x

هيثم دبور العمر الباقى للثلاثين هيثم دبور الجمعة 15-05-2015 21:15


أقترب من إتمام عقدى الثالث، ليس في أعوامى التي عشتها ما هو مميز عن الآخرين، وهذا في حد ذاته أكثر شىء يستحق الحكى عنه، العقد الأخير في حياة جيلى مر أسرع مما ينبغى، ترك في نفسى بعض الأجوبة وكثيرا من الأسئلة التي لا تزال عالقة، بل أعاد صياغة ما كنت أتوقعه جواباً لسؤال قديم، المشهد الأبرز هو الإيقاع المحموم والمشهد الضبابى الذي لا يزال مستمراً مع لحظات قليلة من الأمل في أن يكون القادم أفضل أو على أقل تقدير ليس بمثل السوء الذي مر، رأيت خلال هذا العقد إعادة الدائرة المفرغة التي قام بها آباؤنا حين هاجروا أو سافروا لمتابعة المشهد من الخارج، وضماناً لقضاء ما تبقى من سنوات الشباب في ظروف أفضل، سافر الكثير ممن أعرفهم، ليس بكثرة من لا يزالون يفكرون في الخروج الآمن أو يحاولون حتى أصبح مشوار التأشيرة موضوعاً مكرراً في دوائر ما أسمعه.

رأيت فترات ازدهار وانحسار للمهنة التي أحبها، تدنياً في معاييرها، وتراجعاً في تأثيرها، ومحاولة مستميتة لإبقائها حرة ونزيهة وقادرة على المواصلة، رأيت رؤساء حكموا ورحلوا، وأصحاب مصالح لا يزالون يتمسكون بمقاليد الأمور، وفرصاً محدودة، واضطرارا حقيقيا يجبر جيلى بأكمله على الدوران في الساقية دون وجود حلول أخرى، في هذا العقد رأيت سرير المرض عدة مرات، زائراً ومزاراً، لأعلم أننا جيل أفسده التدنى في الهواء والماء والغذاء طوال سنوات كثيرة.

في العقد الأخير رأيت طفلى الأول، رأيت الخوف في أعين الأصدقاء من الإقدام على تجربة الأبوة، وأدركت الخوف الذي يعترينى مع كل لحظة أشاهد طفلى وهو يكبر قليلاً، إلا أن أكثر ما أدركته خلال هذا العقد هو دفء العائلة والصحبة الذي لم يتغير، أصبحت أكثر هدوءاً من ذى قبل، عندى ثقة فيما هو قادم، أو لتكن عبارتى أكثر دقة لم يعد عندى قلق لما هو قادم وسط عائلتى، أحاول أن أنهل من هذا الدفء الذي نتناساه طوال فترات اللهث المستمر، وندرك في زخم الحياة أن تلك اللحظات لا تقدر ولا تعوض.

في العمر الباقى إلى الثلاثين، لا يزال أمامى الكثير لأفعله، وكثير من الوقت الضائع الذي قد أندم عليه بعد عقد كامل، لكن يبقى أمامى متسع لأشكر عائلتى وأصدقائى دون تسمية فهم يعرفون أنفسهم، على كل تلك الأوقات التي تجعل العمر أكبر من مجرد إنجازات توضع في سيرة ذاتية، أو بعض عبارات النجاح والتباهى على مواقع التواصل الاجتماعى، أو صور تذكارية في مناسبات تتلاشى ذكراها سريعاً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية