x

أسامة خليل «أبوتريكة».. والخطوط الحمراء أسامة خليل الخميس 14-05-2015 21:50


منذ أن تفجرت قضية التحفظ على أموال لاعب الكرة الفذ محمد أبوتريكة، واتهام شركة السياحة التى يساهم فيها بتمويل تنظيم الإخوان وأنشطته العدائية ضد المجتمع والشعب والشرطة والجيش، وهناك انقسام فى الرأى العام بين مهاجم ومدافع ومتحفظ، وكل طرف يسوق أسانيده وفقاً لاتجاهه وهواه وعاطفته، دون الاستناد لمعلومات حقيقية وموثقة ودامغة، فالمهاجمون- وهم قطاع كبير كاره للإخوان، يحملهم فاتورة عدم استقرار البلاد، والعبث بمقدراتنا وحياتنا واقتصادنا ولقمة عيشنا، انتقاماً وعقاباً للشعب على قراره الجماعى بإزاحة هذا التنظيم من كرسى الحكم- هؤلاء أصدروا حكمهم بإدانة أبوتريكة، قبل أن تبدأ التحقيقات أو تحال القضية للمحكمة، وعلى النقيض هناك من أصدر حكم البراءة، وصنع من اللاعب ضحية لصراع النظام مع الإخوان، وهؤلاء كتلة أغلبها من الإخوان أنفسهم، أو الكارهين للنظام الجديد، المحبطين من عدم تحقيق أحلامهم فى دولة مدنية تحارب الفساد، وتعطى الفرصة لأصحاب الكفاءة والخبرة قبل أصحاب الثقة، وعلى هامش الفريقين هناك بعض المتعصبين كروياً للزمالك أو الأهلى تصدروا للهجوم على اللاعب من منطلق أنه أسطورة حمراء يجب هدمها، أو للدفاع عنه باعتباره نجماً تلزم حمايته ظالماً أو مظلوماً، ويبقى الطرف المتحفظ خوفاً من أن تحرقه نجومية أبوتريكة، أو تفرمه آلة الدولة.

وأنا، وإن لم أكن متحفظاً، لا أملك رأياً قاطعاً بإدانة اللاعب السابق أو تبرئته، لكن يبقى من المهم، ونحن نبحث هذه القضية الشائكة، أن نضع فى اعتبارنا هذه النقاط:

أولاً: إذا كان الشعب المصرى، المعروف عنه تاريخياً تقديسه للحكام، نجح فى أن يزيح خلال ثلاث سنوات رئيسين عن الحكم، أولهما جلس على المقعد ثلاثين عاماً متصلة، وكان يملك كل أجهزة الدولة السياسية والأمنية والإعلامية، لكن أحداً لم يحمه من الغضب، وانصاع هو ونجلاه ووزراؤه لإرادتنا، ووقف خلف القضبان، ثم أتبعناه بالثانى، هو وتنظيمه المتطرف، ليأخذوا دورهم فى المحاكمة، ما يعنى أن هذا البلد لم يعد لديه خطوط حمراء أو صفراء أو سوداء، الكل سيقع تحت طائلة القانون، وأبوتريكة ليس أكثر نفوذاً من «مبارك» أو «مرسى»، إبان حكمهما، أو حتى حسن حمدى، الذى ترأس الأهلى سنوات طويلة لم تحمه من المحاسبة القانونية على أخطائه فى مؤسسة «الأهرام».

ثانياً: لا أعتقد أن هذا النظام قليل الذكاء للدرجة التى تدفعه لتوريط نفسه أمام الرأى العام فى تلفيق قضية لنجم كبير تحمل له الجماهير محبة وتقديراً منذ أيام البطولات التى أسعدنا فيها بإبداعه الكروى وأهدافه الحاسمة، اللهم إلا إذا كان هناك من داخل النظام من يتواطأ عليه ويدفعه للدخول فى أزمات ومشاكل لكى يخلخل ثقة القيادة، ويفقدها تعاطف الشعب.

ثالثاً: من المؤكد أن أبوتريكة نفسه يعطى الفرصة لمهاجميه ليكسبوا أرضاً جديدة كل يوم بصمته ورفضه الإجابة عن سؤال: هل أنت إخوانى؟ هل تعاونت مع التنظيم أثناء احتلاله ميدانى رابعة والنهضة، أم كنت مجرد متعاطف معه؟ فإذا كنت داخل التنظيم، وتساعده حتى الآن فهذه مشكلة، لأن قناعاتك باتت ضد المجتمع والدستور والقانون، أما إذا كنت متعاطفاً فهذا أمر لا يعيبك، فنصف الشعب المصرى اقتنع ببرنامج الإخوان، وانتخب محمد مرسى، وليس معنى ذلك أن تتم معاقبته، ولن أقبل، أنا وغيرى، أن يُظلم شخص حتى لو لم يكن نجماً أو بطلاً شعبياً لمجرد أنه متعاطف مع تيار سياسى أحمق يقتل الناس من أجل العودة للسلطة، فالناس لا يعاقبون على تعاطفهم أو آرائهم، أما عندما تشارك فى خرق القانون والتعدى على ما استقر عليه غالبية المجتمع، فالصمت هنا لن يفيدك، بل سيفض المتعاطفين من حولك، وظنى أنهم يستحقون منك أن تقطع لهم الشك باليقين، وأن تخرج عليهم ولو بـ«تويتة» أو تعليق على حسابك الرسمى على «فيسبوك».

أما أن تتركهم وحدهم يحاربون، وتكتفى بتوجيه الشكر لمن ساندك، فهذا لا يكفى، والمتعاطفون معك لا يحتاجون الشكر، هذا أقل ما تقدمه، لكن الأهم من الشكر أن تقوى حجتهم إما بالنفى أو بشجاعة التأكيد على انتمائك للإخوان أو التعاطف معهم، فمن يتصدى للعمل السياسى عليه أن يمتلك القدرة على الدفاع عن وجهة نظره.

رابعاً: الانقسام حول أبوتريكة فيه درس وعبرة للاعبين والنجوم من خطورة العمل السياسى، فالانتماء أو التعاطف مع تيار أو حزب على حساب آخر، حتى لو كان غير الإخوان، من شأنه أن يسحب من رصيد شعبيتك ومحبتك عند الناس، فالجماهير ترتبط باللاعب داخل المستطيل الأخضر، فإذا دخل لعبة السياسة عليه أن يدفع الثمن بخسارة قطاع منها لا ينتمى لتياره أو حزبه، بل ربما تتحول المحبة إلى كراهية، فأبوتريكة الذى كان الناس يحتضنونه فى الشوارع سيجد الآن من ينهره، وهى خسارة عظيمة لو يعلم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية