x

أنور الهواري العربُ وإسرائيل 2048م أنور الهواري الأحد 19-04-2015 21:11


نعم: 2048م، مفصل تاريخى حاسم، فى تاريخ هذه المنطقة، حيثُ نهاية إسرائيل الصغرى، وحيثُ بداية إسرائيل الكبرى، ومثلما أقنع الضميرُ العالمى نفسه بأن إسرائيل الصغرى تأسست 1948م فى أرض بلا صاحب NO MAN’S Land، فسوف يُقنع نفسه أن إسرائيل الكبرى 2048م تتمدد - كذلك - فى أرض لا صاحب لها، بعد أن تكون قد اكتملت الخطة، وتساقط المزيد من الدول العربية، والأنظمة العربية، والمجتمعات العربية، لتتحول مساحاتٌ من الأرض العربية إلى مشاعٍ مُستباح بغير أسوار ولا جدار.

بعد ثلاثة عقودٍ من الآن، سوف تكون موجة الحروب العبثية فى العالم العربى قد وضعت أوزارها، لتُسفر عن نجاح المخطط الصهيونى - الأمريكى، الذى يتولى العربُ الجانب التنفيذى منه بهمّة عالية وذكاء مُنقطع النظير.

حربُ الثلاثين عاماً، التى لاتزالُ فى مراحلها الأولى، هى خُلاصةُ وعُصارةُ وذروةُ الحرب التاريخية المُزمنة التى استغرقت 1000 عام من تاريخنا وتاريخ الغرب: من الحرب على الوجود العربى فى الطرف الجنوبى الغربى من القارة الأوروبية [حروب الإبادة فى الأندلس]، ثم الحرب على الوجود العربى فى شرقى المتوسط وشماله [الحروب الصليبية]، ثم الاستعمار الاستيطانى المباشر الذى تنافست فيه كل دول القارة الأوروبية إسبانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا من مطلع الكشوف الجغرافية إلى ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم اتفاق الاستعمار الأوروبى الراحل مع الهيمنة الأمريكية البازغة على زرع إسرائيل فى قلب البيت العربى [الاستعمار الاستيطانى الصهيونى]، ثم ها نحنُ نلجُ من أوسع الأبواب نحو حقبة استعمارية ذات مذاق خاص [حقبة ما بعد الصهيونية].

حربُ الثلاثين عاماً التى لم تزل فى طورها الأول، أو حقبةُ ما بعد الصهيونية، تتفق مع غيرها من مراحل الاستعمار السابقة، فى ظهور فئات ذات تأثير عندنا، تبدى الاستعداد للتخلى عن أجندتها الوطنية، وتبدى استعداداً مثله للعمل على أجندة المستعمر المُنتصر، من الكثلكة [التحول عن العروبة والإسلام إلى الكاثوليكية] فى حروب الإبادة ضد العرب فى الأندلس، إلى التصهين [العمل - عن قصد - على الأجندة الصهيونية] فى هذه الحرب الأخيرة المفتوحة فى كل شبرٍ من العالم العربى.

لكن، تظل حرب الثلاثين عاماً، أو حقبة ما بعد الصهيونية، هى الأسوأ، من ناحية أنها: تنفذ بأيادٍ عربية، وفى أرضٍ عربية، دون أن يظهر - فى الصورة - أصحاب المخطط من صهاينة أو أمريكان.

هذا المُخطط اللئيم يلعبُ بنا دون رحمة ودون هوادة، يضغطُ علينا من الشرق [إيران]، ويضغط علينا من الشمال [تركيا]، ويضغط علينا من الجنوب [إثيوبيا]، ويفرتكنا - شر فرتكة من الداخل [انقسامات اجتماعية وصراعات سياسية لا تلبث أن تتصاعد إلى حروب أهلية]. هذا المخطط المكير لا يتورع أن يستخدم - كل من يقبل الاستخدام: الحكام والمعارضين للحكام فى وقت واحد، الإسلامى والعلمانى فى وقت واحد، الرأسمالى واليسارى فى وقت واحد، الفارسى والتركى والعربى فى وقت واحد، الإخوانى والسلفى فى وقت واحد، من ينتهكون حقوق الإنسان ونشطاء حقوق الإنسان فى وقت واحد، من أشعلوا الثورات ومن أحرقتهم الثورات فى وقت واحد، كل من يشتهى السلطة، وكل من يشتهى المال، ومن أجل شهوته يقبل الاستخدام.

يؤلمُنى، ثم يؤلمُنى، ثم يؤلمُنى، أن أقول لكم: فى 2048م، سوف تكون إسرائيل قد أكملت مائة عام من عمرها، سوف تكونُ قد قضت قرناً كاملاً، هو قرنُ «إسرائيل الصُغرى»، وسوف تبدأ بعده - وبكل سهولة - تنتقل إلى ما تستطيعه من «إسرائيل الكُبرى»، وبارك الله فينا، نحن ما قصّرنا فى شىء، نحن سوف نكون خارجين للتو من حرب الثلاثين عاماً - كما وصَفها ريتشارد هاس، وأوافقه على توصيفه - ومن ثم سوف نكون قد مهدنا الطريق - على نفقتنا وبجهودنا الذاتية - لتتقدم إسرائيل نحو التطور الجديد: من إسرائيل الصغرى إلى إسرائيل الكُبرى.

يؤسفُنى، ثم يؤسفُنى، ثم يؤسفُنى، ألا أجد ما أقولُه لكم، غير ما قاله ابنُ حمديس [مولود 1055م] الصقلى لبنى وطنه - وكانت صقلية من أوائل ما ضاع - يقول فى ميميته التى نشرها المحقق الكبير الدكتور إحسان عباس:

« دَعُوا النَّومَ، إنى خائفٌ أن تدوسَكُم دَوَاهٍ، وأنتُم - فى الأمانى - مع الحُلْمِ». والحديثُ مُستأنفٌ.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية