كان من حسن حظى أن أشارك فى احتفالات جامعة القاهرة بمنح الدكتوراه الفخرية لسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى فى الأسبوع الماضى – الثانى عشر من مايو 2015.
والشيخ سلطان ينتمى إلى الجامعة التى أنتمى أنا أيضاً إليها والتى تحتل فى وجدانى مكاناً كبيراً عبّرت عنه كثيرا سواء فى مقالاتى أو كتبى، وإذا كنت أنتمى إلى كلية الحقوق فهو ينتمى إلى كلية الزراعة، وذلك بعد أجيال من التحاقى بالجامعة. التحقت بها عام 1948م والتحق هو بالكلية فى أكتوبر 1965م - وفى ذلك الوقت كنت أعمل مدرساً بكلية الحقوق فى بدء حياتى الجامعية، بعد أن تركت النيابة العامة .
وقد تكفل الشيخ سلطان بالكتابة عن حياته فى كتاب له أصدرته دار الشروق بعنوان «سرد الذات» التى أصدرت لى أيضاً كتاب «قصة حياة عادية».
وكان «سلطان» فى بداية حياته الجامعية ناصرياً حتى النخاع، وكان عضواً فى نادى العروبة فى الإمارات، وكانت بداياته الدراسية فى جامعة القاهرة أيام الرئيس أنور السادات.
وكنت أنا فى ذلك الوقت من الذين ينتمون إلى الحركة العربية، وفى مقدمتها التنظيم الطلابى الناصرى.
ولعلى أذكر أن الشيخ سلطان بن محمد القاسمى كان زميلاً للمشاكس الأكبر «محمود السعدنى»، الذى كان بدوره ناصرياً. وكان الشيخ سلطان ومحمود السعدنى يلجآن إلىّ عندما يصادفان مشاكل نتيجة انتمائهما الناصرى خاصة فى تلك الفترة من بداية حكم الرئيس السادات .
خطرت فى ذهنى هذه الخواطر كلها وأنا أجلس فى حفل منح الشيخ سلطان درجة الدكتوراه الفخرية فى جامعة القاهرة بعد أن قلده رئيس الجمهورية فى اليوم السابق قلادة النيل، وهى أعلى قلادة تمنحها مصر فى تكريم عظماء الرجال. وفى اليوم السابق لاحتفال الجامعة بمنح الشيخ سلطان الدكتوراه الفخرية كان يجرى افتتاح دار الوثائق الجديدة التى تبرع الشيخ سلطان بكل نفقاتها .
وفى احتفال الجامعة رأيت أستاذنا الكبير الأستاذ الدكتور/ إبراهيم بدران، وهو رئيس أمناء المجلس العلمى، الذى سبق أن امتدت يد الغدر والتخلف بالحريق لمكتبته، وكان سلطان القاسمى هو الذى أعاد إعمار مكتبة المجلس ومبنى المجلس نفسه إلى أحسن مما كان.
إنهم يفاخرون فى أوروبا وفى البلاد المتقدمة بكثير من الرجال الذين يخصصون أموالاً لتشجيع البحث العلمى ولتشجيع الفنون والثقافة بصفة عامة، وأظن أن سمو الشيخ سلطان القاسمى أثبت أن من أبناء العرب من يستطيع أن يسبقهم فى هذا المضمار.
و كم كان الشيخ سلطان بسيطاً ورائعاً وهو يروى ما حدث له أول قبوله فى كلية الزراعة، وبالذات فى يونيو 1967م – عندما حدثت النكسة نتيجة تكاتف الدول على جمال عبدالناصر، وما وقع فى مساء التاسع من يونيو 1967م إلى التنحى، وهنا أذكر أنه وجَّه قصيدة قال فيها «يا ندامة يا بلادى يا ندامة» وشارك فى المظاهرات العارمة التى أجبرت عبدالناصر على أن يعود.
وأذكر هنا أن أم كلثوم بدورها شدت بأغنية قالت فيها مخاطبة عبدالناصر «ابق لا ترحل فأنت صمام الأمان ».
و كان هذان اليومان – التاسع والعاشر من يونيه – هما مقدمتا إعادة بناء الجيش المصرى وحائط الصواريخ وحر ب الإستنزاف وصولا إلى حرب أكتوبر 1973م.
وأعود إلى سمو الشيخ سلطان القاسمى لأقول له: حيّاك الله رمزاً من رموز العروبة والبساطة والعطاء، حيّاك الله.
وعاشت أمة العرب.
والله المستعان.