هل يمكن أن تكون لغة التعامل بيننا كمواطنين، وأيضا بين الحكام والمحكومين هى المصارحة التى لا تعرف التنازلات ولا المجاملات؟
منذ شهور، ونحن نسمع عن قانون الاستثمار وتوحيد جهات القرار لكى تنتهى من تاريخنا نهائيا مقولة «دوخْت السبع دوخات»، ولكن ما حدث على أرض الواقع هو أن المهمة التشريعية الجديدة لم يصاحبها إصلاح إدارى حقيقى، والمثل على أرض الواقع عند توحيد جهة القرار أنه مازال مطلوبا من الموظف الإدارى الذى سيمارس مسؤولية توحيد القرار أن يقوم بجولة حول نفس جهات الاختصاص المتعددة التى مازالت موجودة.
من حقنا أن نتساءل: ماذا تم حتى الآن؟.. تم تعديل عدة قوانين، من بينها قانون الاستثمار، وقانون الضرائب على الدخل، وقانون الضريبة على المبيعات، وقانون الشركات.. أين المشكلة إذن؟ إنه رغم كل التقدير لشخص وقدر محافظ البنك المركزى، فهناك تساؤلات عن آثار بعض قرارات البنك المركزى مثل تحديد الحد الأقصى للإيداع اليومى بعشرة آلاف دولار نقدا، وحد أقصى خمسين ألف دولار للإيداع الشهرى.
ولكن الأهم والأخطر أن هذه القرارات أيضا لم تسمح بموارد بديلة شرعية لتغطية الاحتياج الفعلى لشراء المواد الأولية المستوردة من الخارج واللازمة لممارسة المصانع نشاطها، كما أن هناك مشكلة توفير العملة الصعبة لشراء السلع الاستراتيجية مثل الدواء. والمعروف أنه من غير المعتاد اتخاذ قرار من هذا النوع دون الاستعداد لمعالجة الآثار السلبية على الاقتصاد ككل.
هل حقيقى أن الرئيس غاضب من الحكومة، ربما يكون السبب هو التأخير فى تنفيذ مشروعات المؤتمر الاقتصادى الذى تفاخرنا به أمام العالم أجمع، ثم تساءلت كثيرا من مؤسسات الاستثمار العالمية عن أسباب التأخير فى تنفيذ مشروعات المؤتمر الاقتصادى، وتساءل البعض الآخر عن أسباب تأخير صدور قانون الاستثمار، بل ذهب هؤلاء أيضا للتساؤل عما إذا كان من الأفضل أن يصدر قانون الاستثمار قبل المؤتمر الاقتصادى حتى يكون المستثمر مطمئناً بعد حضوره المؤتمر عن المستقبل الاقتصادى تنفيذيا، وفيما يخصنى أتفق مع رئيس الوزراء المهندس محلب أن يكون الرئيس غاضباً من الحكومة، ولكن من الأكيد أن لديه رغبة فى التعجيل فى تنفيذ الإجراءات.
ومن المحتمل أن من أسباب التأخير فى صدور قانون الاستثمار هو المنافسة بين بعض الوزراء فى الاحتفاظ برغبتهم فى السيطرة على اختصاصاتهم، رغم اعتقادى بأنه فى نهاية المطاف فإن توجيهات رئيس الدولة ورئيس الحكومة سينتهى الأمر بتنفيذها على كل الأحوال.
وفى حدود علمى، فإن الرئيس السيسى أكد فى اجتماعه مع عدد من الوزراء على ضرورة تخليص مؤسسات الدولة من الفساد ومن البيروقراطية، وهما من أهم مصدر الداء وشلل الحركة فى مؤسسات الدولة. كما أكد السيد الرئيس على أنه لن يسمح بوجود فاسد فى أى مؤسسة.
وجاء المهندس محلب بدوره ليؤكد أن الدولة ستواجه الفساد بكل صوره وأشكاله بلا هواده.
ولنتفق سوياً فى الرأى أنه سيظل هناك فارق بين ما يمكن للبنك المركزى بيعه كدولارات لتغطية احتياجات شراء السلع الغذائية مثلا، وبين طلبات واحتياجات المستوردين، وهذا ما حصل أخيرا، حينما قام البنك المركزى ببيع نصف مليار دولار ورد فعل المستوردين بقولهم: «لم نحصل على جميع احتياجاتنا، ونحتاج إلى خمسة مليارات دولار».
نحن نعلم أن ما يتمناه هشام رامز، محافظ البنك المركزى، أن تنتهى «حدوتة» السوق السوداء بلا رجعة، فى حين أن طموح المستوردين ورجال الأعمال هو الاستجابة لمطالبهم الخاصة لمشترياتهم، سواء كانت احتياجات أساسية أم احتياجات ترفيهية.
هل من المتخيل أن نجد رأيا عاما تجتمع كلماته على أن قدس الأقداس هو احترام المصلحة العليا للوطن؟!