x

جمال الجمل جمال الخيال (أصدقاء عمري-1) جمال الجمل الخميس 14-05-2015 04:59


التقيته في حضن الوطن، لا أعرف متى؟، ولا أين؟، لم أحدد ملامحه بشكل قاطع، حتى أنني أراه في أكثر من وجه، وأكثر من جسد، وأكثر من حياة!

صديق عمري ليس شخصا، لكنه معنى فضفاض لمشاعر الالتقاء في حب الله، وحب الناس، وحب الوطن، قد تتجسد هذه المعاني في شخص واقعي تربطني به علاقة حياتية ممتدة (لدي الكثير من هؤلاء)، وقد يكون عابر سبيل مثل عصافير الساحات التي غنت بلسانهم فيروز «أنا عصفورة الساحات.. أهلي نذروني للشمس وللطرقات»، وهؤلاء أيضا لدي منهم الكثير، وقد يكون صديق العمر شخصا واقعيا لكنني لم ألتق به أبدا، فقط يجمعنا الأمل والفكرة والأهداف النبيلة التي نحلم بتحقيقها، وقد يكون صديق العمر كتابا أو فيلما أو مكانا أو بيت شعر وحيد من قصيدة طويلة، أو حتى ذكرى مبهمة تسند الروح في أزمات الضعف، وقد يكون صديق العمر حبيبة واقعية، أو مزيج من واقع وخيال، أو من خيال تام يكبر في فضاء أسطوري حتى يصبح هو البديل الناعم المنشود للعالم المرفوض!

سأكتب في هذه السلسلة من المقالات ملامح انطباعية عن أصدقاء العمر، لا تهمني دقة التواريخ، ولا الأسماء، ولا الحوادث الواقعية في ذاتها، يهمني أن أمسك بكتابة وجدانية تحاكي الموسيقى والشعر، كتابة فوق الواقع، ابدأها باستعارة هذه القصيدة العفوية من صديق عمري صلاح جاهين، عن صديق عمره وعمري، وعمر ملايين الطيبين والبسطاء من أبناء هذا الوطن:

«كان لى صديق وكان حبيب عمرى/ هو اللى علمنى المشيب بدرى/ حضرت مولد كل شعراية بيضا/ عبرت سوالفه كما الشهاب تجرى/ كما برق سيف الحق في الهيضا/ وسط الظلام تبرق هلال هجرى/ تحسب تاريخ الكون حقيقة ومجاز/ كالأبجدية بالقلم الاردواز/ بالشعر الابيض كان يعلمنى/ أستاذ تاريخ وفى التاريخ أستاذ/ قابلته من عشرين سنة وكلمنى/ وانا لسه باحبى في الظلال
علمنى مشية الرجال/ سلمنى راية النضال/ ولحد هذا اليوم.. بيلهمنى/ وخياله كل ما اقع يقومنى/ وكل ما اتبعتر يلملمنى/ وانهض واقوم بأمل جديد/ وبقلب أقوى من الحديد/ وليد.. عجوز.. شايب.. حزين/ وعمرى عشرين سنة
عشرين سنة/ عمرى أنا/ أنا العجوز الشايب الحزين/ أنا العجوز من غير ما تمضى السنين/ أنا العجوز من قبل سن اربعين/ عمرى النهاردة/ رغم المرار ده/ في عمر وردة/ عشرين سنة!
تنويه:
* لا بأس إذا ربطت هذا المقال بذكرى الردة على ثورة يوليو، ولن أعارضك إذا اعتبرته مرثية لجمال عبدالناصر في ذكرى تأسيس اسرائيل، فما أحوجنا لشمعة أمل في هذا الظلام.

جمال الجمل
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية