«المولد اتفض»، قالها المستشار «محفوظ صابر»، وزير العدل المستقيل، واثقاً، يغلق باباً، كم أنت بليغ يا سيادة المستشار، العروسة للعريس والهرى للمتاعيس، المولد اتفض بالاستقالة، بيتك بيتك، ثابت، كن كما كنت، استرح، لست أنا، بل هم، بل أنتم، ما قلته مخبوء تحت ألسنتكم الخرساء، الحقيقة مرة، قلتها ودفعت الثمن، كم منكم مستعد يدفع الثمن رضاء، مجتمع كالنعامة يخفى رأسه فى الرمال الناعمة.
ولسان حاله، ها أنا استقلت، هل تغير شىء، استقال الوزير، هل دخل ابن الخفير باب دار القضاء، ارتقى الدرج، خرج الوزير وأغلق الباب وراءه فى وجوه أبناء المهمشين، لن يعتبوها، لم تتغير قواعد السلك، من يمسك السلك عاريا دون طبقة اجتماعية عازلة تحميه، يصعق حتما.
قبل محلب استقالة الوزير، شالو ألدو جابو شاهين، سيجرى تعيين وزير عدل جديد، ولكن هل هناك جديد فى معايير القبول الاجتماعى، هل حدث تغيير فى مفاهيم الأهلية الاجتماعية، ونظرة منصفة للأصل والفصل، والعائلة، نظرية ع الأصل دور متغلغلة.. تحت الجلد ساكنة.
استقالة محفوظ للأسف إقرار بواقع مرير، يستقيل الوزير والقواعد البالية باقية، وعلى قلبها لطالون، استقال بذكاء يحسد عليه، حتى لم يمكن الحكومة أن تتجمل مجتمعيا بإقالته وتتغنى وتغنى علينا، محلب يتجمل: «مينفعش أقول إننا خدام الشعب وحد من حكومتى يتكبر على الشعب»، كتر خيرك يا أمير الأمراء، استقالة كحقنة إجهاض لحمل سفاح، تفريغ لمعركة المستقبل، معركة المساواة وتكافؤ الفرص، تخارج من معركة تأجلت طويلا.
ذكاء الاستقالة أنها تسحب أول اعتراف، أول ورقة، أول مستمسك رسمى على تفشى التمييز على أساس من الأصل الاجتماعى فى وظائف بعينها، استقال حتى لا نمسك عليهم هذا الذى ينكرون.
قبل صدمة محفوظ، الكل ساكت وعارف، والمفرزة شغالة، وكشف الهيئة يقصى، يجز الرقاب اللينة، والانتقائية شغالة، والاستقلالية ستار، فلما لاح من خلف الباب بصيص أمل تم التعتيم عليه بستارة ثقيلة فى ورقة استقالة.
استقالة الوزير أهون عليهم من رد الحقوق لأصحابها، أَرْحَم من فتح الباب أمام الكفاءة، استقالة تقطع الطريق أمام ثورة مجتمعية حقيقية، هريكم فيسبوكيا طلع على شونة، كنت أنتظر من رئيس الوزراء وهو يقبل الاستقالة أن يتعهد بتكافؤ الفرص، وأن يقطع بألا يضار مصرى بأصله الاجتماعى، وأن يتفضل السيد الرئيس بقبول أولاد الفلاحين المعينين سلفا بالقرار الجمهورى رقم (649 لسنة 2013)، وجرى استبعادهم بسبب الأصل الاجتماعى، آباؤهم الفلاحون لا يحملون مؤهلات عليا!!
صحيح الاستقالة حرجا قد ترطب الأجواء فى صيف حار سياسيا، ولكن هل «المولد اتفض»، كما يقطع الوزير، أشك، هيهات، التماهى الرائع بين شباب الطبقات المجتمعية، فوق وتحت، انتظموا جميعا فى عقد فريد دفاعا عن كرامة «ابن الزبال»، يؤشر على إيمان جيل جديد بالمساواة، والكفاءة حكما، جيل يتمرد على االعنصرية الوظائفية، رفض الشباب بشجاعة ما استبطنه المجتمع طويلا، وصمت عليه دهرا، طوبى لجيل جديد أعطانا درسا فى احترام «ابن الزبال».