x

الأزهر Vs إسلام بحيري.. صراع الحفاظ على الدين

السبت 04-04-2015 15:03 | كتب: رضا غُنيم |
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وإسلام بحيري الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وإسلام بحيري تصوير : اخبار

في بلد يخوض حربًا ضد الإرهاب، ولديه الرغبة في تجفيف المنابع الفكرية والمالية الراعية له، ويحتاج إلى تكاتف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في هذه المواجهة، باتت أكبر مؤسسة دينية والمنوط بها الوقوف في مقدمة القوى الناعمة المسؤولة عن المواجهة، في مرمى الاتهام بمحاولة قمع الأفكار تحت ستار «الحفاظ على الدين».

مؤخرًا، تقدم الأزهر الشريف بمذكرة رسمية إلى هيئة الاستثمار ضد قناة «القاهرة والناس»، بسبب برنامج «مع إسلام»، الذي يقدمه إسلام بحيري، مطالبًا بضرورة وقف عرض هذا البرنامج، بسبب التشكيك في ثوابت الدين، وإثارة الشبهات على غير أساس علمي، والخوض في صحيحي البخاري ومسلم دون سند علمي.

وقال «الأزهر»، إنه «المرجع الوحيد في الشؤون الإسلامية وفقًا للدستور، وهو الهيئة العلمية الإسلامية التي تقومُ على حِفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته للناس كافة، وتحمل أمانة توصيل الرسالة الإسلامية إلى كل شُعوب المعمورة، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام السَّمحة».

وقبل مرور 24 ساعة فقط على بيان الأزهر، كشف مسؤول بارز بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عن إصدار الهيئة قرارا بوقف بث برنامج «مع إسلام».

وقال المصدر، لـ«المصري اليوم»، إن الهيئة أرسلت قرارها إلى الشركة المالكة للقناة، وحذرتها بأن المهلة المتاحة لتنفيذ وقف البرنامج، هي 15 يومًا، وأنه إذا لم يتم التنفيذ خلالها سيتم وقف القناة بالكامل.

وأضاف أن هيئة الاستثمار ارتأت أن الشكوى المقدمة من مؤسسة الأزهر الشريف، مدعومة بسيديهات وفيديوهات تؤكد إثارة مقدم البرنامج للفتنة بين المجتمع، من خلال سبه الإمام البخاري والأئمة الأربعة.

موقف «الأزهر» أثار مخاوف واسعة في الأوساط الليبرالية واليسارية، من عودة ظاهرة «قمع الأفكار باسم الدين»، كما حدث في التسعينات مع رموز التنوير على رأسهم فرج فودة، ونصر حامد أبو زيد.

الكاتبة فاطمة ناعوت، كتبت في تغريدة على حسابها بموقع «تويتر»: «الأزهر الشريف، بدلًا من إيقاف برنامج إسلام بحيري ناظروه وقارعوا الحجة بالحجة.. تكميم الأفواه حيلة انعدام الحجة.. أبرزوا حجتكم».

استند «الأزهر» في مطالبته لوقف البرنامج إلى أنه المرجع الوحيد في الشؤون الإسلامية، بحسب ما جاء في الدستور، لكن المستشار أحمد ماهر عبده، المفكر الإسلامي، يقول إن «الأزهر المرجع الوحيد للمؤسسات الرسمية».

ويضيف لـ«المصري اليوم»: «ليس من حق أحد مصادرة الأفكار، الأزهر المرجع الإسلامي للدولة، لكن الأفكار ليست ملك أحد، ومن حق الجميع التحدث، ومن حق الجميع الإيمان أو الكفر»، مستشهدًا بقوله تعالى «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».

ويوضح «ماهر»: «لا يوجد في الأزهر علماء، لأنهم ينقلون فقط ما قاله البخاري وأبو هريرة، العالم هو الذي يُنتج العلم ولا ينقله، لذلك لا يصح أن نُطلق على مشايخ الأزهر لقب علماء».

كانت «المناظرات الفكرية» هي السمة الأبرز في التسعينات، حيث جرى تنظيم أكثر من مناظرة أبطالها فرج فودة وفؤاد زكريا والشيخ محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، والمفكر الإسلامي محمد عمارة، لكن المشهد الذي أثار إعجاب الجميع، وأعاد للأذهان معركة «لماذا أنا ملحد» و«لماذا أنا مؤمن»، لم يكتمل إلى نهايته، إذ جرى تكفير «فودة»، وبمقتضى هذه الفتوى قتله أحد المتشددين، ولم يكن الأزهر بعيدًا عن ذلك، إذ قوبل «فودة» بهجوم شديد من قبل جبهة علماء الأزهر.

كما وقف «الأزهر» ضد الراحل نصر حامد أبو زيد، وطالبته لجنة مكونة من 20 عالمًا أزهريًا بإعلان التوبة عن بعض الأفكار التي وردت في كتابه «مفهوم النص»، إذ رأوا أنها مخالفة لأحكام الدين الإسلامي.

وفي عشرينات القرن الماضي، هاجم الأزهر الشيخ علي عبد الرازق، بسبب كتاب «الإسلام وأصول الحكم»، دون أن يناقشه في ما جاء في كتابه، وقرر في النهاية إخراج «الشيخ» من زمة العلماء، وجاء في نص القرار: «حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر بإجماع 24 عالمًا معنا، من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ علي عبد الرازق، أحد علماء الأزهر، والقاضي الشرعي بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية، ومؤلف كتاب (الإسلام وأصول الحكم)، من زمرة العلماء».

ويبدي المفكر الإسلامي أحمد ماهر تخوفه من تكرار سيناريو فرج فودة، مع إسلام بحيري، وغيره ممن اعتبرهم أصحاب أفكار تنويرية، قائلًا: «الأزهر يُجيّش الناس ضد أصحاب الأفكار التنويرية، وأعتقد أن كل صاحب فكر مستنير مُعرض للاغتيال في كل وقت.. الأزهر يحتاج إلى تطهير».

بدوره، لم يُحبذ الدكتور خالد منتصر، فكرة المناظزة، قائلًا: «الحضارات لاتصنعها المناظرات، التقدم الفكري الحقيقي المؤثر لايولد من رحم المناظرة، بل من رحم الدراسة التحليلية النقدية المتكاملة المتماسكة المخلخلة للبنيان التقليدى المزلزلة للبديهيات المزيفة للوعي والعقل.

وأضاف «منتصر»، في تدوينة عبر صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك»: «جان جاك روسو وديكارت وكانط، عكفوا على دراسة وتحليل وإجابة سؤال: ما الذي جعل مجتمعاتهم تتخلف فكريًا وتمنح للكهنوت تلك المساحات والسيطرة، جاليليو لم يُناظر المحكمة لكنه ترك تراثًا علميًا للأجيال القادمة، وتجرأ وتجاسر على طرح أسئلة صادمة لمجتمعه جعلته يفكر ويستيقظ، لكن بعد موته بسنوات، لكنه وضع البذرة ومضى، لذلك لاتنشعلوا بالمناظرات التى لن تجدى،.طالبوا كل مفكر مجدد أن يطرح أسئلة أكثر وأخطر، وأن يحفر أعمق، وأن يبدد ضباب الجهل بكشاف أوضح».

من جهته، علق إسلام البحيري على البيان الذي أصدره الأزهر، قائلا: «هذا تصرف أهوج من مستشار قانوني لمؤسسة الأزهر، وإذا كان هذا بيان يصدر عن شيوخ الأزهر فهو يعيدنا إلى عصر الكهنوت».

وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج «90 دقيقة»: «هذا البيان المطالب بإيقاف البرنامج محاكم تفتيش، فليس من وظيفة الأزهر أن يحجر على الفكر، لماذا يحجر الأزهر على فكري؟ لابد من الرد عليّ بفكر مثل فكري لا بمنع برنامج».

وخلال نفس البرنامج نشبت مشادة حادة بين «البحيري»، والدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بسبب وصف الأول للإمام ابن تيمية بأنه «إمام التكفير والدم».

وقال «النجار» موجهًا حديثه لـ«البحيري»: «والله يا ابنى أنت لا تصلح أن تقدم برنامج، لأن تفكيرك تافه، وتدافع عن الباطل، وتحتاج إلي من يشح لك المكتوب في الكتب كي تفهمه»، ما جعل «البحيري» يرد قائلًا: «لقاءنا في المحكمة، أنت تدافع عن الكذب والباطل، ومن الواضح أنك لم تقرأ كتب يا دكتور، ظهر عوار منهجكم».

وكان للداعية الإسلامي خالد الجندي، تصريحات في هذا الشأن حيث قال «إسلام بحيري قال إن التراث عفن، ولن أسمح أن يقول هذا الشخص على بن تيمية (سفاح) بسبب فهم محتاج لحوار وتأهيل وإعادة نظر ورؤية أخرى وإعادة إنصاف، ومن يقول على الفقهاء الأربعة النصابين الأربعة».

وأضاف الجندي موجها كلامه لبحيري: «إحنا في دولة مصر يا أستاذ أحمد، كيف تقول على البخاري (كذاب)، والله لو واحد مسيحي قال إن التراث الإسلامي عفن، الدنيا هتولع ولن تنطفأ، هذه كلمات لا تُغفر لأبناء غير الملة، والله العظيم ميقدرش يشتم تراث أم كلثوم، إحنا بقينا أيتام في دولة الإسلام وملطشة علشان يقول هذا الشخص على تراثنا هذا الكلام».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية