كشف تقرير قضائي للمكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية، الثلاثاء، عن قضية فساد مالي وإداري كبرى، داخل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تثبت تورط أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، في التلاعب بمليارات الجنيهات داخل الهيئة، وتورط رئيسي الهيئة السابقين ووكيل أول وزارة، في إهدار مئات الملايين من أموال الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين.
وأمر المستشار عناني عبدالعزيز، رئيس هيئة النيابة الإدارية، بإحالة نظيف وغالي للنيابة العامة للتحقيق، وإحالة باقي المتهمين للمحاكمة التأديبية.
وقالت تحقيقات المستشارين تيسير المحمدي وحسام رأفت، نائبي رئيس هيئة النيابة الإدارية، إن غالي ونظيف تعاقدا بالأمر المباشر بمبلغ 1.35 مليون دولار مع شركة «يوز آند كمبانى» في 18 أكتوبر 2009 لعمل هيكل إداري ووظيفي لصندوق الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.
وأضافت التحقيقات أنهما تعاقدا بالأمر المباشر مع شركة «آى فايبتس» بشروط مجحفة، بسداد 100% كدفعة مقدمة بالمخالفة لأحكام المادة 69 من اللائحة التنفيذية للقانون، والتعاقد على الصيانة بالدولار بالصندوق الحكومي والاعتماد على الشركة المذكورة في تنفيذ أعمال تزيد قيمتها عن 31 مليون جنيه، يتحملها موازنة صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي، رغم عدم وجود ضرورة للإسناد بالأمر المباشر، وكذلك التعاقد مع نفس الشركة بخصوص البطاقات الإلكترونية لصرف المعاشات لمدة 14 شهرا بالمخالفة للقانون.
وتبين من التحقيقات أن غالي وافق على شراء 36 حاسبا شخصيا بمبلغ 43380 جنيها من شركة «اسمي جروب»، دون ضرورة، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، وأصدر قرارات بتشكيل 13 لجنة بالهيئة ضمنها بصفة متكررة أسماء مساعديه ومستشاريه والعاملين بوزارة المالية، ما ترتب عليه صرف مبالغ بلغت جملتها 760641 جنيها بدون وجه حق، كما وافق على صرف 860502 جنيه مكافآت وبدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة، عن الأعوام من 2009 حتى يناير 2011، بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 2226 لسنة 1994.
وكشفت التحقيقات أنه تم صرف مكافآت وبدلات لبعض العاملين بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وصندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص والعاملين بالقطاع الحكومي ومساعدي ومستشاري وزير المالية وبعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة، بنحو مليار جنيه خلال عامي 2010/ 2011، وتحمل الصندوقين للضرائب المستحقة عليها، طبقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات للرقابة المالية وتقويم الأداء للهيئة القومية الاجتماعي.
وأكدت أماني سعد محمود، مراقب حسابات بالجهاز المركزي للمحاسبات، أن صرف المكافآت للعاملين ولمساعدي وزير المالية والمستشارين في الفترة من 1 يوليو 2010 حتى 28 فبراير 2011 كانت بالمخالفة للمادة 123 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973، والتي حددت أن يكون صرف المكافآت التشجيعية في حدود من يؤدون أعمالا وجهودا مميزة، إلا أن ما تم صرفه من مكافآت تشجيعية بلغ 153.625 مليون جنيه، وأن التوسع في تشكيل اللجان لم يكن له ضرورة، وأن أعضاء اللجان كانت كبيرة لا تتناسب مع الأعمال المطلوبة، ومخالف للمادتين 47 و122 من القانون المشار إليه، والمادة 14 من لائحة قانون الضرائب.
وتبين من التحقيقات وجود مديونية مستحقة على وزارة المالية لصالح صندوقي التأمين الاجتماعي، عن المبالغ التي حصلت عليها الوزارة من أموال التأمينات والمعاشات، والتي بلغت حسبما ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات 455.5 مليار بنسبة 93.6% من أموال التأمينات.
واستندت النيابة الإدارية إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الخدمات الحكومية والمستندات، التي تكشف إسناد العديد من الأعمال بالأمر المباشر، بموجب مذكرة عرض من وزير المالية على رئيس الوزراء، مخالفين بذلك الأصل المتبع وفقا لما تنص عليه مواد قانون المناقصات والمزايدات.
وانتهت التحقيقات إلى أن تلك المخالفات شكلت جرائم عامة بنصوص المواد 113 عقوبات، بتسهيل الاستيلاء على المال العام للشركات المتعاقد معها، والأضرار العمدي بممتلكات وأموال الجهة التي يعمل بها والتربح، بما يقضي بإحالة المتهمين إلى النيابة العامة للتحقيق.
وكشفت تحقيقات النيابة الإدارية أن الغرض من نقل تبعية الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصندوقيها، من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية، وهي ما يطلق عليها حاليا وزارة التضامن، إلى وزارة المالية بالقرار الجمهوري رقم 422 /2009، لم يكن سوى للإشراف على أموال هذه الصناديق، ونقل تبعيتها والتصرف فيها لوزير المالية آنذاك، كي يتمكن من الصرف منها على النحو الذي يتراءى له دون حسيب أو رقيب، وترتب على ذلك شكاوى عديدة من الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين من جراء الجور على أموالهم، ما استلزم إحاطة رئيس مجلس الوزراء للنظر واتخاذ ما يلزم بشان الحفاظ على تلك الأموال ووضع الضوابط اللازمة لعدم تكرار ما حدث من مخالفات.
وأكدت مذكرة المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية، أن باقي المتهمين وهم «علي.م»، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة، و«ثريا.ف»، رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص، و«هشام.ع»، رئيس قطاع الحاسب الآلي بصندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة، لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة، خلال الأعوام من 2009 حتى 2011، وأهملوا وقصدوا الإضرار بمصلحة مالية للدولة وخالفوا القوانين والقرارات واللوائح المالية المعمول بها أحكام القانون.
وكشفت التحقيقات أن المتهمين الأول والثانية عرضا على وزير المالية الأسبق، صرف 860502 جنيه مكافأة بدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة، لعدد 6 جلسات، رغم عدم عضويتهم في لجنة الاستلام، فيما وافقت المتهمة الثانية لنفسها على صرف حافز شهري دون موافقة السلطة المختصة، ووافقت لنفسها على صرف 5 آلاف جنيه مكافآت لجنة إعلان الوظائف بالمخالفة للتعليمات ودون قواعد للصرف.
ووجهت المتهمة الثانية 20 مليون جنيه من حساب الأجور بموازنة الصندوق لتمويل الحساب الخاص بالرعاية الاجتماعية للعاملين بالصندوق، بالمخالفة لقانون الموازنة والتأشيرات العامة للعام المالى 2010/2011.
وجاء بأوراق القضية أن المتهم الثالث حصل على 10 آلاف جنيه عن لجنة استلام صالة الحاسب الآلي بصندوق التأمينات والمعاشات خلال أكتوبر 2010، رغم عدم عضوبته بلجنة الإستلام.
وانتهت التحقيقات إلى إحالة المتهمين الثلاثة للمحاكمة التأديبية، مع إبلاغ النيابة العامة بما انطوت عليه الأوراق من جرائم عامة.
وأمرت النيابة الإدارية بأعمال أوجه التعليمات المالية والإدارية لإجراء التصويب اللازم في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات، وسطر بمذكرة التصرف، وإرسال صور من مذكرة التصرف إلى رئيس الوزراء، لاتخاذ ما يلزم حيال المخالفات الواردة بالقضية، ووضع الآليات التي تضمن الحفاظ على أموال الهيئة وتفعيل الرقابة المالية، قبل الصرف في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات من قصور وخلل في هذا الشأن.
وقررت النيابة الإدارية التحقيق في وقائع صرف مكافآت وبدلات بصندوق العاملين بالقطاع الحكومى بمبلغ 216 مليون جنيه، لبيان حدود المسؤولية التأديبية لرئيس صندوق العاملين والقطاع الحكومي بالهيئة الأسبق.