قال رئيس جمهورية السودان، عمر البشير، في كلمته أمام القمة العربية السادسة والعشرين، والمنعقدة في شرم الشيخ، السبت، في نص كلمته:
أخي الرئيس
أصحاب الجلالة والفخامة من صواب المسار أن يكون موضوع صيانة الأمن القومي العربي في مقدمة عنواننا وعلى رأس أجندة هذه القمة إلى جانب بحث الخطوات التي تمت بشأن تطوير آليات العمل العربي المشترك وميثاق الجامعة العربية إلى جانب تطورات الأوضاع في عدد من أقطار الدول العربية الشقيقة، وكل هذه العناوين والتحديات تستدعي من قمتنا هذا العمل بأقصى درجة من الإرادة الجامعة، وحسن التقدير والانتباه للأخطار الماثلة والمداهمة والمحدقة بأمننا القومي ووحدتنا وسلامة وأمن أوطننا وشعوبنا.
«إن السودان ظل يؤمن بأهداف ميثاق هذه الجامعة، وبوحدة مصير هذه الأمة، وبدور تعزيز التعاون بين دولنا، وذلك تحقيقا لأكبر قدر من إنجاز أهدفنا في التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وصيانة أمننا القومي، ونحن على قناعة بأن ذلك لا يكون إلا من خلال التضامن، والتناصر حقيقي، ومن خلال تفعيل كافة الاتفاقيات والمشروعات والبرامج التي نتفق عليها، وفي سبيل ذلك فإن السودان تبارك كل جهد يستهدف تطوير وتفعيل آليات العمل العربي المشترك بما يقصر الطريق والوقت من أجل الوصول إلى الغايات والأهداف التي يصبو إليها شعوبنا».
«إن خطر التطرف والإرهاب وهو من أهم الأخطار التي تواجه أمتنا اليوم خاصة وأنه قد تمدد، وأنه علاوة على ما له من أبعاد أمنية وعسكرية فإن الأمر يحتاج إلى مواجهة تستدعي درجة عالية من حسن تشخيص واختيار الأساليب، وبناء مقاربة تقوم على أساس المعالجة الفكرية والثقافية والفقهية، ولا يستبعد التصدي للظاهرة أيضا بالأدوات سياسية والأمنية التي تصون وتحمي الاستقرار والسلم الاجتماعي لدولنا وشعوبنا، مع درجة من التنسيق اللازمة مع الأخذ في الاعتبار ضرورة وجود جدول اهتمام للشباب من خلال استيعابه في مشروعات وطنية تستوعب طاقته في البناء والعمارة، كما تستجيب لتطلعاته في الاستهداء بصحيح الدين في الحياة العامة بوسيطة تهديهم إلى التدين الصحيح دون إفراط أو تفريط».
«إن التحديات التي تواجه أمننا القومي اليوم كثيرة، وأن صيانة الأمن القومي العربي تستدعي تقديرا متجددا للموقف، يقوم على فهم مستبصر للتحديات والتطورات التي تحدث حولنا، والعوامل التي تحرك الصراع، وتوجه المصالح هنا وهناك، وأن نفهم ماذا يريد منا».
«إن عددًا من دولنا العربية الشقيقة يعاني من أوضاع تتسم بالانقسامات والصراعات الداخلية والاقتتال والتي ربما نتيجة لها وبسببها نشأت بعض الجماعات الخطرة التي استغلت تلك الظروف وانتشرت في بعض تلك الدول لتمارس العنف والإرهاب والقتل مما تسبب أيضًا في تعريض تلك الدول الشقيقة لخطر التدخلات الأجنبية وخطر التقسيم، فنحن نتابع الوضع في العراق الشقيق ونتمنى أن تسفر جهود الحكومة العراقية الشقيقة على النجاح في بسط سيطرته على كامل التراب العراقي، وأن تتمكن من إعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وأن تستوعب كافة مكونات الشعب من أجل البناء الوطني وتحقيق الأمن والسلام لجميع العراقيين، ليعود العراق للقيام بدوره الإيجابي والفاعل في محيطه العربي والإقليمي والدولي».
«أما في سوريا.. فإن السودان يشعر بقلق بالغ إزاء معانة الشعب السوري، ويدعو في هذا الصدد أن تعزز جهودنا جميعا لوضع حد لإنهاء معانة هذا الشعب العربي الشقيقة، وبالنسبة لليمن الشقيق فقد ظل السودان يتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في هذا البلاد الحبيب منذ مدة، كما ظل يرصد المحاولات المتعددة من بعض الأطراف اليمنية خاصة ميليشات الحوثيين لعرقلة الحوار الوطني والعملية السياسية التي ترعاها دول مجلس التعاون الخليجي، على نحو أصبح يهدد المنطقة العربية برمتها ويهدد أمن وسلامة المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتأسيسا للتطورات التي حدثت في اليمن، فإن السودان يعلن دعمه اللا محدود لائتلاف الدول المؤيدة للشرعية، ويؤكد مشاركته الفاعلة حاليا على الأرض، ضمن قوات التحالف المساند للسلطة الشرعية في اليمن، وذلك دعما للشرعية وإنقاذا للمنطقة من المآلات السالبة المترتبة على التطورات في اليمن، إن السودان إذ يشارك بفاعلية ضمن قوات التحالف، فإنه يرجو أن يصدر هذا المجلس بيانا قويًا يعزز هذا الجهد، ويدعم عاصفة الحزم التي نأمل أن تشكل إحياء للعمل العربي المشترك برمته».
«أما بشأن الجارة العربية الشقيقة ليبيا، فإننا نؤمن أن ليبيا بمساحتها وخيراتها تسع جميع الليبيين المتطلعين لغد أفضل ونؤمن بأن الحل في ليبيا يكون من خلال الشراكة الوطنية القائمة على الحوار والإحترام، ونعتقد بإمكانية الحل السياسي في ليبيا، وندعو الليبيين لإعلاء شأن الوطن على المطالب الصغيرة، ونشجع جهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل عبر الحوار لحكومة ليبية يشارك فيها الجميع دون عزل تعمل على بناء مؤسسات الدولة وتحقق الأمن والاستقرار وتكافح الإرهاب».