منذ أن ندهتنى النداهة، مثل ملايين غيرى، وأدمنت متابعة كرة القدم، لا أتذكر أن هناك مباراة قمة جرت بين الأهلى والزمالك، إلا وثار قبلها جدل واسع أغلبه مفتعل، لزوم الحبكة الدرامية للقاء، واللعب على وتر الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها الناديان والمنافسة التاريخية بينهما، حتى لو كانت المباراة ودية، وفى الأغلب الأعم، تمر المباراة بسلام، اللهم إلا إذا كانت النتيجة قاسية على أحد الفريقين مثل مباراة الستة، أو شابتها أخطاء تحكيمية فاجرة مثلما حدث فى مباراة حسن شحاتة، التى فاز فيها الأهلى بدورى لا يستحقه.
لكن إذا قسنا عدد هذه المباريات الغريبة والمختلفة بالمقارنة بجملة المباريات التى جمعت الفريقين سنجدها نسبة ضعيفة لا تحتاج كل هذا الضجيج الذى يسبقها، لكنها كرة القدم وطبيعتها وإعلامها الذى يصنع من حبة الرمل جبلا من النميمة وقصصا وحكايات لتسلية الجماهير وتغذية روح التعصب، فأغلبنا تربى على أن تشجيع فريقه لا يتسق الا بكراهية الخصم، وهى أزمة نفسية ربما تكون موجودة فى العالم كله وليس مصر وحدها.
المهم، مباراة القمة القادمة يدور محورها حول ثلاث نقاط رئيسية: أولاها أنها ستظل مهددة بالتأجيل حتى آخر لحظة، بدعوى اضطراب الحالة الأمنية، فوزارة الداخلية لديها تخوف من عدم القدرة على توفير التأمين اللازم إذا ما تطورت الأحداث فى يوم 25 يناير، لذا فإنها تطالب بتأجيل المباراة من الآن، حتى تريح بالها وتفرّغ قيادتها وجنودها لليوم الموعود، وهو تخوف أراه فى غير محله، فـ25 يناير ذكرى ثورة الشعب وليس ثورة الإخوان، وكل الوثائق التاريخية والأحداث التى عشناها تؤكد جميعها أنهم لم يشاركوا فى هذا اليوم، وقفزوا على الثورة وليس لهم فيها ناقة ولا جمل، أما إذا كان التخوف من إثارتهم للشغب، فظنى أنه استدعاء لوحش لم يعد يخيف الناس، بعد أن فشل مخططهم يوم فض رابعة، لذا فليس من الحكمة إرهابنا وتخويفنا وتعطيل حياتنا، وليس مهما ماذا سيفعلون، المهم هو ماذا سنفعل؟ والإجابة أن حياتنا مستمرة، ومبارياتنا تقام فى موعدها، ورجال الشرطة قادرون على التأمين، ومسؤولو الأهلى والعقلاء فى الزمالك سيكونون على قدر المسؤولية، ولن يشعلوا الفتنة بتصريحات مثيرة ومستفزة، فالسكوت هذه المرة من ذهب.
أما القضية الثانية فى القمة القادمة فهى التحكيم، حيث اتفق الزمالك والأهلى على استقدام حكام أجانب، بينما يعاند اتحاد الكرة ويصر على الحكام المصريين، بدعوى الحفاظ عليهم وعدم زعزعة الثقة فى المنتج المصرى، (عفوا الحكم المصرى)، وهو كلام غير مفهوم فى ظل سوء مستوى الحكام فى أغلب مباريات الدورى، وفاتورة هذا السوء تحاسب عليها الأندية بفقدان نقاط وابتعاد عن منافسة، فالأهلى أضير بشكل واضح ومزعج فى مباراتين أمام الإسماعيلى، حيث لم يحتسب الحكم هدفا وضربة جزاء صحيحتين، ونفس الأمر فى مباراة الأسيوطى: ضربتا جزاء وهدف صحيح، ليخسر الأهلى أربع نقاط مستحقة.
ولم يكن الزمالك أفضل حظا، ففى مباراة إنبى التى خسرها الفريق، ألغى الحكم هدفين صحيحين للزمالك، وضاعت ثلاث نقاط، ناهيك عن الأخطاء الأخرى، أنا هنا لا أتهم الحكام بالتحيز لفريق على حساب الآخر، لكن أرى أن سوء المستوى، وغياب الرقابة والمتابعة من اتحاد الكرة، ثم العناد فى الدفاع عن الحكام، ورفض طلب استقدام حكام أكثر احترافية كل ذلك فيه إجحاف بحقوق الأندية فى الحصول على خدمة تحكيمية مميزة، فالأهلى والزمالك أنفقا الملايين فى شراء اللاعبين، وفضلاه عن فواتير الرواتب والأجهزة الفنية والمعسكرات، ثم يهدر هذا المجهود وهذه الأموال على يد حكم مستهتر واتحاد هاو يقهر الأندية ويبتزها بالحصول على نسبة 15% من مستحقاتها التليفزيونية واشتراكات تسجيل فى المسابقة ورسوم قيد للاعبين وغرامة ومكافآت حكام، ثم يحصل النادى على خدمة سيئة، وإذا طلب استقدام حكام محترفين اتهم بعدم الوطنية والامتناع عن تشجيع المنتج المصرى، فبدلا من أن نلوم الأندية، يجب أن يلام هؤلاء المسؤولون الذين يتهاونون فى تطوير وتدريب الحكام، وبعدها يستغلون سلطتهم فى قهر الأندية، ولو أن هناك لجنة أندية قوية ومحترفة لما استمر هذا العبث بمصالح الأندية.
أما القضية الثالثة فى القمة، فهى المناخ المتوتر بين إدارتى الناديين، وهى حالة مفتعلة خلقها بعض مسؤولى الزمالك الذين يتحرشون لإثارة أى أزمة، الأمر الذى أعطى انطباعا بأن الفوز بالمباراة هو فوز لإدارة على الأخرى، وكأنها نهاية البطولة، وهو أمر غير صحيح، ففوز الأهلى لا يعنى أن مجلسه أفضل من مجلس الزمالك، والعكس صحيح أيضا، فهى مجرد مباراة فى مشوار مازال طويلاً، لكن من المؤكد أن الفوز يعطى دفعة معنوية جبارة ويزيد من ثقة الفريق الفائز وغرور جماهيره واعتزازها بفريقها، ويا حبذا لو كان الفوز كبيرا.
■ ليس من قبيل النقد لإدارة الزمالك، بل هو حب منى لهذا الفريق الكبير ولجمهوره الصابر الوفى المخلص الذى يتطلع لإحراز بطولة كبيرة، أرى أن تكالب الإدارة على التعاقد مع فييرا أو غيره أمر محبط لمحمد صلاح، المدير الفنى، وإسماعيل يوسف، مدير الكرة، اللذين لم يقصرا فى عملهما واجتهدا فى حدود إمكانياتهما، وهى بالمناسبة كبيرة، باستثناء بعض الشطحات، (أقصد هنا ما فعله مدير الكرة، عندما تهور بسحب الفريق فى مباراة إنبى)، لكن ما تفعله الإدارة بسفر وفد للتفاوض مع فييرا والكلام الذى نشر عن رفض المدرب بقاء صلاح وإسماعيل يوسف من شأنه أن يزعزع ثقة اللاعبين فى مدربهم، كما يضعف الجهاز أمام اللاعبين قبل أيام من مباراته المهمة أمام الأهلى.
وعن نفسى لا أفهم لماذا ينبطح الزمالك أمام هذا المدرب بالذات، وهل لديه صك الفوز بالدورى حتى يتوسل إليه بهذا الشكل، ويضحى بتدمير نفسية القائمين على أمر الفريق؟
■ بعيداً عن الرياضة، دار بينى وبين المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، حوار حول انتخابات مجلس الشعب وتمثيل الشباب فيها، وأبدى الوزير انزعاجه وضيقه وندب حظه وعجزه، (وأراه محقاً)، فى أن الشباب قد لا يجد فرصة للتواجد بالشكل الذى يستحقه داخل المجلس، فى ظل إهمال الأحزاب لهم والتعامل معهم باعتبارهم ديكورا يستكملون به القوائم التى تضم أغلبها وجوهاً قديمة وتقليدية قدمت ما لديها واستنفدت طاقتها وتوقفت أحلامها، وكان الوزير يتمنى أن يشكل الشباب قائمة يدعون فيها من يرونه الأقدر والأكفأ فى التوافق مع أفكارهم وحماسهم للمستقبل، وهى وجهة نظر لها وجاهتها، والقصد منها أن الشباب هم الفاعلون وليس المفعول بهم.. بس تقول لمين؟