أغلبية الناس يرون المعادلة بهذا الشكل: هناك موهبة ربانية خالصة اسمها ليونيل ميسي.. في مُقابل أكثر لاعب مجتهد ومقاتل في العالم والذي طور مستواه بشكلٍ مستمر طوال سنوات وسنوات دون يأس أو كلل كي يظل دائمًا قادرًا على المنافسة.. واسمه كريستيانو رونالدو.
المعادلة ليست بعيدة عما أراه في الحقيقة، «ميسي» هو الموهبة اللاتينية المكتملة، تلك الخفة وسرعة الحركة والتلاعب بالمراوغة ورؤية الملعب أمرًايتعلق قبل كل شيء بالـ«موهبة»، بالشيء الذي يُمْنَح أكثر مما يُكْتسب.
«رونالدو» على العكس غالبًا، القوة الجسدية المذهلة وتطوير مهارات التصويب واللعب بالرأس والجري بالكرة، وغيرها من الأمور، هي أشياء تزداد بفضلِ عمله الشاق، Hard Work، على نفسه، ذلك التعب والجهد اليومي لكي يكون في «فورمة» لائقة.. واللائق بالنسبة له هو أن يكون أفضل لاعب في العالم، وليس أقل من هذا.
ولذلك، فكلاهما يثير الإعجاب في نواحٍ عدة. وفي ليلة الأحد، حين يلتقي برشلونة وريـال مدريد في لقاء قمة الدوري الأسباني، والذي يمكن أن يحدد بنسبةٍ كبيرة اتجاه اللقب، ستنقلب المعطيات المميزة لـ«ميسي» و«رونالدو»، الأول هو من سيدعمه عمله الشاق على نفسه، والثاني هو من يمكن أن تنقذ موهبته فريقه.
«ميسي» قدام شهورًا أولى متوسطة جدًا في الدوري الأسباني وبطولة أوروبا، كان جيدًا ولكن ليس «ميسي» المعتاد، معدل أهدافه أقل وتعامله مع المباريات أبطأ، وهو ما أثر على أداء برشلونة ككل، وبدأ الجميع في الحديث عن أن أيامه قد انقضت، وأن العمل الشاق ينتصر في النهاية على الموهبة، لأن «رونالدو» حينها قد صار أفضل لاعب في العالم للمرة الثانية على التوالي ويعيش قمة أيامه، والفارق الرقمي بين اللاعبين –رونالدو أحرز 25 هدفًا مع ديسمبر.. في مقابل 12 فقط لميسي- كان مؤشرًا واضحًا بالنسبة للكثيرين.
ما حدث منذ ذلك الوقت أن «ميسي» مارس عملًا شاقًا على نفسه، وزنه صار أقل، بدأ في تدريبات أزيد –كما قال زميله ماسكيرانو في تصريحٍ قبل أسابيع-، عوضًا عن عمل آخر فني بشأن التقبُّل والإبداع في دوره الجديد داخل الملعب كجناحٍ أيمن وليس مهاجم وهمي كما يلعب منذ سنوات، كل هذا (العمل) أتى ثماره في الأشهر الثلاثة الماضية، عاد كـ«ميسي» القديم الذي يتغنى العالم به في نهاية كل أسبوع، معدل أهدافه زاد حتى تجاوز رونالدو في قمة هدافي الليجا مع منتصف مارس -32 في مقابل 30- والأهم فنيًا أن معدل صناعته للأهداف والكرات الحاسمة صار حاسمًا جدًا، ولعل مباراة مانشتسر سيتي الأخيرة ليلة الثلاثاء في الكامب نو هو خُلاصة كل ما هو مميز ورائع بشأن «ميسي» الأشهر الثلاثة الماضية.
«رونالدو» لم يعش أفضل أيامه في هذا الوقت، معدل أهدافه أقل، ومستواه كذلك، بالتزامن مع –أو ربما سبب لـ- هبوط مستوى ريـال مدريد ككل من أقوى نادي في العالم مع نهاية 2014 لفريق يخسر 3-4 أمام شالكة في سانتياجو بيرناباو مع انقضاء ثُلث 2015 الأول.
أفضل لاعب في العالم لم يَقم بعملٍ شاق في الأشهر الثلاثة الماضية، أو لم يظهر ذلك عليه مع الفريق على الأقل، يعيش أيامًا مرتبكة مع بعض زملاءه في الفريق.. مع جماهير الـ«بيرنابيو»، وربما لأسباب شخصية أيضًا كما تشير بعض الصحف الأسبانية، ولذلك فإن ما يمكن منحه في ليلة الأحد هو (الموهبة)، القدرة الفائقة والحاسمة على إنهاء بعض المباريات بلمحة استثنائية امتلكها مع تراكم السنين، لمحة واحدة فقط قد تمنح المباراة لمدريد بدلًا من برشلونة.
من ناحية هناك سواريز ونيمار وراكيتيتش وإينيستا وماسكيرانو، ومن ناحيةٍ أخرى هناك بيل وبنزيمة وإيسكو وكروس ومودريتش، ولكن المباراة تظل دائمًا–بشكلٍ أو بآخر- بين «ميسي» و«رونالدو»، ويكون أداءهم، سواء جيد أو سيء، هو الحاسم في الكثير من الأحيان، وصدام الأحد سيكون من جديد صدامًا بين موهبة أحدهم وعمل الآخر الشاق على نفسه.. حتى لو اختلف التوصيف جانب الموصوف تلك المرة.