x

عاصم حنفي يا ساتر.. شعوب لا تعرف التوك شو..! عاصم حنفي الثلاثاء 05-05-2015 21:55


وبشهادة الأمم المتحدة شخصياً.. فإن السويسريين أكثر شعوب الأرض سعادة.. يحتلون رقم واحد بين دول العالم.. فى حين أن مصر تحتل رقم 155 بين 170 دولة.. وقد بحثت وتقصيت فعرفت الأسرار الدفينة، وأولها أن السويسريين لا يعرفون برامج التوك شو.. والبرامج السياسية عندهم فى المساء من السادسة حتى الثامنة وخلاص.. أما السهرة فهى للأفلام الطازة والبرامج الفنية والاستعراضات الغنائية والمسابقات الثقافية.. وكلها برامج مبهجة تستثير العقل والروح.. وينتهى التليفزيون عندهم فى منتصف الليل.. ولا يعرفون سوى قناتين فقط.. لا يعرفون ظاهرة البرامج السياسية إياها التى نعيدها ونستزيدها طوال الليل.. بما يعنى أن الناس سوف تنام براحتها بدلاً من النوم فى أماكن الشغل والإنتاج..!

وربما كان الإعلام والصحافة إذن أحد أسباب تعاسة الشعوب.. والصحافة فى سويسرا محلية للغاية.. تهتم بالشأن السويسرى فقط وعددها لا يزيد على ثلاثة من النوع التابلويد محدودة الانتشار.

سويسرا هى الأكثر سعادة.. ليس لجبالها الساحرة وطبيعتها الخلابة.. وليس لأنها تحتضن وتجتذب جميع الثروات الحلال والحرام فى بنوكها.. ولكن لأن حكومتها تعمل خدامة عند المواطن.. لا هم لها سوى إسعاده والسهر على راحته.. والذى هو الأعلى دخلاً بين شعوب الأرض.. الحد الأدنى للفرد 4 آلاف فرنك.. يعنى 32 ألف جنيه كل مطلع شهر.. والبطالة لا تزيد على اثنين فى المائة.. لكن معاش البطالة يبلغ 80 فى المائة من آخر دخل للمواطن.. والموظف الذى لا يكفيه راتبه تعوضه الحكومة بما يضمن له مستوى معيشياً محترماً.. الحكومة تصرف على أولاده بالمدارس والجامعات.. تدفع له فاتورة التليفون والغاز والكهرباء.. تتحمل عنه إيجار الشقة وتسدد أقساط صالة الجيم.. تحجز له بالمصايف والمشاتى حتى لا يشعر بالعجز بسبب البطالة.. وبما لا يصيب أولاده بالإحباط والعقد النفسية يا حرام..!!

المواطن عندهم ينتهى من شغله فى السادسة مساءً.. فيعود لبيته يتفرغ لأولاده ولأم العيال.. هو ليس مربوطاً فى الساقية.. لا يعمل بعد الضهر مدرساً خصوصياً.. ولا يشتغل فى المساء والسهرة سائق تاكسى.. وفى أوقات الفراغ لا يصلح حنفيات أو يدهن دوكو..!

عندهم يوفرون السكن المناسب للجميع.. بفضل البنوك التى تبنى الشقق والعمارات تبيعها بالتقسيط المريح على عشر سنوات أو خمسين سنة.. أنت حر.. وصاحب الشقة يدفع أقساطها من راتبه.. وقسط التمليك يعادل قيمة الإيجار.. وليه تدفع أكتر لما ممكن تدفع أقل.. ويسكن المواطن بمجرد رغبته فى السكن.. ويحدث الرواج فى السوق العقارية وفى محال العفش والأثاث.. ويشتغل البناؤون والسباكون والنجارون وتحدث الحركة التى هى بركة للمجتمع كله..!

ومع هذا يعرفون فى سويسرا الفساد.. لكنه فساد على خفيف.. وليس على عينك يا تاجر.. وليس طوال الوقت بطريقة العرض المستمر.. ويا ويله ويا سواد ليله من يضبط متلبساً بالفساد والإفساد.. أو متهرباً من الضرائب.. يقبض عليه ويجرسونه بجلاجل وشراشيب.. يعزل من وظيفته وربما يحرم من المعاش.. والدولة تجتهد لكشف الفاسدين.. ولا يعرفون حكمة جوز خالتى الخالدة.. يا بخت من قدر وعفى.. الفاسد يقطعون عيشه ويحبسونه أياً كان موقعه!

سويسرا هى الأكثر سعادة بين شعوب الدنيا.. ورئيسها يمكث فى موقعه سنة واحدة وبالسلامة.. يغادر موقعه ليتولى الوزارة لست سنوات إضافية.. وشكراً يا سيد.. أعط الفرصة لغيرك ليتولى المنصب المرموق.. وأصل الحكاية أنهم ينتخبون سبعة أشخاص يتولى واحد منهم المنصب الرئاسى والآخرون يتولون الوزارة.. ويتبادلون المواقع.. وبعد سبع سنوات انتخابات جديدة.. وتغيير مطلوب فى الوجوه والخبرات.

والانتخابات هناك فرصة متاحة للفرح والانبساط.. لا يشرف على الانتخابات الباشا المأمور.. ولا تحرس اللجان المدرعات والدبابات.. الانتخابات يشرف عليها عواجيز كل حى.. ويقف المواطن فى الطابور.. دون يفط أو دعاية.. الدعاية عبر الخطابات فى البيوت.. ممنوع تعليق اليفط.. ممنوع مندوبو المرشحين.

وتتعجب يا أخى.. إنهم يختارونها كأسعد دولة على وجه البسيطة.. مع أنها تخلو من الإثارة والعجب.. دولة منضبطة مثل الساعة.. وشعوبها لا تدهن الهوا دوكو.. ولم تخرم التعريفة التى لا يعرفونها أبداً!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية