«محدش يعزينى في ابنى.. مش هاخد عزاه إلا لما ييجى حقه».. هكذا تحدث والد الشهيد أحمد عبدالله، أمين شرطة في جهاز الأمن الوطنى، وأن يغلق الباب على أحزانه ويقبع في منزله منتظراً نتائج التحقيقات ومعرفة الجناة الذين اغتالوا ابنه في مدينة كرداسة بالجيزة، السبت الماضى.
زوجة شابة و4 أطفال صاروا بلا عائل، لم يتجاوز عمر أكبر الأبناء 6 سنوات، بينما الأم في حالة انهيار على فقدان ابنها الوحيد الذي كان على وشك تحقيق حلمه في أن يصبح ضابطاً، حيث التحق بكلية الحقوق وكان يدرس في عامه الأخير قبل أن يخترق الرصاص جسده ويحول طموحه إلى دماء متناثرة على الطريق. الأب يبدو متماسكاً لكنه الحلقة الأضعف، يشعر بعجز وقلة حيلة، بينما لم يندم على مساعدة ابنه للعمل في «الأمن الوطنى»، قائلا: «مش ندمان رغم إن ابنى تم استهدافه بسبب عمله، ولو رجعت بيا الأيام كنت هخليه يشتغل في نفس الجهاز عشان يخدم بلده ويبقى رهن إشارته». لحظات عصيبة مرت على الأسرة يرويها الأب: «ابنى يوم أجازته خرج يلعب الكرة مع شباب المنطقة، قلتله بلاش يا ابنى لترجع مكسور، راح رجعلى ميت»، مضيفا: «كنت نايم في البيت وناس من أهل القرية اتصلوا بيا قالولى تعالى بسرعة يا حاج واحد من قريبكم تعب وهننقله المستشفى، جريت على ملا وشى مش عارف حاجة، ولما وصلت لقيت واحد ملفوف في ملاية غرقانة دم والناس بتبصلى وتقولى البقاء لله، رفعت الملاية لقيت ابنى مضروب بالرصاص في كل حتة في جسمه، غطيته وقلت حسبى الله ونعم الوكيل».
«عبدالله، وجودى، وأسماء، وجنى»، أربعة أطفال لم يكفوا عن الصراخ منذ غياب الأب، الكبير منهم يسأل عن والده «هو بابا فين؟» فيحتضنه الجد الحزين ويبكى قائلاً له: «أبوك في الجنة يا حبيبى، وانتم من هنا ورايح مسؤولين منى أنا، وزى ما ربيت أبوكم أحسن تربية هربيكم انتوا كمان»، أما الأم المكلومة فظلت تردد: «حسبى الله ونعم الوكيل».
لم يقف الحزن على حدود منزل الشهيد، فكل أهالى قرية «بنى مجدول» بكرداسة حزانى عليه، فالضحية كان صاحب سمعة طيبة ويحظى بحبهم، ولا يتأخر في مساعدتهم بأى شىء، وقبل اغتياله بيوم واحد شارك شباب القرية في إطفاء حريق اندلع بأحد المنازل- وحسب والده: «عمره ما اتأخر على حد، ولا زعل حد منه وكل الناس بتحبه، ويوم العزا جت القرية كلها تقدم التعازى لكنى رفضت وقلتلهم بعد ما حق ابنى يرجع هدعيكم كلكم في بيتى وهاخد منكم العزاء».