إن الأسباب الرئيسية لعدم قبول النقد قد ترجع إلى:
1- قلة كفاءة مَن فى القمة مع اقتناعه بأنه «هدية الله للبشرية» نتيجة النفاق والتملق من مريديه.
2- تولية الأمر لمن ليس أهلا له.
3- معرفة المسؤول بأن المسؤولية أكبر منه وتهافته على الكرسى.
4- انخفاض الثقافة والمعرفة.
وحيث إن الكفاءة ليست المعيار فى انتقاء المسؤولين، فبالتالى لا يجب أن يكون هناك من هو مشهود له بالكفاءة، خوفا من أن يغطى على المسؤول فى الجرائم ذات الاهتمام.
وللأسف سنجد الكثير من هذه الصفات فى معظم مسؤولينا.
وبالنسبة للشرطة أو النيابة أو القضاء فيتم أيضا الاستقواء بالوظيفة لاكتساب الهيبة (الكاذبة) لضعاف النفوس.
وتجدر الإشارة إلى أن المستوى العلمى والمهنى والثقافى والأخلاقى لمعظم المصريين فى انحدار مستمر، بالإضافة إلى ضعف التدريب وانعدام المهنية، فهذا يحسب نفسه «رامبو»، فلا يلبس الخوذة وهو متوجه لاقتحام وكر للمجرمين، ناهيك عن تكرار الأخطاء (3 مديريات أمن يتم تفجيرها بنفس الأسلوب، ناهيك عن مهاجمة الأكمنة الثابتة أو الأقسام، والمأساة أن معظم هذه الجرائم تكون مسجلة بالكاميرات الأمنية، ولكن لا أحد يفكر فى تفريغ الأفلام إلا بعد وقوع الحوادث).
إنه من الواضح أن الدولة المصرية مازالت فى حالة التسيب الرهيب. هل يعقل أن تقيل تونس 6 من قيادات الأمن بعد حادث متحف باردو، ونحن لم نسمع عن إقالة أى مسؤول عن أى جريمة، بل إن من يتم تقديمه للمحاكمة- (على ندرتها)- يقدم باتهامات واهية، ويحكم عليه بأخف الأحكام. هل يعقل أن يحكم على ضابط بالسجن لمدة سنة للقتل الخطأ، (وهو التوصيف المحبب لجرائم التعذيب)، بينما من كسر قانون الطوارئ من شباب الثورة يحكم عليه بالسجن من 3 إلى 5 سنوات، وبغرامات مالية باهظة، والأنكى أن الشرطة لا تستطيع القبض على معظم من يتظاهرون من البلطجية والإخوان المسلمين؟ أما عن السفه فى الإنفاق فحدث ولا حرج، من بدل الننجا المستوردة من أمريكا إلى الإفراط فى استعمال الغازات (بتكلفة 10- 15 دولارا للعبوة) فى عز الشتاء، حين كان استعمال مدافع الماء فى البرد القارس كفيلا بفض المظاهرات.
وبصراحة، أنا لا أفهم لماذا نصر على أن يتخرج ضابط البوليس فى أكاديمية الشرطة فى 4 سنوات ومعه ليسانس حقوق، ومعظم دول العالم تخرج ضابط الشرطة فى سنتين، ولا يحصلون على ليسانس حقوق؟! ومن الواضح أنه لا يتم تدريب التلامذة فى الأكاديمية أو بعد التخرج على قيادة أفراد أو إدارة نقطة بوليس أو كيفية التعامل مع الجمهور أو حتى استعمال الحاسب الآلى. أليس من العجيب أنه لا توجد حتى الآن نماذج مطبوعة لأسئلة المحضر للجرائم النمطية مثل النشل أو سرقة السيارات وغيرها؟! (ويمكن إضافة جزء للملاحظات أو للأقوال الأخرى إذا كان هناك اختلاف عن الجريمة النمطية). إن طباعة أسئلة المحضر- إلى جانب توفير وقت ومجهود كاتب المحضر- ستقضى على بلطجية أمناء الشرطة الذين يفرضون رسما على الشاكى لكتابة «محضر لا يخر»، أو أضعف الإيمان فإن الأسئلة المطبوعة مقدما ستضمن أن الأمين أو كاتب المحضر لن ينسى أو يتناسى كتابة الأسئلة المهمة.
وكما قال القدماء: «من أمن العقاب أساء الأدب».
محمود راتب