x

مي عزام كيف تصبح مليونيراً فى مصر؟ مي عزام الأربعاء 25-03-2015 21:22


هل تتذكرون سلسلة الكتب الأمريكية الأكثر مبيعا، التى تبدأ بسؤال «كيف»: كيف تصبح مليونيرا؟ كيف تكسب الأصدقاء؟ كيف تعيش سعيدا؟ كيف تنجح فى الحب والعمل؟

الأمريكيون «شطّار» فى صناعة الكتب السوقية، لا أقصد السوقية بمعنى الابتذال، لكن بمعنى كتب لها سوق واسعة، ومشترون من كل فئات المجتمع. العقلية الأمريكية عقلية برجماتية، تبتكر، وتبدع من أجل التسويق والبيع، تعرف كيف تحول السلع إلى حلم وأمنيات يسعى الجميع لامتلاكها، لا يفرق كثيرا لو كان المنتج ماديا أو معنويا «فكرة أو قيمة أو مبدأ»، كما جعلت من النجوم صناعة بالملايين، يتم الترويج لها، وبها.

أمريكا رائدة فى عالم البيزنس. التسويق والترويج جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع الأمريكى الاستهلاكى، وهى الأكثر نجاحا فى هذا المجال، ولعل ذلك يعود لأنها دولة بلا جذور ضاربة فى عمق التاريخ، ليس لديها أعباء تاريخية تتمثل فى تقاليد وقيم ومنظومة أعراف متوارثة تثقل كاهلها، وتبطئ خطواتها نحو مستقبل خططت له، دون أى قيود أو موانع.

المعيار الأول للنجاح فى أمريكا المكاسب المادية، كلما زادت ثروتك كنت أكثر نجاحا. بعد سيطرة أمريكا على العالم، صدرت ثقافة «الماك» بكل مفرداتها. حلم الثراء الذى يتيح لصاحبه أن يغترف من متع الحياة- تحول لحلم عالمى جماعى، شاركت هوليوود فى الترويج له بأفلامها ذات التأثير البالغ على العقول. الثراء تراه على الشاشة: نساء جميلات، قصور فاخرة، سيارت فخمة و... و... و... قائمة طويلة من المتع الحسية المادية التى يمكن شراؤها لمن يملك الثمن.

السادات كان واقعا فى أسر الثقافة الأمريكية، استورد فى حقبته معيار النجاح المادى، لكنه لم يضع ضوابط قانونية لحلم الثراء السريع، ومع بداية عصر الانفتاح الساداتى دخلت سلع لم يكن الشعب المصرى يعرفها من قبل، ووجدت فئة من المصريين أن المكاسب المادية ليست حلما بعيد المنال، شوية فهلوة على حبة نصب على رشة فساد.

فى غفلة من الزمن زادت أعداد مليونيرات الفساد فى مصر الذين انضموا لطبقة رجال الأعمال، حتى أصبح من الصعب أن تفرق بينهم وبين رجال الأعمال الحقيقيين الذين جمعوا ثرواتهم بالجهد والعمل والمثابرة.

ونتيجة وجود هذه الفئة الطفيلية، حدث الكثير من التغيرات فى المجتمع المصرى، وفى الهرم الاجتماعى، وكما يقول الكاتب والسينمائى الفرنسى جان كوكتو إن السينما كتابة بالصور، فهى مرآة المجتمع، تعكس قضاياه، وتعبر عن همومه ومشاكله، ولقد عبرت السينما المصرية عن تلك الأوضاع المقلوبة فى شخصية «عنتر» إمبراطور الزبالة الذى يقضى على مستقبل الأستاذ الجامعى فى «انتبهوا أيها السادة». و«زعتر» نشال الأتوبيسات الذى تحول إلى رجل أعمال كبير فى «أهل القمة». نماذج فاسدة ومتوحشة من اللصوص والمهربين ومستوردى الأغذية الفاسدة والألبان الملوثة بالإشعاع النووى كما فى «الغول»، «حب فى الزنزانة » و«عنبر الموت»، وغيرها.

فى فترة حكم عبدالناصر، كان العمل شرفا، والعلم قيمة، ظهر ذلك جليا فى «الأيدى الناعمة». كان الثراء محدودا تجده فى البيروقراطية العليا وضباط الجيش وأصحاب المصانع والشركات الوطنية.

فى عصر السادات، ارتفعت ظاهرة الفهلوة، وتراجعت قيمة العمل والتعليم. وفى عصر مبارك، انتصر التعليم الأجنبى على الحكومى بالضربة القاضية، وظهرت طبقة رجال أعمال متعلمين جيدا، وأكثر اهتماما ووعيا بأهمية السلطة والاقتراب من دوائر صناعة القرار، لتوسيع أنشطتهم فى العقارات والاتصالات والبنوك والصناعات... إلخ.

وحدث زواج المال بالسلطة، وحرص هؤلاء على أن تكون لهم أبواق إعلامية تخدم مشروعهم الرأسمالى، فأسست الجرائد والقنوات الفضائية الخاصة.

والآن، ونحن فى العام الخامس عشر، بعد الألفين، وبعد أن مرت مصر بثورتين لإصلاح مسارها، لو أعدنا السؤال من جديد: كيف تصبح مليونيرا فى مصر؟ فى رأيك ماذا سيكون الجواب فى عهد الرئيس السيسى؟ أترك لكم الإجابة، وعلى استعداد لنشرها.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية