارجية فإن العلاقات بدأت فى التحسن إلى حد كبير مع مصر، كل ما أريد قوله هو أن أوصى بأن تتحلى مصر بالصبر فى العلاقات مع الولايات المتحدة، لأنك فى الطريق لكسب الدعم الدبلوماسى الأمريكى الذى تستحقه.
وفى الوقت نفسه، عن العلاقات المصرية الروسية فهى ذات طابع تاريخى وأعتقد أن هذا تطور إيجابى، فروسيا لديها فهم لخطر الإرهاب أكثر من الولايات المتحدة، ولا يوجد أى سبب يلزم مصر أن تختار بين أمريكا أو روسيا. كدولة ذات سيادة، ينبغى لمصر إقامة أواصر الصداقة مع العديد من الدول.
■ ما تعليقك على الاتفاق الأخير بشأن الملف النووى الإيرانى مع العلم أن إيران تعتبر عدواً لحلفاء أمريكا فى الخليج وأخطر عدو لإسرائيل أيضاً؟
- أنا أؤيد الجهود الأمريكية للحد من التطور النووى الإيرانى مع تجنب الحرب، فأنا لا أتفق مع أولئك الذين يحثون على هجمات ضد إيران، فالشرق الأوسط مشتعل بالفعل بالحروب، ويجب علينا أن نظهر المزيد من الصبر، مع إظهار القدرة فى الدفاع عن أصدقائنا.
■ كيف ترى الحرب فى اليمن وهناك من يعتقد أنها حرب دينية بين الشيعة بقيادة إيران والسنة بقيادة المملكة العربية السعودية؟
- اليمن ليست حرباً بالوكالة الدينية بين المملكة العربية السعودية وإيران، ولا يوجد أى دليل موثق بأن الانتفاضة من قبل الحوثيين بتشجيع من إيران أو أى دولة خارجية، وفى رأيى الصراع هو محض قضية داخلية، خسر الرئيس هادى دعم الشعب، وقد حان الوقت لكى يغادر السلطة، وإذا عاد هادى من الرياض فلن يكون أكثر من دمية فى يد دول أخرى، وأنا لا أؤيد التدخل الخارجى فى اليمن من قبل أى شخص.