عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلاماريام ديسالين، وذلك في حضور وفدي البلدين.
واستهل رئيس الوزراء الإثيوبي الجلسة بالترحيب بالرئيس السيسي والإعراب عن الامتنان لزيارته لإثيوبيا، التي شهدت العديد من مظاهر الترحيب والاحتفاء من الشعب الإثيوبي، مشيرا إلى الفرصة الطيبة التي تتيحها لتعميق كافة مجالات التعاون بين البلدين في إطار الإخاء الذي يجمع بينهما، وبما يعود بالنفع عليهما على كافة المستويات الثنائية والإقليمية والدولية.
واستعرض «ديسالين» قوة الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين سواء من خلال شريان الحياة الذي يجمع بينهما متمثلاً في نهر النيل، أو على الصعيد الديني من خلال علاقة وارتباط الكنيسة الإثيوبية تاريخياً بالكنيسة القبطية المصرية.
وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي وجه الشكر لرئيس الوزراء الإثيوبي على حفاوة الاستقبال والمشاعر الأخوية التي سادت أجواء الزيارة، مشيرا إلى أن عمق العلاقات تاريخياً بين البلدين يقتضي العمل الدؤوب معاً من أجل تصفية تلك العلاقات من أية شوائب قد سادتها خلال عقود ماضية، والعمل على بناء العلاقات الجديدة على قاعدة صلبة وتفاهم مشترك، وتفهم كامل للتطورات التي يمر بها البلدان.
وأوضح السيسي أن إعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث بالخرطوم، الإثنين، ساهم بلا شك في بناء جسور الثقة والتفاهم بين الدولتين والشعبين المصري والإثيوبي، مشدداً على أن تطبيقه العملي يتطلب إبرام اتفاقيات أخرى أكثر تفصيلاً لتوضيحه وتطبيقه بما يضمن تحقيق المنفعة الاقتصادية لإثيوبيا، وعدم إلحاق أي ضرر بمصر.
وفي هذا الصدد، أشار السيسي إلى أن المرحلة المقبلة تقتضى إتمام إنجازات هامة ومُحددة، أهمها البدء في صياغة الاتفاقيات التفصيلية المشار إليها، والاتفاق السريع على المكاتب الاستشارية التي ستقوم بإعداد الدراسات، وتشجيع وسائل الإعلام وقادة الرأي ومراكز الأبحاث في البلدين على تهيئة المناخ اللازم لتعزيز وتطوير العلاقات.
وأبدى رئيس الوزراء الاثيوبي توافقاً كاملاً إزاء كافة خطوات التحرك المقبلة التي طرحها السيسي.
وأوضح «يوسف» أنه تم خلال اللقاء الاِتفاق على تشكيل لجنة وزارية تعمل تحت الإشراف المباشر للسيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي، لبحث تفاصيل اتفاق إعلان المبادئ بغية التوصل إلى اتفاقيات تفصيلية حول كافة الموضوعات التي تضمنها، وستكون عضوية هذه اللجنة مفتوحة أمام الأشقاء في السودان للمشاركة فيها.
وأضاف «يوسف»: أن «اللقاء قد شهد أيضا اتفاقاً على ترفيع مستوى اللجنة المشتركة التي تعقد بين البلدين بالتناوب سنوياً لتصبح على مستوى القمة بدلاً من المستوى الوزاري».
وعلى صعيد دعم العلاقات الثنائية، أشار السيسي إلى العديد من أوجه التعاون القائمة بين البلدين، التي تساهم مصر من خلالها في عملية التنمية في إثيوبيا سواء على الصعيد الاقتصادي أو على مستوى التعاون في مجال تدريب الكوادر والتنمية البشرية، حيث تم تخصيص 50 منحة دراسية كاملة للطلبة الإثيوبيين للدراسة بالجامعة البريطانية في مصر، كما منحت مستشفى سرطان الأطفال «57357» أجهزة طبية عالية القيمة للجانب الإثيوبى، فضلاً عن تدريب 150 طبيباً إثيوبياً في مجال علاج سرطان الأطفال.
ووجه «ديسالين» الشكر للرئيس على المنح الدراسية والمساعدات المصرية المقدمة لإثيوبيا، ولاسيما في مجال الصحة، مشيرا إلى أهميتها بالنسبة للشعب الإثيوبي.
وقال «يوسف»: إن «الرئيس السيسي استهل نشاطه بلقاء مع الرئيس الإثيوبي، ميلاتو تشومي، الذي أكد على فتح صفحة جديدة للعلاقات مع مصر تقوم على بناء الثقة وتحقيق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة»، مشيرا إلى أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، معرباً عن تطلع بلاده لتوسيع هذا التعاون إلى أقصى درجة ممكنة.
وأكد السيسي، خلال اللقاء، حرص مصر على التعاون والتنسيق الفعال مع إثيوبيا، مشيرا إلى أن مصر تتعامل مع ملف التعاون مع إثيوبيا بقلب مفتوح وأيادٍ ممدوة بالخير لما فيه صالح الشعبين الشقيقين، مشددا على أهمية توظيف الزخم الايجابي الناتج عن توقيع اتفاق إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة للعمل بوتيرة متسارعة والاضطلاع بالمسرولية بجهد أكبر يساهم في تطوير ودعم هذا الإعلان من أجل إرساء تفاهمات مستقرة ومستمرة.
وأضاف السيسي: أن «إعلان المبادئ يعد بمثابة خطوة مبدئية تستلزم المزيد من الاتفاقيات التفصيلية لتوضيح وتطبيق الخطوط العريضة التي تضمنها إعلان المبادئ، وتبديد أي شكوك إزاء سد النهضة».
واستمع السيسي، أثناء اللقاء، إلى عرضٍ قدمه الرئيس الإثيوبي حول فلسفة بناء سد النهضة، الذي يستهدف توليد الكهرباء في المقام الأول، موضحا أن بلاده تتطلع للاعتماد على الاقتصاد الأخضر، ومصادر الطاقة النظيفة لإنتاج الكهرباء من المساقط المائية، وذلك بدلاً من الاعتماد على القطع الجائر لأشجار الغابات الذي سيؤدي إلى انتشار التصحر، ويقلل من نسبة بخر المياه، مما سيؤثر سلباً على كمية الأمطار التي تسقط على منابع النيل الإثيوبية، ومن ثم يقل الإيراد السنوي للنهر من المياه.
وأكد الرئيس الإثيوبي أنه لن يتم التأثير على حصة المياه المتدفقة إلى دول المصب بعد تشغيل التوربينات الخاصة بالسد، وأن بلاده ملتزمة بتحقيق ذلك، مشدداً على ضرورة بناء الثقة المتبادلة بين البلدين، انطلاقاً من مصيرهما المشترك، مؤكدا أنه حينما يعم الرخاء في إحدى الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، فإنه سيمتد إلى الدولتين الأخريين.
وأكد السيسي أن مصر تتمنى الخير للجميع، موجها الشكر للرئيس الإثيوبي على تأكيده بعدم التأثير على حصة المياه المتدفقة لدول المصب، مؤكداً أن التوقيع على إعلان المبادئ يعد خطوة على الطريق الصحيح.
وأضاف السيسي: أنه «يتعين ترجمة حُسن النوايا إلى اتفاقيات ملزمة تقضي على بواعث القلق وتبث الطمأنينة في النفوس، وتترك إرثاً من التفاهم والتعاون المشترك لأجيال المستقبل من شعوب الدول الثلاث، بما يمكنها من الالتزام بها والعمل وفقاً لها».
وقال «يوسف»: إن «الرئيس الاثيوبي أبدى تفهماً تاماً وتوافقاً كاملاً لما أشار إليه الرئيس، معرباً عن تطلع بلاده لتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين المصريين على زيادة التبادل التجاري ودفع العمل والاستثمار في إثيوبيا».
وفي هذا الصدد، أشار السيسي إلى أن تطور واستقرار العلاقات بين البلدين يمثل في حد ذاته رسالة إلى رجال الأعمال، بل إلى العالم أجمع حول أهمية تكاتف الأيدي والعمل معاً لصالح الأجيال المقبلة.
وسجل السيسي، في ختام اللقاء، كلمة في سجل التشريفات بالقصر الجمهوري الإثيوبي، أكد فيها على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين.