قالت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، إن هناك ظاهرة خطيرة تتمثل فى دفع عدد من الأسر بأبنائها للهجرة دون سن الثامنة عشرة، وتعجبت قائلة «مش عارفة إزاى الناس ترمى لحمها؟».
وأضافت «جبر»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أنه تم إعداد قانون لمعاقبة السماسرة الذين ينظمون الهجرة غير الشرعية، وأن اللجنة فى انتظار رد مجلس الوزراء عليه، لافتة إلى أن مصر لا تزال دولة معبر أمام الهجرة غير الشرعية، ولكنها انتقلت من سيناء إلى الحدود مع ليبيا.
■ بداية.. ما الدور المنوط باللجنة القيام به؟
- وفقا للقرار، نحن نقوم بدور تنسيقى، بمعنى أننا لسنا جهة تنفيذية، وإنما جهة تنسيقية، بين 18 وزارة تنسق بين الوزارات، ومنظمات حقوق الإنسان المعنية، وتتعامل مع المجتمع المدنى، وأضفنا إلى قائمة التعاملات المجلس القومى للطفولة والأمومة، بعد انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية للأطفال، حيث جاءت لنا من إيطاليا واليونان بيانات عن أعداد كبيرة من هؤلاء الأطفال. والمهمة الأخرى التى نقوم بها تتمثل فى البحث عن البيانات، لذا نقوم هذه الأيام بإعداد أول دراسة تجرى فى مصر عن أهم المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، بدأنا فيها بالفعل، وستستغرق 8 أشهر بدأناها منذ قرابة شهر لكى ننظمها تنظيميا وإداريا وماليا، ما يتطلب جهدا كبيرا، ولدينا وحدة للتوثيق مسؤولة عن الصفحة الإلكترونية بالعربية والإنجليزية ومسؤولة عن البحث عن المراجع لخدمة الباحثين، فوحدة التوثيق هى الذاكرة المؤسسية.
■ ذكرتم سابقاً أنه لا بد من وضع قانون حاسم للحد من الهجرة غير الشرعية وأن مجموعة العمل القانونية باللجنة غلظت عقوبات مَن يتولى عملية تهريب المهاجرين.. فما الجديد فى هذا الصدد؟
- نحن بصدد إعداد أول تشريع وطنى عن الهجرة غير الشرعية، بدراسة قوانين مقارنة، وتجارب الدول الأخرى، وعملنا حلقات بحثية، وأتينا بخبراء دوليين استمعنا إليهم، وتعاونا مع منظمات دولية لتأتى بهم، لأن إمكانياتنا المادية والعددية محدودة للغاية، لكن لدينا إرادة ورؤية، وكيفية تحريك هذا العدد، ووضعنا إطارا جيدا للقانون، ولدينا مشروع جيد، والقانونيون شرعوا فى مراجعة عدد من مواد القانون، وأنا تحت أمر القانونيين، ومن الممكن عمل حوار مجتمعى قبل إقراره، تمهيدا لإرساله للبرلمان، وما زال أمامنا وقت، ونحن أرسلنا به إلى مجلس الوزراء، ورئيس الوزراء قال لنا إنه أرسل التعديلات بالتشريعات الوطنية للجنة التشريعية المعنية بمراجعة التشريعات الوطنية، وفى انتظار الرد.
■ هل ما زالت مصر معبرا للهجرة غير الشرعية؟
- نعم، مصر لا تزال دولة معبر، مع الأخذ فى الاعتبار أن حركة الهجرة غير الشرعية عبر مصر تغيرت، لأنه فى الفترة التى أعقبت ثورة يناير كانت هناك أزمة فى السيطرة الأمنية على سيناء، فى نفس الوقت كان هناك طلب على الأيدى العاملة الأفريقية الرخيصة فى إسرائيل، ما سمح لرواج هذه التجارة، حيث جلبت عصابات الهجرة غير الشرعية من جنوب القارة الأفريقية مهاجرين من إريتريا، والصومال، وإثيوبيا، والسودان، وجنوب السودان، عبروا بهم إلى إسرائيل من بوابة سيناء، لكن الأمر تراجع حاليا بعد بناء الجدار العازل، وسيطرة القوات المسلحة على سيناء، فضلا عن رفض إسرائيل طلب المهاجرين، لأنها وجدت وجودا أفريقيا كبيرا لديها، ما يخل بالتوازن العرقى، فوضعت قيودا كبيرة على عملهم وتحويلاتهم المالية، حتى إنه منذ عام قامت مظاهرات من الأفارقة، وبالتالى تحرك المسار ناحية ليبيا، وإذا نظرنا إلى بعض حوادث الغرق فى المياه الإقليمية المصرية، فسنجد فلسطينيين، وسوريين، وأفارقة، فهى هجرة شرعية عبر مصر ناحية الجنوب الأوروبى، فلا نزال دولة معبر.
■ ماذا عن اللاجئين السوريين فى مصر؟
- طبعا كان الله فى عونهم، وقد قرأت تقريرا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فى جنيف يؤكد أن أكبر عدد رصدته مفوضية اللاجئين هو من اللاجئين السوريين، ومن الدراسات الخاصة بالمهاجرين تقول هذه الدراسات إنهم من أفضل الناس تعاملا مع ظروفهم، وعندهم قدرة على الإبداع فى العمل والابتكار، وهناك أطفال سوريون يبيعون حلويات، وهناك محال مخبوزات سورية، وكوافير محجبات العرائس، وهذا مهم جدا.
■ تقوم اللجنة بنشر الوعى بقضية الهجرة غير الشرعية.. فما الآليات المستخدمة فى ذلك؟
- نعم هذا دور مهم جدا. قصص النجاح موجودة يجب أن تتوازن معها قصص المخاطر، والموت، والاستغلال، والعذاب. مهمتنا فعليا التوعية، ولدينا خطة لزيارة المحافظات، وسنقوم بهذا التحرك بسرعة قبل الانتخابات، وسنسافر أسوان والأقصر قبل الصيف، وبعد ذلك دمياط، والجيزة، والقليوبية، والشرقية، والمنوفية، قبل رمضان، وبعد رمضان سنسافر البحر الأحمر، ومطروح، والوادى الجديد، وسوهاج، وجنوب سيناء، ونتعاون مع وزير الشباب، الذى وعدنى بتقديم كافة أوجه الدعم، ورئيس هيئة الاستعلامات أيضا، وعدنى ايضا بالدعم ويتعاونون معنا فى نشاطات مختلفة، فنحن شبكة اتصالات، ولسنا منظمة كبيرة، ونشكر وزارة الخارجية، التى أعطتنا المكان، والتجهيزات، وأيضا أعطونا مكان وحدة التوثيق، والصندوق الاجتماعى وعدنا بوجود مكتب فى كل محافظة لتوعية الجماهير، وأن وزارة القوى العاملة والشباب لديهما مشاريع، وسيكون شعار الحملة فى هذه الزيارات هو مصر مستقبلى.
■ بالنسبة للقوى العاملة على وجه الخصوص.. ما وجه التعاون بينكم وبينها؟
- وزارة القوى العاملة مسؤولة عن الهجرة الشرعية، لأنه لا بد من توفير فرص عمل للمصريين، بخاصة العائدين من الخارج، لأنه يمكن استغلال هؤلاء الناس فى هجرة غير شرعية، فالناس الذين عادوا من ليبيا عادوا دون وظيفة، ومنهم من تم الاستيلاء على أمواله وتحويشة عمره، وسيكون عرضة للاستغلال وغنيمة لـ«تجار الموت».
■ هل هناك مساعدات قدمتموها لضحايا الهجرة غير الشرعية؟
- نحن نقوم بعمل صندوق، وسيكون له فعاليات بعد صدور القانون.
■ هل هناك جلسات استماع مع هؤلاء المهاجرين واستمعتم لمشاكلهم؟
- جلسنا مع بعض المهاجرين للخارج، واستمعنا إليهم، وكما ذكرت سنقوم بجولة فى المحافظات، وهذا يحتاج لترتيب.
■ هل تضعين فى الحسبان استغلال داعش لهؤلاء الشباب؟
- الهجرة غير الشرعية تجعل المهاجر عرضة لكل صور الاستغلال، من تجارة مخدرات، وجنس، وأعمال إرهابية، وتجسس، ومن قبل ذلك، نحن نحاول حماية هؤلاء الشباب. والأسوأ من ذلك تهجير الأطفال. وأنا لا أدرى كيف يأتى قلب لهذه الأسر لتدفع الآلاف لتهجير أبنائها، بحثا عن الجنسية الإيطالية أو اليونانية. ومن المهم أن أذكر أن موضوع الهجرة غير الشرعية مرتبط بتنظيم الأسرة، وبالتالى الخطاب الدينى مهم جدا، فليس معقولا إنجاب عشرة أطفال «ييجوا برزقهم ويبيعوا كلينكس فى الشارع، وبعد كده تحاول كمان تهجره، إزاى الواحد يعمل كده فى لحمه؟» فهى منظومة تنموية فيها شق تشريعى وأمنى، وهو الإمساك بالمهربين، وهناك شق توعية بالمخاطر وتنظيم الأسرة.
■ هل أثرت أحداث الربيع العربى وأحداث الدول العربية المضطربة على الهجرة غير الشرعية؟
- بالتأكيد هناك بطالة وتراجع للسياحة والاستثمار ومصانع أغلقت، ويأتى للبلد مهاجرون من دول، ويؤثر ذلك على أبناء الوطن، بالإضافة لعودة المصريين.
■ هل يوجد لدى اللجنة أرقام حول هذه الظاهرة وعدد الضحايا؟
- لدى أرقام من المنظمات الدولية عن عدد من لقوا حتفهم فى البحر المتوسط من جنسيات مختلفة سنة 2014 وهو 3290 وأكيد منهم مصريون، ومن السلطات اليونانية من بداية 2014 وحتى نوفمبر 2014 هناك 2877 مهاجرا غير شرعى، قامت إيطاليا بترحيل 1069 منهم، كما أودعت إيطاليا 1523 دون 18 سنة مراكز رعاية القصر، وهذه كلها بيانات من السلطات الإيطالية، وبعض المصريين تم ترحيلهم لعدم توافر أوراقهم، وعلمت من بعض سفرائنا فى اليونان أن هناك دولة مثل الجابون بها مهاجرون مصريون غير شرعيين، وكذلك بعض الدول الأفريقية، وحدثت لهم مآسٍ، وعصابات سرقت فلوسهم، وكل هؤلاء يذهبون، ولا يبلغون القنصلية، وهو ما يجعلنا لا نعرف الأرقام. وفى الوقت الحالى، السعودية ودول الخليج والأردن ترجع من يجلس بدون إقامة شرعية، وهناك من تجاوز المدة فى الخليج والأردن، ويحاولون توفيق أوضاعهم ولمعرفة عددهم أحاول معرفة المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، حتى يتم التعامل معهم.
■ ذكرت أن القانون سيوقع عقوبة على السماسرة.. فماذا عن الأسر؟.
- كنت أود توقيع عقوبة على الأسر، لكن قانون الطفل حينما درسناه مع مجموعة من المشرعين يكتفى بتوقيع العقوبة على من يتسبب فى الإضرار بالطفل، أما بالنسبة للسماسرة، ففى التعديلات التى وضعناها، فإن عقوبة صاحب المركب تصل إلى السجن، وفى القانون الجديد هناك توقيع عقوبة على المهربين.