أضم صوتى إلى أصوات الزملاء والأساتذة، الذين طالبوا الدكتور عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة، بألا تفرط وزارته فى مقهى ريش، بعد وفاة صاحبه، وأن تعمل، منذ الآن، كوزارة مختصة، على أن يظل المقهى كما كان، باعتباره جزءاً غالياً من ذاكرة هذا البلد.
وأظن أن يداً لن تجرؤ، بعد اليوم، على أن تمتد إلى المقهى، بعد أن تبين للجميع أن هناك رغبة عامة قوية فى الحرص عليه، وفى إبقائه حياً، ليكون على الدوام علامة من علامات الزمن الجميل فى حياتنا.
ولكنى، فى المقابل، أحب أن أنبه الزملاء والأساتذة أنفسهم إلى أن فندق ميريديان القاهرة، الذى يقع على بعد أمتار من ريش، يواجه الآن المصير ذاته، الذى خافوا هم على ريش منه!
يواجه الميريديان المصير ذاته بعد أن اشتراه مستثمر عربى معروف، ثم لم يشأ أن يكتفى بإغلاقه، وإطفاء أنواره على النيل، وإنما راح يدبر، منذ فترة، لإزالته من الوجود، وإقامة شقق سكنية فاخرة فى مكانه!
أنبه الزملاء والأساتذة، الذين تحمسوا لقضية ريش، إلى أن قضية الميريديان لا تقل أهمية، وإلى أنها تستحق أن يقفوا إلى جانبها، وإلى أن المسألة بالنسبة لهذا الفندق المهم على النهر الخالد، لم تعد مجرد إصرار مستثمره على إغلاقه، وتحويله لخرابة على النيل، منذ أكثر من 12 عاماً، ولكنها تجاوزت ذلك إلى التخطيط الفعلى، منذ عدة أشهر، لهدمه تماماً، وتحويله إلى علب أسمنت على صفحة النهر!
أنبه الزملاء والأساتذة إلى أن الميريديان جزء من ذاكرة هذا الوطن، كمقهى ريش تماماً، وإلى أن المستثمر الذى اشتراه، ثم استهان به، وبنا، إلى هذا الحد، لابد أن يواجه موقفاً عاماً، وجماعياً، يفهم منه، بأقوى لغة، أن البلد ليس سائباً إلى هذه الدرجة، وأنه حين اشترى الفندق، فإنما اشتراه ليحافظ عليه كما هو فى مكانه، لا ليغلقه ويطرد عماله وموظفيه، ثم ليفهم أيضاً أنه عندما حصل عليه من حكومتنا وقت بيعه، فإن ذلك لم يكن من أجل تسقيعه، ولا من أجل إبقائه مظلماً، كئيباً، فى محله، وإنما كان من أجل أن يظل يتردد عليه رواده، من السياح ومن غير السياح، وأن يجدوه أفضل مما كان، وقت أن كان فى يدنا!
أنبه الزملاء والأساتذة الذين تحمسوا لمقهى ريش إلى أن قضية الميريديان فى حاجة إلى حماسهم نفسه، وإلى أن المستثمر العربى، إذا كان قد صادف عوناً من بعض المصريين الذين زينوا له انقضاضه على الفندق، مع أنهم مصريون بكل أسف، فإنه معهم لابد أن يفهموا أن أحداً لن يسمح له، ولا لهم، بأن يهدمه، ولا بأن يظل يبقيه على حالته المحزنة، منذ أن أطفأ أضواءه، ومنذ أن قرر تحويله إلى «بيت وقف» على النيل الخالد!
أنبه الزملاء والأساتذة إلى أن المسألة فى حاجة إلى وقفة شجاعة، يفهم منها المستثمر أننا لسنا ضد أن يأتى، وأن يعمل، وأن يكسب، وأننا فقط ضد أن يمارس هوايته فى إغلاق فنادقنا، كما فعل من قبل هو نفسه مع شيراتون الغردقة، الذى لم يختلف حاله مع المستثمر ذاته عن حال الميريديان!
نريده أن يفهم أننا لسنا ضده، ولكننا بالقطع ضد غرامه غير المفهوم بشراء الفنادق، بهدف خصمها من قائمة المنشآت السياحية فى هذا الوطن، بدلاً من تطويرها ومضاعفة طاقتها.. نريده أن يفهم أنه إذا كان قد وجد صمتاً، وربما تواطؤاً، لدى بعض مسؤولينا، فإن أصحاب الضمائر الحية فى مواجهته لن يسكتوا!