x

عبد الرحيم كمال مصر الحال والأحوال - حزب الوفد ومئوية ثورة ١٩١٩ عبد الرحيم كمال الأربعاء 29-04-2015 21:26


يبدو أن حزب الوفد العريق مشغول بتقديم إعلانات يحرص فيها على أن ينسب غالب الأحداث الإيجابية التى حدثت فى السنوات القريبة إليه وهى محاولة دعائية محمودة لكل حزب يريد أن يستعيد جماهيريته ولكن أليست مئوية ثورة ١٩١٩ كانت أوجب وأحق بالتحضير خاصة أن الفاصل بيننا وبين تلك المئوية أقل من الزمن الذى مر على ثورة ٢٠١١ .

كيف يتجاهل الحزب التحضير لكيانه الأساسى التحضير للاحتفال بجذوره وهويته وأصل نشأته كان على الحزب العريق أن يجعل من مئوية ثورة ١٩١٩ أيقونة فى كل شارع بدلا من أن ينفق الأموال فى إثبات ما هو غير قابل للإثبات كان عليه أن يبدأ مئويته من الآن ويخلد رموزه ويمد الجسور العلمية لا الإعلانية فقط بين الماضى والمستقبل كان عليه بدلا من الاحتفال باستضافة رموز وطنية تجاوز عمر أصغرهم السبعين عاما أن يجعل شباب الحزب هم المسؤولين عن تلك اللحظة التاريخية غير المكررة فلن تأتى ثانية إلا بعد مائتى عام ويا عالم أين ستكون مصر وأين سيكون حزب الوفد، كان على الحزب وقياداته أن يحاولوا استعادة مكانة هذا الحزب العريق بالترويج لمئوية ثورة ١٩١٩ وإحياء ذكرى الرجال الذين حركوها ويصدر كتيبات عن شخصيات وفدية ليبرالية فى مواجهة الشخصيات المتطرفة التى احتلت المشهد، كان على الحزب الذى فقد شارعه أن يزين الشوارع بذكرى ثورة شعبية عظيمة أكثر قربا ونسبا بثورة ٢٠١١ وأكثر تجسيدا لإرادة الشعب حتى من ثورة يوليو ١٩٥٢ سيكون للاحتفال بتلك الثورة وقع جيد لدى أجيال لا تعرف ماذا حدث ولماذا خرج المصريون على مدى أيام متتابعة فى ثورة شعبية فريدة على الاحتلال البريطانى بكل قوته وسلاحه ومهابته ومكانته الدولية فى ذلك الوقت، ولماذا خرجت النساء للمرة الأولى فى مظاهرة تندد؟ ولماذا خرج القساوسة إلى جوار رجال الأزهر؟

ومتى سقط أول شهيدين فى شارع الدواوين على يد الإنجليز كان ذلك يوم العاشر من مارس سنة ١٩١٩؟ وكيف تصاعدت المظاهرات واندلعت فى كل أرجاء الوطن ومن قبل الفيس بوك والتويتر وارتفع عدد الشهداء فى ١٢ مارس إلى ستة عشر شهيدا وتسعة وأربعين جريحا؟ وكيف أطلقت الآليات العسكرية البريطانية يوم الجمعة عقب صلاة الظهر النار على المصلين الخارجين من مسجد سيدنا الحسين فقتلت ثلاثة عشر شهيدا؟

وكيف استمرت المظاهرات والإضرابات والمقاومة رغم فارق الفترتين لما يقرب الشهر فى كل يوم يسقط شهداء وفى كل يوم يزداد المصريون شراسة واستبسال حتى تم الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، تجربة شعبيه عظيمة وقيمة وتستحق أن يحتفل حزب الوفد بها قبل غيره بدلا من الأمسيات الفقيرة المنعزلة ولم تتوقف ثورة ١٩١٩ عند حد الإفراج عن سعد باشا زغلول ورفاقه بل امتدت بعد ذلك عدة شهور حتى إن مظاهرات كبرى اندلعت فى القاهرة والإسكندرية فى توقيت واحد احتجاجا على لجنة ميللر ذلك اللورد الذى كان يشغل منصب وزير المستعمرات الذى أوفد للقاهرة بهدف التحقيق والتقصى على رأس لجنة شكلها المستعمر وجعله على رأسها هى ثورة ممتدة إذن ظلت تقاوم الاحتلال والوزارات المفروضة حتى نجحت فى الحصول فى النهاية على رفع الحماية البريطانية وإرساء أول دستور مصر مستقل سنة ١٩٢٣ ثورة صنعت أيضا كتابها ومثقفيها وأدباءها الذين مازلوا يشكلون جزءا كبيرا من عقل هذه الأمة حتى نجيب محفوظ الذى كان طفلا ابن تسع سنوات فقط إبان اندلاع الثورة ظل أسيرا لها منتميا لنورها أكثر من انتمائه لما تلاها من ثورة متحدثا عنها وعن سعد زغلول بحب واحترام يصل أحيانا على ألسنة بعض شخصياته إلى التقديس لأنها ثورة شعبية حقيقية صنعها وحركها وجنى ثمارها الشعب المصرى الفقير القليل التعليم الأعزل فهى ثورة تستحق من الدولة بكافة مؤسساتها الاهتمام والتقدير ومن حزب الوفد خاصة بكل إمكانياته أن يجهز لمئوية تليق بكل هذه الدماء التى سالت، وكل تلك الشخصيات التى حركت، وكل ذلك الإرث الفكرى والتاريخى والوجدانى وليس مجرد إعلانات دعائية تفتقد المصداقية وتصطنع الأحداث وتنتسب إلى الوقائع وهم يملكون التاريخ الحقيقى، والأحداث العظيمة، والوقائع الخالدة فيصبحون كمن باع الجمل وأخذ يحدث الناس عن جمال الهودج الذى كان يحمله!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية