من الواضح أن هناك بعض المسؤولين غير المدركين لأهمية مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون كواجهة وعنوان معبر عن الدولة، فإذا تطور وارتقى وارتفع مستوى خدماته الإعلامية، وتحسنت صورته السيئة أمام الرأى العام، بات مؤشرا على أن الدولة تسير فى الاتجاه الصحيح، فالتليفزيون، رغم كل مشاكله وتكدس العمالة به ومديونياته وهجرة الكفاءات منه، يظل إحدى المؤسسات الكاشفة للدولة، وبقدر نجاح الحكومة فى حل أزمة هذا المبنى بقدر اكتشاف إرادتها فى مواجهة الأزمات الضخمة.
من هنا أتعجب كيف يظهر أحد أهم وأخطر أجهزة الحكومة الإعلامية فى صورة البلطجى الذى يرفض أن يدفع للآخرين حقوقهم، و«اللى مش عاجبه يضرب راسه فى الحيط»، هذا ملخص ما يمكن فهمه من تعامل إدارة التليفزيون مع حقوق الأندية المالية، منها 31 مليون جنيه عن الموسم الماضى، ومثلها للأندية السبعة التى تعاقد معها التليفزيون هذا الموسم.
أنا هنا لا ألوم مسؤولى التليفزيون، فهؤلاء لا حول ولا قوة لهم، ولا يملكون قرار الصرف أو المنع، لأنهم لا يملكون من الأساس ميزانية أو حرية الشراء والبيع وإنتاج المواد الإعلامية، فالقيود البيروقراطية المفروضة كفيلة بإفشال أى مشروع فى مهده.
لكننى ألوم الحكومة أو الرأس المفكر للحكومة، الذى يعلم أهمية التليفزيون كجهاز معبر وممثل للدولة، وكرة القدم واحدة من أهم وسائل وأدوات الترفيه عن الناس، وبالتالى فإن تفجير الأزمة بينهما مضر بجميع الأطراف، فالأهلى لم يجد بدا أمام عدم احترام التليفزيون تعاقده، ورفضه تسديد مديونيته، من منع إذاعة مباراة الأسيوطى، وهو موقف، رغم تشدده وصرامته، فإنه معبر عن انعدام الثقة وانسداد قنوات الاتصال مع التليفزيون، الذى يرفض سداد مديونياته، وفى نفس الوقت يصر على إذاعة المباريات، وهى أزمة كانت وستظل قائمة إذا لم يفهم مسؤولو التليفزيون ما يلى:
أولا: إذاعة مباريات كرة القدم على التليفزيون الأرضى مازالت أمرا مهماً واستراتيجياً للشعب المصرى، ويمكن للتليفزيون أن يحقق هذا الهدف بأقل التكاليف إذا أحسن تسويق السلعة، باعتباره الوحيد الذى يحتكر الإذاعة الأرضية، كما يمكن أن يغطى تكاليف شرائها من حصيلة بيع إشارة البث للقنوات الأخرى، وبالتالى فالقول إن التليفزيون يخسر فى إذاعة المباريات قول باطل أو دعوى عاجز.
ثانياً: عدم التزام التليفزيون بدفع مستحقات الأندية، بدعوى عدم تسديد القنوات الفضائية المستحقات المالية المتأخرة، أمر لا يخص الأندية، بل هو فشل لإدارة التليفزيون فى التحصيل، وهو فشل تدفع الأندية ثمنه فى مشكلة ليست طرفاً فيها.
ثالثاً: من المهم فى ظل التعنت من قِبَل مسؤولى التليفزيون، ورفعه شعار: «اللى مش عاجبه يضرب راسه فى الحيط»، أن يظهر دور المهندس خالد عبدالعزيز، فهو الطرف الحكومى الأقرب للأندية ولرئيس الوزارة، ويملك الأدوات لعرض هذه المشكلة التى جاء قرار الأهلى بعدم إذاعة مبارياته ليظهر القبح فى العلاقة القائمة بين أهم جهاز فى الدولة وحقوق الأندية.
رابعاً: إذا بُلِيتُم فاستتروا، فالتليفزيون قام بسرقة مباراة مصر وغانا وأذاعها، رغماً عن أنف الشركة المالكة للحقوق، ما دفع الاتحاد الأفريقى إلى تغريم الاتحاد المصرى 1.8 مليون دولار، وهى غرامة من المفترض أن يدفعها مرتكب الجريمة.
على سبيل الملاحظات العابرة لحين انتهاء مباريات الأهلى والزمالك وسموحة فى دور الـ16 لبطولتى أفريقيا والكونفيدرالية.
أولاً: لا أريد أن أتجنى على «فيريرا»، وأتسرع فى الحكم عليه مبكراً، فالرجل مازال يحتاج بعض الوقت حتى يفهم طبيعة اللاعب والكرة المصرية، لكن أريد التأكيد على ملاحظة، وهى تجاهل النقاد قرار الإدارة الخاطئ بالتعاقد مع المدرب البرتغالى «فيريرا»، وعدم إعطاء الفرصة لمحمد صلاح، فمستوى الفريق لم يتقدم، بل بالعكس، يسير من سيئ لأسوأ، وهذا طبيعى، فلا يوجد مدرب يستطيع أن يتطبع على فريق فى شهرين أو فى خمس مباريات، فالعيب ليس فى «فيريرا» أو غيره، بل فيمن تسرع وقام بتغيير الجهاز الفنى دون سبب، ولن أكون مثل غيرى وأظل أضغط لأثبت وجهة نظرى، بصرف النظر عن مصلحة الزمالك، المهم أن أكون على حق، والحق الآن أن نقف خلف الزمالك، حتى لو كان تائهاً ضائعاً كما شهدناه فى آخر ثلاث مباريات، لأن فرصته مازالت قائمة فى تخطى فريق الفتح الرباطى المغربى فى بطولة الكونفيدرالية.
ثانياً: لو أن «جاريدو» فاز بالدورى وكأس أفريقيا وكأس العالم للأندية، فإن من يرفضه سيظل يقاوم ويهاجم الرجل، وهذا ما حدث فى المباراة الأخيرة أمام المغرب التطوانى، فالأهلى لعب واحدة من أفضل مبارياته خارج أرضه ووسط جماهير غفيرة لمنافسه، وقدم عرضاً قويا، وكانت له الغلبة والضغط والفرص، وحافظ على شباكه نظيفة، وكاد يخرج متعادلاً، إلا أن هذا الأداء لم يشفع له، ولم ير بعض النقاد فى المباراة إلا استبدال تريزيجيه بوليد سليمان واعتباره الخطأ الذى أضاع من الأهلى المباراة. وتبقى هذه المباراة لتعيد ما كنت أقوله، وهو أن فريق الأهلى يسير فنياً فى الطريق الصحيح والمستقبل سيكون لهذا الفريق الواعد.