قال الصادق المهدي، رئيس الوزراء السوداني الأسبق، وزعيم حزب الأمة القومي، إن القمة العربية التي اختتمت أعمالها، الأحد، في شرم الشيخ خطوة جديدة نحو التضامن العربي المنشود.
وقال «المهدي»، في بيان له، الإثنين، إن «البيان الختامي للقمة العربية تطرق لقضايا مهمة مطلوب البحث عن إجابات لها، وهي (البحث عن إجابات عن الأسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية، وواجب الالتزام بترسيخ حقوق المواطنة، وصون الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة، وشمولية النظر في التعامل مع الإرهاب، وتجديد الخطاب الديني بما يبرز قيم السماحة ودحر التطرف، والتطلع لمشاركة المثقفين والمفكرين في هذه القضايا».
وأشاد «المهدي» بالاهتمام الجماعي بهذه القضايا، مشيرا إلى نداء عمان الذي أصدره منتدى الوسطية العالمي في منتصف شهر مارس الجاري، الذي ضم جماعة مؤهلة من المثقفين والمفكرين واقترح حلولاً مدروسة لكافة القضايا المعنية، واقترح تكوين مجلس حكماء ليسعى مع كافة الأطراف المشتبكة في استقطابات حادة للتعايش وقبول الآخر، متمنيا أن تقبل الجامعة العربية هذه المبادرة، وتعمل على تحقيق المصالحات المصيرية المنشودة.
وأشار «المهدي» إلى تطرق البيان لأزمات «ليبيا، والعراق، وسوريا»، موضحا أنها أزمات متصاعدة، وتتطلب عملاً عربياً مكثفاً لإخماد الفتن فيها وعدم الاكتفاء بالمساعي الدولية، مشيرا إلى أن ما تواجه تلك الدول من تفكك أعطى الفرصة لتمدد أنشطة إرهابية معادية لمقاصد الإسلام، والمصالح القومية، والوطنية، بل معادية للحضارة الحديثة ذاتها، مضيفا، أن «المطلوب تكوين آلية عربية رفيعة المستوى لحل أزمات هذه البلدان».
وأكد «المهدي» أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة جديدة، موضحا أن العالم بدأ يستيقظ للقضية ودور إسرائيل العدواني، متمنيا أن نعمل بكل الوسائل لتوحيد الصف الفلسطيني، ورفض أية اتهامات للمكونات الفلسطينية بالإرهاب، والتركيز على إعادة تعمير غزة الجريحة، ودعم وتقديم إسرائيل للمساءلة الجنائية الدولية، ودعم رفع الملف الفلسطيني للأمم المتحدة فإن فرصة التجاوب الدولي مع القضية قد تحسنت كثيراً.
وقال «المهدي»: «نحن نؤيد مشروع تكوين قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة على أن يكون هذا الاهتمام الأمني جزءاً من برنامج ذي ثلاثة إضلاع، هي (مشروع التوافق الفكري والمذهبي والثقافي المنشود، ومشروع مارشالي لتعاون تنموي يواجه قضايا البنية التحتية، والفقر، والعطالة، والعدالة الاجتماعية، والضلع الأمني المكون للقوى العربية المشتركة)».
وتابع: «نؤيد بشدة مبدأ إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، وضرورة تجريد إسرائيل من الانفراد والابتزاز النووي، وضرورة كفالة حرية حق الجميع امتلاك التكنولوجيا النووية، كما تقر بذلك الاتفاقية الدولية».
وأكد «المهدي» أن العالم مقبل على حرب باردة جديدة أضلاعها «الغرب، والشرق الأوربي (روسيا)، والشرق الآسيوي (الصين)»، وسوف تكون منطقتنا من ميادين هذا الصراع، وأن استمرار التنافر بين هذه الأضلاع الثلاثة من شأنه جذب مزيد من نوافذ الحرب الباردة الجديدة، وإتاحة الفرصة الأوسع لتمدد الحركات الإرهابية.
وأضاف: «الآن السودان يواجه انقساماً سياسياً حاداً وحرباً أهلية في ست جبهات، ويبدوأن بعض القادة السودانيين سوف يعملون على الاستنصار بالتضامن العربي لمحاولة القضاء على الانقسام السياسي والمواجهات المسلحة بالقوة، وهذا خطر كبير في وقت فيه الأسرة الأفريقية والأسرة الدولية يعملون على إيجاد حلول سلمية للنزاعات في السودان، ومحاولة توظيف قرارات مؤتمر القمة العربي في التعامل الحربي مع القضية السودانية يضع الجامعة العربية في تناقض مع تطلعات الشعب السوداني، وفي تناقض مع مساعي الاتحاد الأفريقي، وتناقض مع الأسرة الدولية، ينبغي أن تتعامل الأسرة العربية مع القضية السودانية من منطلق تحقيق السلام العادل الشامل، والحوكمة الراشدة»، مؤكدا أن السودان لن يتمكن من القيام بالدور المنشود في الأمن الغذائي إلا إ ذا تحقق فيه السلام والاستقرار.
وتابع: «لقد ناشدنا بموجب إعلان باريس، في أغسطس 2014، الجامعة العربية أن تقوم بدور أسوة بالاتحاد الأفريقي في دعم مشروع السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي المنشود في السودان، وأبلغنا ذلك مباشرة للأمين العام للجامعة العربية، ونرجو أن يؤكد القادة العرب والجامعة العربية استعدادهم للقيام بهذا الدور فإن النزاعات في السودان تقوم على مطالب موضوعية وحسمها بالوسائل العسكرية مستحيل».
وطالب «المهدي» أن يكون الدور العربي متناغماً مع الدور الأفريقي والدور الدولي وتطلعات الشعب السوداني المشروعة.
وشدد «المهدي»، في بيانه، على الجامعة العربية ليست جامعة حكومات عربية بل دول، مؤكدا أن الشعوب مكون أصيل للدول، متمنيا أن تدعو الجامعة العربية لمائدة مستديرة تشمل مفكرين ومثقفين يمثلون تطلعات شعوبنا المشروعة، لدراسة مخرجات اجتماع القمة الأخير، وتقديم تشخيص للحالة العربية الراهنة، وتوصيات حول المطلوب لمواجهتها.